قرابة الـ3 قرون.. تاريخ صناعة «كسوة الكعبة» في مصر وعلاقتها بـ«شجر الدر»

كسوة الكعبة
كسوة الكعبة

تاريخ صناعة كسوة الكعبة من مصر .. 275 عام الكسوة تخرج من المحروسة
«خرج من الخرنفش».. تعرف على قصة آخر محمل لـ«كسوة الكعبة»
رحلة عبر تاريخ كسوة الكعبة من مصر … شجر الدر أول من أرسلت الكسوة من مصر 

كسوة الكعبة المشرفة، لها تاريخ منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم وإلي يومنا هذا، حيث في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل الإسلام، كانت الكعبة تُغطى بالأقمشة والستائر الملونة، وبعد فتح مكة عام 630 م، أزال النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأصنام والتماثيل من الكعبة وطهرها، وجرى استبدال الستائر القديمة بستار أبيض بسيط.

شجر الدر أول من أرسلت «كسوة الكعبة»

اقرأ أيضا : شؤون الحرمين تطبق أحدث التقنيات العالمية لصيانة كسوة الكعبة المشرفة

تعتبر شجر الدر، سلطانة مصر، أول من أرسلت كسوة الكعبة من مصر، عندما ذهبت للحج؛ فصُنع لها هودج مربع عليه قبة جلست فيها ومعها الكسوة، وخلفها تسير قافلة الحجاج ومنها أطلق عليها مسمى المحمل. 

حجاج العالم يحجون من مصر الي مكة

لم يكن المحمل ليخرج بالمصريين فحسب، بل كان يصحبه الحجيج من بلاد المغرب الإسلامى، بما فيه الأندلس وبلاد إفريقيا أو القادمين عن طريق البحر من البلاد العثمانية، وكثيرًا ما كان يأتى أمراء وملوك تلك البلاد قاصدين الحج، وكانوا يجتمعون في القاهرة ليتوقفوا بتلك المحطة المهمة، وكان سلاطين مصر المملوكية يلقبون بخدام الحرمين الشريفين.

الكسوة في عهد الدولة الفاطمية والمملوكية

اهتم الحكام الفاطميون، بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون، وفى عهد الدولة المملوكية، وتحديدًا في عهد السلطان الظاهر بيبرس، أصبحت الكسوة ترسل من مصر رسميًا، وكان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد، ولو وصل الأمر إلى القتال، وكانت هناك محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة، من قبل الفرس والعراق، لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم فيه.

موكب كسوة الكعبة


كان موكب كسوة الكعبة عبارة عن جمل يحمل الكسوة، وخلفه جمال تحمل المياه وأمتعة الحجاج، وخلفه جُند يحرسون الموكب حتى الحجاز، ومن ورائهم رجال الطرق الصوفية، يدقون الطبل ويرفعون الرايات، وبعد الحج يعود المحمل حاملا الكسوة القديمة للكعبة، بعد استبدالها بالكسوة الجديدة، وتقطع قطعا وتوزع على النبلاء والأمراء، وما زالت هذه القطع موجودة في متحف كسوة الكعبة، وبعضها في قبور العائلة الملكية بمصر، حيث زينوا بها أضرحتهم كنوع من التبرك.

حماية الحرمين لمصر

وتذكر كتب التاريخ، بأن حماية الحرمين لمصر، تأكدت بصفة قاطعة، أيام سلاطين المماليك، إذ اعترف حكام اليمن بحق مصر في صناعة الكسوة، بعد اعتقال المماليك ملك اليمن «المجاهد»، عام 751 هجريا، وأرسلوه إلى مصر مكبلا بالأصفاد، لكونه جاء من اليمن بكسوة بيضاء، وأراد إزالة الكسوة المصرية، ونتيجة ذلك أوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبدالملك الناصر محمد بن قلاوون، عام 751«هجرية»، وقفا لضمان تمكن مصر من كسوة الكعبة كل عام، (قريتين من قرى القليوبية)، هما «بيسوس وأبوالغيث»، وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويًا وظل هذا النظام قائما إلى عهد السلطان العثمانى سليمان القانونى، وأدخل الزركشة على حلة الكعبة، وقام بكسوة مقام إبراهيم الخليل، وأضاف سبع قرى إلى وقف الكعبة، لتصبح تسع قرى، للوفاء بالتزامات الكسوة، وظلت الكسوة ترسل بانتظام من مصر، سنويا، يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري.

صدام محمد على والوهابيين تسبب في وقف إرسال كسوة الكعبة من مصر

وفى عهد محمد على باشا، توقفت مصر عن إرسال الكسوة، بعد صدام بين الوهابيين في الأراضى الحجازية، وقافلة الحج المصرية عام 1222هـ، الموافق عام 1807م، أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ. وخلال العام 1233 هجريًا، في عهد الدولة العثمانية، أنشئت دار لصناعة كسوة الكعبة، بحي الخرنفش بالقاهرة، وهو حي عريق، يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، ومازالت بقايا الدار قائمة حتى الآن.

ظلت الكسوة تصنع في مصر حتى عام 1381 هجريًا، 1962 ميلاديًا، إلى إن توقف خروج كسوة الكعبة من مصر لأسباب ترتبط بالملفات السياسية آنذاك، حيث تحولت دار الكسوة في مصر، التي احتضنت صناعة الكسوة نحو 150 سنة إلى مخازن لوزارة الأوقاف المصرية.