فى المليان

قـمـة الـبحـرين مع فـلـسـطـين الوحدة العربية الهدف النهائى

حاتم زكريا
حاتم زكريا

بعيداً عن المذكرة التى أصدرها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم الإثنين الماضى 20 مايو، بطلب اعتقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين، وثلاثة من قادة حماس، والتى تحتاج منا إلى بحث مطول، فإن ما يهمنا اليوم هو استعراض الأحداث على الساحة العربية والداخلية فى الفترة الأخيرة، نجد أنه فى بداية الأسبوع الثالث من شهر مايو الحالى، لم يكن هناك أمامنا محاولة للاختيار لتجنب أو تناول إشارات سريعة حول مؤتمر القمة العربية الثالثة والثلاثين، الذى اختتمت أعماله يوم الخميس الماضى بالعاصمة البحرينية المنامة، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى، والملوك والرؤساء العرب، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومشاركة أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وفيليب لازارينى مفوض عام الأونروا فى الجلسة الإفتتاحية..

وفى كلمته فى القمة، أكد الرئيس السيسى أن مصر ستظل على موقفها الثابت فعلاً وقولاً، برفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسرياً، أو من خلال خلق الظروف التى تجعل الحياة فى قطاع غزة مستحيلة، بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها. كما أكد الرئيس أن القمة العربية تنعقد فى ظرف تاريخى دقيق، تمر به المنطقة، ما بين التحديات والأزمات المعقدة فى العديد من الدول، إلى الحرب الإسرائيلية الشعواء ضد أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق، وأن هذه اللحظة الفارقة تفرض على جميع الأطراف المعنية الاختيار بين مسارين، هما مسار السلام والاستقرار والأمل، أو مسار الفوضى والدمار الذى يدفع إليه التصعيد العسكرى المتواصل فى قطاع غزة.. وأضاف الرئيس أن التاريخ سيتوقف طويلاً أمام تلك الحرب، ليسجل مأساة كبرى عنوانها «الإمعان فى القتل والانتقام، وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه، والسعى لتهجيرهم قسرياً، واستيطان أراضيهم، وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولى بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية». 

وقال الرئيس: «إن أطفال فلسطين الذين قُتِل ويُتم منهم عشرات الآلاف فى غزة، ستظل حقوقهم سيفاً مصلتاً على ضمير الإنسانية، حتى إنفاذ العدالة، من خلال آليات القانون الدولى ذات الصلة»..

وأوضح الرئيس أنه بينما تنخرط مصر مع الأشقاء والأصدقاء فى محاولات جادة ومستميتة لإنقاذ المنطقة من السقوط فى هاوية عميقة، فإننا لا نجد الإرادة السياسية الدولية الحقيقية الراغبة فى إنهاء الاحتلال، ومعالجة جذور الصراع عبر حل الدولتين، ووجدنا إسرائيل مستمرة فى التهرب من مسئولياتها، والمراوغة حول الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، بل والمضى قدماً فى عمليتها العسكرية المرفوضة فى رفح، فضلاً عن محاولات استخدام معبر رفح من جانبه الفلسطيني، لإحكام الحصار على القطاع.. وأشار الرئيس إلى أن ثقة الشعوب بعدالة النظام العالمي، تتعرض لاختبار لا مثيل له.. 

وقد صدر عن مؤتمر القمة رقم 33 «إعلان البحرين» الذى أدان العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ورفض تبريره تحت أى ذريعة. كما أكد رفضه القاطع لأى محاولات للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى من أرضه بقطاع غزة والضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، مع تأكيد الدعوة إلى إتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار الفورى والدائم، وإنهاء العدوان فى قطاع غزة، وتوفير الحماية للمدنيين، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين..

ودعا القادة العرب إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، إلى حين تنفيذ حل الدولتين.. ودعا «إعلان البحرين» إلى خروج قوات الاحتلال الإسرائيلى من جميع مناطق القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه، وإزالة جميع المعوقات، وفتح جميع المعابر أمام إدخال المساعدات الإنسانية لجميع سكان القطاع، وتمكين منظمة الأمم المتحدة، وخصوصاً وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» من العمل والقيام بمسئولياتها بحرية وأمان..

ودعا الإعلان إلى ضرورة مواصلة العمل المشترك لمواجهة هذا العدوان الغاشم.. وإلى ضرورة العمل لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطينى الشقيق فى إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. 

وأكد «إعلان البحرين» ضرورة وضع سقف زمنى للعملية السياسية والمفاوضات، لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ قرار حل الدولتين، على أن يتم بعده إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، بإقامة الدولة الفلسطينية.

وفيما يخص سوريا، أكد إعلان البحرين ضرورة إنهاء الأزمة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها. كما أكد إعلان البحرين أن الأمن المائى لكل من القاهرة والخرطوم، هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربي، مع التشديد على رفض أى عمل أو إجراء يمس حقوقهما فى مياه النيل، وأكد الإعلان أهمية المحافظة على أمن منطقة البحر الأحمر، وأن حرية الملاحة فيه تعد مطلباً دولياً يتعلق بمصالح العالم أجمع.. ودعا الإعلان إلى شرق أوسط خال من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وإلى دعم حق الدول فى امتلاك الطاقة النووية السلمية، وعدم تجاوز نسب تخصيب اليورانيوم التى تتطلبها الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية..

ومن الكلمات التى لا يمكن تجاهلها فى الجلسة الافتتاحية للقمة العربية كلمة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، والتى جاء فيها أن قمة البحرين تعقد فى ظروف استثنائية، فالعدوان على الشعب الفلسطينى فى غزة، بكل ما ينطوى عليه من وحشية، يمثل حدثاً تاريخياً فارقاً.. وقد صار العالم مدركاً لحقيقة ساطعة، وهى أن الاحتلال والسلام لن يجتمعا.