«أخبار اليوم» تتبنى حملة المليون توقيع لاستعادة الآثار المصرية

د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»

 تمثال رأس الملكة نفرتيتى
تمثال رأس الملكة نفرتيتى

 كتبت: د.آمال عثمان 

في ظل الجهود المصرية لاستعادة تراثنا الحضاري المسلوب، مازالت متاحف عالمية لها مكانتها العلمية والثقافية، تتعامل مع لصوص التاريخ وتشترى منهم الآثار المسروقة، وتشجعهم على نهب التاريخ والحضارة، آخرها تورط «جان لوك مارتينيز» المدير السابق لمتحف اللوفر في إخفاء قطع أثرية خرجت من مصر بطرق غير مشروعة، وقد صدمت القضية المنظورة أمام القضاء الفرنسي الأوساط الأثرية، وأساءت لسمعة فرنسا الثقافية ولعلاقاتها الخارجية! ليس هذا فحسب بل إن بعض المسئولين عن المتاحف العالمية، يرتكبون خطايا فادحة في حق آثارنا، مثلما فعل «ديترش فيلدونج» مدير متحف برلين السابق، الذي عرض تمثال رأس الملكة نفرتيتى الفريد لتجربة عبثية، كادت تعرضه لخطر التشويه والتدمير!! حيث اتفق مع اثنين من الفنانين على وضع تمثال رأس الملكة نفرتيتي، فوق تمثال لجسد امرأة عارية، ونقل التمثال من المتحف إلى الاستوديو الخاص بهما لتصويره، زاعماً أنه يستهدف تحقيق دعاية لتمثال «نفرتيتي»، بالتقاء الفن القديم مع المعاصر، وكسر حدود الزمان والمكان! مما تسبب فى حالة غضب بالأوساط الثقافية في العالم، وتعالت الأصوات المطالبة بإعادة التمثال لمصر.

كما أرسل د. زاهى حواس أمين المجلس الأعلى للآثار آنذاك، خطاباً رسمياً شديد اللهجة لسفير ألمانيا فى القاهرة، اعترض فيه على هذا التصرف العبثى غير اللائق، وعلى إهانة التاريخ المصري، وتشويه تمثال ملكة مصرية عظيمة، لغرض دعائى رخيص، وأن وجود التمثال المصرى فى متحف غير مصرى لا يعنى أنه يمتلكه، بل هو ملك لمصر ولها الحق فى حماية آثارها من ذلك العبث والتشويه، وقدم شكوى إلى مدير منظمة اليونسكو لاتخاذ الإجراءات العاجلة والسريعة، لوقف هذه المخالفة العلمية والأخلاقية.

ومازلت أذكر حينما رفض «فيلدونج» إعارة مصر تمثال رأس نفرتيتي، ليعرض فى افتتاح المتحف المصرى الكبير، ويشاهده العالم فى موطنه الأصلي، متعللاً بالخوف من رفض عودته إلى ألمانيا مرة أخرى، ورد د. زاهى حواس قائلا: «إننا لسنا قراصنة البحر الكاريبي»، فالجميع يدرك أن الدولة المصرية تحترم تعهداتها، وتلتزم بالمواثيق التى توقع عليها، والأمر المثير للدهشة، أن هذا الرجل الذى رفض إعارة مصر تمثال الملكة «نفرتيتي»، هو نفسه الذى حاول التقليل من القيمة الفنية للتمثال، وادعى أنه نموذج صممه الفنان «تحتمس» لطلبة النحت فى عصر العمارنة، لكى يصنعوا على غراره التماثيل والنقوش، وتعليمهم كيفية نحت قاع العين!

جهود استعادة الآثار المصرية التى خرجت بطرق غير مشروعة لم تتوقف عند تمثال رأس «نفرتيتي»، الذى خرج بعملية تدليس ممنهجة مع سبق الإصرار والترصد، قام بها عالم الآثار الألمانى «بورخارت» حينما ادعى أنه مصنوع من الجبس الأبيض، وليس الحجر الجيري، لأن القانون كان يحرم -آنذاك- خروج الآثار المصرية المصنوعة من الحجر الجيري، وإنما امتدت الجهود لتشمل دعوة للمجتمع الدولي، من خلال حملة قومية أطلقها عالم المصريات د. حواس، تستهدف جمع مليون توقيع على وثيقة إلكترونية، فى محاولة للاستفادة من صحوة الضمير العالمى بشأن التراث والآثار، والضغط على المتاحف عبر حملة شعبية، يشارك فيها المثقفون ومحبو التراث الحضارى حول العالم، من أجل استرداد «حجر رشيد» من المتحف البريطانى المعروف باسم «الروزتا»، والقبة السماوية «الزودياك» من متحف اللوفر فى باريس، تزامناً مع افتتاح المتحف المصرى الكبير.

وفور استكمال جمع التوقيعات على الوثيقة، ترسل بشكل رسمى إلى المتحف البريطانى ومتحف اللوفر، ومتحف برلين، حيث تعد عودة تلك الآثار الفريدة لمصر بمثابة اعتراف يعكس التزام المتاحف الغربية بإنهاء أحد الأشكال الاستعمارية، وتعويض عن ماضيها الإمبريالي، ورغم أهمية الحملة فإن عدد التوقيعات على الوثيقة حتى الآن 300 ألف توقيع فقط، وللأسف أغلبهم من الأجانب! لذا قررت «أخبار اليوم» تبنى هذه الحملة القومية، بمناسبة اقتراب موعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، أهم حدث ثقافى فى القرن الواحد والعشرين، ونشر فيديوهات بجميع اللغات لحث مختلف الشعوب على توقيع الوثيقة، ودعم حق مصر المشروع فى استعادة الآثار الفريدة، لتعرض فى المتحف المصرى الكبير، مع وضع «QR» رمز الاستجابة السريعة، ليتمكن القراء من مشاهدة الفيديو والتفاعل معه ونشره على أوسع نطاق.

أكاذيب وادعاءات باطلة

وفى إطار جهود استعادة مصر للآثار الموجودة فى الخارج، نظم طلبة «جامعة أوكسفورد» مناظرة عالمية بين المؤيدين والمعارضين، شارك فيها د. حواس، وعلى الجانب الآخر «جيمس كونو» الرئيس التنفيذى لمعهد بول جيتى، و«سابين هاج» مديرة «متحف كونسثيستوريستشس» بالنمسا، و«فيم بيتجبيس» مدير «متحف ريجكس» فى هولندا، وزعم الجانب الرافض لعودة الآثار، سوء الأوضاع فى المتاحف المصرية، وإخفاق مصر فى الحفاظ على آثارها، وما قد يصيب القطع الفريدة من أضرار نتيجة الثورات، وما يمكن أن يحدث من ترميمات خاطئة للآثار، وعلى ذلك فوجودها فى متاحفهم يحفظ ويصون آثارنا!!
وفى المقابل جاء تعليق د. حواس، بأن مصر لا تطالب باسترداد كل الآثار الموجودة فى المتاحف العالمية، لأن أغلبها خرج فى الماضى بطرق قانونية، سواء من خلال الإهداءات أو الشراء أو القسمة مع البعثات، لكننا نطالب باستعادة القطع الفريدة التى خرجت بطريقة غير مشروعة، وتشكل جزءاً من الهوية المصرية، مثل «حجر رشيد»، و«رأس نفرتيتي»، و«الزودياك»، والمكان الطبيعى لعرضها هو المتحف المصرى الكبير، وطالبهم بتوقف المتاحف عن الاستمرار فى التصرفات الاستعمارية، من خلال شراء الآثار المسروقة، وتشجيع اللصوص على سرقة الآثار وتدميرها، وأشار إلى أن الادعاء بسوء أحوال المتاحف، وعدم الحفاظ على آثارنا، لا يعدو سوى كلام يراد به باطل، لأن مصر تبنى أكبر وأعظم متحف للآثار المصرية فى العالم، وافتتحت متحف الحضارة الذى ليس له مثيل، إلى جانب 22 متحفاً فى أرجاء مصر، و خلال الثورة لم تحدث سوى سرقات قليلة جداً، وأعيد أغلبها مرة أخرى، بينما سرقت جميع المحلات حينما انقطع التيار الكهربائى عن نيويورك!! وتعرض المتحف البريطانى لسرقة 200 قطعة أثرية دون وجود أحداث أو مبررات! أما عن أخطاء الترميم، فهو أمر يحدث فى جميع دول العالم.. وللحديث بقية.