العالم ينتخب

قبل نهاية السباق .. بايدن - ترامب من يفوز؟

ترامب - بايدن
ترامب - بايدن

ستة أشهر تفصلنا عن الانتخابات الأمريكية.. صحيح أن معظم الناخبين أخذوا قرارهم بالفعل بشأن بايدن (81 عامًا) وترامب (77 عامًا) أو يعتقدون أنهم فعلوا ذلك. مع ذلك لن يراهن سوى الأحمق بثقة على نتائج  السباق الرئاسي الثاني بين بايدن وترامب ولا يعرف القائمون على استطلاعات الرأى حتى الآن أين يقف كل مرشح.. فمن المرجح أن يتقدم بايدن أو ترامب، ولكن لا شىء يمكن التنبؤ به بشأن هذه الانتخابات أو الأحداث التى تليها. 

معروف أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يتم تحديدها من خلال تصويت وطني. وبدلًا من ذلك، يتم تحديدها من خلال منافسات يفوز فيها الفائز بكل شىء فى الولايات الخمسين، والتى ترسل الناخبين إلى المجمع الانتخابى. أى مرشح يحصل على 270 صوتًا من أصل 538 يصبح رئيسًا.

وعلى الرغم من الاتهامات الجنائية التى يوجهها ترامب إلا أنه يتفوق فى استطلاعات الرأى بفارق ضئيل على جو بايدن فى الولايات المتأرجحة الحاسمة التى ستقرر المجمع الانتخابى الأكثر أهمية مثل أريزونا وجورجيا وميشيجان ونيفادا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن. ومع بقاء ستة أشهر قبل أن يختار الناخبون الأمريكيون رئيسهم المقبل فى 5 نوفمبر القادم. يمثل هذا انعكاسًا مذهلاً لترامب، الذى خرج من البيت الأبيض عام 2021 بنتيجة قياسية - وانخفضت نسبة تأييده إلى 29% بعد أن اقتحم حشد من أنصاره مبنى الكابيتول فى 6 يناير فى محاولة لإلغاء خسارته الانتخابية. 

فى الوقت نفسه ينظر المزيد من الناخبين المسجلين الآن لرئاسة بايدن على أنها فاشلة مقارنة برئاسة ترامب، ووفقًا لاستطلاع أجرته شبكة سى إن إن مؤخرًا  قال 55 % من المشاركين الأمريكيين إن رئاسة ترامب كانت ناجحة مقارنة بـ 39% لبايدن. وانخفضت شعبية بايدن بنسبة 19 نقطة مئوية منذ بداية رئاسته، إلى 35 % فى أبريل، كما بلغت نسبة تأييد المرشح المستقل روبرت إف كينيدى جونيور نحو 10%، وفقًا لأبحاث مركز بيو للأبحاث. ومع ذلك، تبدو انتخابات 2024 بمثابة مباراة متقاربة بشكل استثنائى لسباق 2020. 

يعانى بايدن أيضًا من مشاكل فى الأداء الوظيفى خاصة به تتمحور حول التضخم والهجرة وطريقة تعامله مع الحرب الإسرائيلية على غزة. وتشير الاستطلاعات إلى أن أقلية كبيرة من الناخبين الأمريكيين من السود واللاتينيين والآسيويين يبتعدون عنه. كما تظهر استطلاعات أخرى أن شعبية ترامب منخفضة بسبب مخاوف الناخبين بشأن موقفه من الإجهاض، والقضايا الجنائية الأربع التى يواجهها، والتهديد الذى يشكله على الديمقراطية الدستورية. 
وقال لارى جاكوبس، مدير مركز دراسة السياسة والحكم بجامعة مينيسوتا: «يكاد يكون من المستحيل تخيل فوز بايدن خاصة أن الاقتصاد يتراجع مع ارتفاع معدلات التضخم. ووجود علامات على انهيار التحالف الديمقراطى، بما فى ذلك الاحتجاجات غير العادية واعتقالات الشباب فى الحرم الجامعى، ورد الفعل العنيف بين العرب الأمريكيين فيما يتعلق بمساندة واشنطن للحرب الإسرائيلية على غزة. كيف يمكن لبايدن أن يفوز؟ بالنسبة لترامب تتساءل: كيف يمكن لمرشح يخوض الانتخابات علنًا متحديًا إرادة الناخبين أن يفوز؟ إنها مجرد مجموعة من الاختيارات غير المفهومة.

عادةً، تتضمن الانتخابات مرشحين جديدين أو مرشحًا حاليًا فى مواجهة منافس، مما يخلق مجالًا واسعًا للاكتشافات الجديدة. لكن بايدن (81 عامًا) وترامب (77 عامًا) هما بالفعل أكبر رجلين على الإطلاق يشغلان البيت الأبيض، وهما موضوع عدد لا يحصى من الكتب والمقالات الصحفية والأفلام الوثائقية التليفزيونية.. ومع ذلك، ستجرى انتخابات جامدة فى مشهد غير مستقر.

من الناحية الاستراتيجية، يتلقى ترامب المساعدة من المجموعات الثلاث التى تحركت نحوه فى السنوات الثلاث الماضية: الشباب الأمريكيون من أصل إفريقى فى جورجيا وكارولينا الشمالية؛ الناخبون اللاتينيون فى أريزونا ونيفادا؛ الناخبون النقابيون فى بنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن. ورغم أن بايدن أضعف، إلا ان ترامب لديه القدرة على تخريب حملته الانتخابية بنفسه.

الاقتصاد القضية الأولى للناخبين تشير استطلاعات الرأى إلى أن الاقتصاد هو القضية الأولى للناخبين. ورغم أن الولايات المتحدة نجت من ركود كان متوقعًا على نطاق واسع وتنمو بشكل أسرع مما توقعه الاقتصاديون، فإن التضخم وتكلفة الضروريات مثل الخبز والبيض والبنزين يثقل كاهل الناخبين. ورغم أن بايدن دفع بحزم ضخمة من التحفيز الاقتصادى والإنفاق على البنية التحتية لتعزيز الإنتاج الصناعى. تشير استطلاعات الرأى إلى أن الناخبين يعتقدون أنهم كانوا أفضل حالًا خلال رئاسة ترامب.

بايدن قاد أيضًا رد فعل الحكومات الغربية على الغزو الروسى لأوكرانيا، وأقنع الحلفاء بمعاقبة روسيا ودعم كييف وقدم مساعدات عسكرية لإسرائيل فى حربها على غزة، لكنه يواجه انتقادات حادة من بعض الديمقراطيين لعدم بذل المزيد من الجهد من أجل وقف إطلاق النار أو مطابقة خطابه المتشدد تجاه إسرائيل بالأفعال. كما يمكن أن يضر تكثيف الاحتجاجات الطلابية بشأن الحرب فى غزة بمحاولته إعادة انتخابه، حيث يسعى الجمهوريون ووسائل الإعلام اليمينية إلى تصوير المظاهرات السلمية فى معظمها على أنها عنيفة ومعادية للسامية، على أمل إثارة الانقسام بين الديمقراطيين وتعزيز الشعور بالفوضى وهو ما قد يمكن المرشح الثالث، روبرت كينيدى جونيور، أن يحصد المزيد من الأصوات الحاسمة.

يعتبر ترامب الأكثر تطرفًا مما كان عليه فى عامى 2016 أو 2020- محاولته الثالثة على التوالى للوصول للبيت الأبيض جزئيًا على أنها انتقام من أعداء سياسيين. ويصف مؤيديه المسجونين بسبب الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكى بأنهم «رهائن»، ويصف الحملات التى تستخدم خطابًا بائسًا بشكل متزايد، رافضًا استبعاد أعمال العنف المحتمل فى انتخابات 2024. ويواجه ترامب 88 تهمة فى أربع قضايا جنائية تتعلق بالجهود المبذولة لتخريب انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بشكل غير قانونى بوثائق الأمن القومى السرية وتزوير السجلات التجارية. تعهد ترامب بالانتقام من أعدائه السياسيين. وتعرض لانتقادات من الزعماء الغربيين لقوله إن الولايات المتحدة لن تدافع عن أعضاء الناتو الذين فشلوا فى إنفاق ما يكفى على الدفاع، وأنه سيشجع روسيا على مهاجمتهم. كما ضغط على الجمهوريين فى الكونجرس لوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا قبل تغيير المسار.

فى الوقت نفسه هناك انتقادات من قبل كل من الجمهوريين والديمقراطيين، لتعامل بايدن مع قضية الهجرة واتفاق على أن ترامب حقق نجاحًا فيها. ومازال ترامب يعتبر الهجرة أهم قضية فى حملته وأعلن أنه سينفذ عمليات ترحيل جماعية، وينشئ معسكرات احتجاز، ويستخدم الحرس الوطنى وربما القوات الفيدرالية، وينهى حق المواطنة بالولادة، ويوسع حظر السفر على أشخاص من بلدان معينة. وقد أشار إلى المهاجرين على أنهم «حيوانات» ولم يستبعد بناء معسكرات اعتقال على الأراضى الأمريكية.

كما يرى أن الإجهاض يجب أن يظل قضية دولة وقال إنه سيسمح للولايات التى يقودها الجمهوريون بتتبع حمل النساء ومحاكمة أولئك الذين ينتهكون الحظر الذى تفرضه الولاية.

ولعل الأمر الأكثر أهمية من هذه القضايا هو كيف ينظر الناخبون إلى بايدن وترامب كأشخاص. ويقول غالبية الناخبين إن ترامب أكثر لياقة بدنيًا وعقليًا من بايدن، لكنهم أقل ثقة فى أن ترامب سيتصرف بشكل أخلاقى إذا عاد الى البيت الأبيض.