مطالب تنتظرها المرأة المصرية فى قانون الأحوال الشخصية الجديد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

نهى‭ ‬رجب

  داخل الغرف المغلقة في عش الزوجية تتعرض بعض الزوجات لجرائم عديدة لا يعاقب عليها القانون منها؛ هجر معنوي.. عنف.. اغتصاب وإجبار على التنازل عن حقوقها الزوجية مقابل الحصول على حريتها.. خطف أطفالها وحرمانها منهم كنوع من الانتقام، كلها أشكال من الجرائم الاسرية التي قد تؤدي إلى كوارث ولكن للأسف الشديد هذه الجرائم لا يعاقب عليها الزوج؛ ومن هذا المنطلق أصدر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بحثًا بعنوان «موقف القضاء المصري من قضايا العنف ضد المرأة» أعدت البحث دكتورة فادية أبو شهبه أستاذ القانون الجنائي بالمركز؛ حيث سلط الضوء على أغلب المعاناة التى تعاني منها المرأة بشكل عام والزوجة بشكل خاص وموقف القضاء والتشريع الجنائي من هذه القضايا الشائكة من ناحية التجريم والعقاب، مزيد من التفاصيل فى السطور التالية.

ولنبدأ بتساؤلات الدراسة؛ ما موقف التشريع الجنائي المصري الحالي من الجرائم التى تقع بين الأزواج، وهل يجرم المشرع الجنائي المصري مشكلات: الهجر المعنوي للزوجة، الاغتصاب الزوجي، الابتزاز الزوجي للتنازل عن الحقوق الزوجية والبلاغات الكيدية من أحد الزوجين تجاه الزوج الآخر؟! ام أن هناك فراغًا تشريعيًا فى هذا الصدد؟!

هل يجيز المشرع المصري الجنائي التصالح فى الجنايات التى تقع بين الزوجين كجنايات هتك عرض الزوجة والضرب المحدث «عاهات مستديمة» وإجهاض الزوجة عمدًا؟، أيضا لماذا لا يساوي المشرع الجنائي بين المرأة والرجل فى جرائم الزنا والقتل العمد المرتبط بالزنا؟ من ناحية التجريم والعقاب.

مبدأ أرسته أحكام محكمة النقض بشأن حق الزوج فى تأديب زوجته حدده»ألا يحدث أثرًا بجسم الزوجة؛ ففي احدى القضايا اتهمت النيابة العامة الزوج بضرب زوجته عمدًا مع سبق الإصرار؛ بأنه عقد العزم وبيت النية على ضربها وأعد لذلك أداة «حزام بطرف معدني» وانهال به على جسد المجني عليها زوجته فأحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موتها، وإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند اليه، فلايجوز أن يتعدى الايذاء الخفيف فإذا تجاوزالزوج هذا الحد كان معاقبًا عليه قانونًا.

وقد عبرت محكمة النقض عن ذلك؛ فقضت بأن «جريمة إحداث الجروح عمدًا لاتتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه وصحته ويكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم.

بالنسبة لجرائم السرقة والتبديد بين الزوجين؛ يشترط القضاء للعقاب على جريمة السرقة بين الزوجين توافر نية خاصة هى نية التملك للشىء المسروق ذلك أن القصد الجنائي فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت أرتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ويكفي أن يكون ذلك مستفادا منه إلا أنه أذا كانت النية محل شك فى الواقعة المطروحة أو كان المتهم يجادل فى قيامها لديه.

اشترط القضاء للعقاب على جريمة تبديد المنقولات الزوجية توافر القصد الجنائي لدى المتهم وهو أنصراف نيته لذلك، أما إذا خلت الاوراق من توافر ذلك القصد وكانت الواقعة محوطة بالشكوك والريب فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم تعين القضاء بالبراءة؛ ففى قضية تخلص وقائعها إلى قيام الزوجة باتهام زوجها بتبديد منقولاتها الزوجية التى استلمها بموجب قائمة أعيان جهازها البالغ قيمتها 25388 جنيه وأختلاسها لنفسه أضرار بها، الامر الذي ينطوي على الجريمة المنصوص عليها فى المادة 341 من قانون العقوبات؛ حيث قضت المحكمة الاستئنافية بحبس المتهم أسبوع، وطعن الزوج على الحكم فقضت محكمة النقض بألغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا ببراءة الزوج المتهم على سند أن المتهم قد عرض المنقولات الزوجية على المدعية بالحقوق المدنية مرتين والثالثة بموجب المحضر الإداري رقم 2028 لسنة 2000 قسم جرجا وبالاطلاع عليه تبين مطابقة ما هو معروض لقائمة أعيان جهاز المدعية بالحق المدني، وقد خلت الأوراق مما يفيد توافر القصد الجنائي لدى المتهم وهو انصراف نيته الى إضافة المال الذى تسلمه إلى ملكه أو اختلاسه لنفسه، ولا يتوافق فى ذلك ماثبت بالأوراق من أن المتهم لم يعرض مشغولاتها الذهبية، وقد تأيد ذلك من أقوال شاهديها حيث قررا أنها خرجت من منزل الزوجية بحقيبة ملابسها اذ ليس من المقبول أن تخرج من منزل الزوجية بملابسها وتترك مصاغها فإن الواقعة محوطة بالشكوك والريب فى صحة أسناد التهمة الى المتهم، ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من التهمة المسندة اليه عملا بالمادة 1304 من قانون الاجراءات الجنائية.

القتل والزنا

وقالت الدراسة؛ تطلب القضاء فى جرائم القتل العمد بين الزوجين قصدا خاصا هو توافر نية إزهاق الروح وتشدد فى توافرها للحكم بالعقوبة؛ ففى قضية ترجع وقائعها إلى قيام زوجة بقتل زوجها نظرًا لوجود خلافات بينهما مستمرة وذلك بسبب سلوكها السيئ وارتدائها ملابس خليعة عند خروجها وسمعتها السيئة؛ حيث أن المجنى عليه دائم الشكوى لأشقائه لخروجها المستمر من منزل الزوجية وغيابها بالساعات دون علمه، لذلك قررت التخلص منه بوضع السم القاتل فى كوب الشاي الذي أعدته خصيصًا له وتوفى عقب ذلك فى الحال؛فقضت محكمة الجنايات عملا بالمادتين 233 و231 من قانون العقوبات وباجماع الاراء معاقبة الزوجة بالإعدام شنقًا،وأيدت محكمة النقض الحكم بعدما توافرت ثبوت نية القتل فى حق الطاعنة.

أما فيما يخص قضايا الزنا يشترط القضاء مفاجأة الزوج للزوجة متلبسة بالزنا، أما إذا كان الزوج عالما بمسلك زوجته فلا يقبل منه الاعتذار بثورة نفسه حينما يشاهدها متلبسة بالزنا فيقتلها وهذا الشرط ينطوي فى الحقيقة على شرطين؛ المفاجأة وكونها لحظة التلبس بالزنا وقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن الاعذار القانونية لايقاس عليه عذر الزوج فى قتل زوجته خاصة بحالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا.

وبالنسبة لإجبار الزوجة على الاجهاض عمدًا قد خصص له المشرع المصرى بابًا مستقلا فى قانون العقوبات هو الباب الثالث بعنوان «إسقاط الحوامل وصنع وبيع الاشربة المغشوشة المضرة بالصحة» وقد حددت العقوبات المقررة لكل صورة منه بينما عرفته محكمة النقض  بأنه «تعمد إنهاء حالة الحمل قبل الاوان» وطبقا للمواد 260 و 261و262و 263 فهى تعتبر «جنحة» ولكنها فى بعض الحالات تكون جناية عقوبتها الحبس من 24 ساعة الى ثلاث سنوات وعقوبتها المشددة السجن المشدد ويمكن للقاضي تخفيف العقاب اذا تمت الجريمة بدافع معقول كالتخلص من طفل مصاب بمرض خطير أما حالات إباحتها اذا كان الحمل خطرًا على حياة المرأة.

تشديد واجب

وشدد البحث على ضرورة تشديد العقوبة في جرائم جنح الضرب، والجرح، والطرد من منزل الزوجية، والعنف الجنسي الذي يقع بين الزوجين وسن تشريع يجرم الهجر المعنوى للزوجة، ووضع استراتيجية إعلامية تستهدف تسليط الأضواء على المشكلات التي تواجه المرأة.

دكتورة ألفت علام عضو مؤسسة قضايا المرأة للدفاع عن حقوق المرأة قالت: «حماية المرأة من كافة أشكال العنف لاتكون بالعقاب وحده بل بتوعية المرأة بحقوقها بالإضافة إلى استكمال التشريعات التى تدعم هذه الحماية، ولايغير من هذه الحقيقة إلا بعض النصوص القليلة التي تميز بين الرجل والمرأة مثل نصوص الزنا، وأفعال الضرب والجرح التى تؤدي مثلا إلى عاهات مستديمة لا تتضمن أي تفرقة فى الحماية بين الرجل والمرأة.

أما الدكتور محمد محسن أستاذ الاستشارات الزوجية فقال: «للاسف الشديد الكثير من القضايا المتعلقة بهجر الزوج أو تعنيفه لزوجته بجميع الاشكال العنيفة مثل الضرب أو الاجهاض عمدًا أو حتى إجبارها على التنازل عن حقوقها الزوجية فى رأي السبب الرئيسي الذي قد يكون صادما للبعض هو تحريض من هؤلاء المتسلفة الذين لديهم أفكار متطرفة على أحقية تأديب الرجل لشريكة حياته بالهجر أو الضرب وفى حالات أخرى القتل أذا أخطأت، والسبب الآخر قد يكون اللوم الدائم خاصة من بعض الاسر التى ترى أن المرأة دائما هى الطرف المذنب، فهناك الكثير من القضايا المعقدة والمركبة التى تملأ ساحات المحاكم المتخصصة فى هذا الشأن، لذلك لابد من تدخل القضاء وسن قوانين جديدة تجرم هذه الافعال وتعطي المراة حقوقها الشرعية. 

اقرأ  أيضا : «مأساة زوجة ».. طلقها غيابيًا بسبب إنجابها طفل يعانى من مشكلات صحية


 

;