نحن والعالم

الأمتار الأخيرة

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

بعد دخول جيش الاحتلال الاسرائيلى شرق رفح وسيطرته على الجانب الفلسطينى من المعبر وموافقة مجلس الحرب على استمرار العمليات، انقسمت الآراء حول ما اذا كان نتنياهو سيُقدم على توسيع الاجتياح البرى للمدينة ام سيكتفى بعملية محدودة تمنحه السيطرة على بعض المناطق الاستراتيجية.

فهناك معسكر يرى ان الضغوط الدولية وضعف التأييد الأمريكى والضغوط الشعبية لأهالى المحتجزين لدى حماس والذين يطالبون بوقف الحرب واسترداد الأسرى، ستكبل يد نتنياهو وتمنعه من الانخراط فى عملية كبرى فى رفح المكتظة بالنازحين والتى سيمثل اجتياحها كارثة انسانية كبرى تحرج امريكا وتزيد من عزلة اسرائيل الدولية. ويرى هؤلاء ان رفح اخر كروت نتنياهو ويجب ان يلعبها بحذر وأن الاجتياح الجزئى لشرق المدينة مجرد عامل مساعد للضغط على حماس لتليين مواقفها وإجبارها على قبول الشروط التى تريدها إسرائيل لإقرار هدنة وإتمام صفقة لتبادل الأسرى.

فى المقابل يرى معسكر آخر ان إطالة امد الحرب وتوسيع نطاقها هو جهاز التنفس الاصطناعى الذى يعيش عليه نتنياهو والذى يعلم ان محاسبته ستبدأ فى اليوم التالى لنهاية الحرب وأن أفضل فرصة له للنجاة هى تسوية ما تبقى من غزة بالأرض والادعاء بأن حماس هُزمت وإعلان نصر وهمى. كما يرى هؤلاء أن تكثيف العملية العسكرية فى رفح هو وسيلة نتنياهو لتخفيف ضغوط اليمين المتطرف الرافض لاتفاق الهدنة والمصر على استمرار الحرب والذى يهدد نتنياهو بالانسحاب من الائتلاف وإسقاط الحكومة التى ستسقط معها الحصانة عن نتنياهو ليجد نفسه فى مواجهة قضايا فساد تنتظر خروجه من عرينه لتنهى حياته السياسية وترسله لغياهب السجن.

وما بين هذين الرأيين سيظل الخيار الذى سيذهب اليه نتنياهو مرهوناً بمصلحته الشخصية ما لم تٌفرض عليه خيارات أخرى، لكن فى كل الأحوال فإن دخوله رفح يعنى انه بدأ يركض فى الأمتار الأخيرة من مشواره السياسى، وأن وقته يقارب على الانتهاء وأوراقه تنفد مع نفاد بنك أهدافه. لأنه بعد رفح لم يعد هناك ما يمكن تدميره او تحقيقه.