صدى الصوت

أفذاذنا .. ثروة قومية

عمرو الديب
عمرو الديب

كنز لا ينفد، ومعين لا ينضب، وثروة مذهلة لايبددها تراكم الأزمان، وتوالى العصور..  إنه رصيد مصرنا الهائل الباقى  من أبنائها النابهين، وأفذاذها الساطعين الذين أشرقوا كالشموس على أرضها فى أفق الأجيال المتتابعة، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من لا يزال حيا،ً يمنح  محيطه عطاء موهبته الفريدة، وإشراقات نبوغه الباهرة، وذلك على مختلف الأصعدة، وفى شتى المجالات.. فى العلوم، والفنون والآداب، وكما ذكرت -كثيراً- فأفذاذ مصرنا عناقيد أقمارٍ ساطعة تزين الآفاق، وهم على صدور أوطانهم أوسمة تتلألأ بالمجد، وأكاليل  على الهامات، تنثر أزاهير الفخار،  والأمم الراقية تحتفى بنوابغها الفائقين، وأفذاذها الفارقين احتفاء خلاباً مستمراً لا تخبو جذوته، ولا تهدأ سطوته على مر العقود والقرون ، وكما قلت -سالفاً-البلاد الواعية الناضجة تدرك أن الفذ عملة نادرة لا تجود الأقدار بمثلها إلا نادراً، ويندرُ ظهورها فى ساحات الأزمان كالأحجار الكريمة فى واحات الطبيعة، وكما أشرت -سابقاً- إلى أن احتفال النمساويين بموسيقارهم الفذ «فولفجانج أماديوس موتسارت» مثال على صنيع البلاد الراقية لتخليد ذكرى أفذاذها، وفاء لعطائهم، وإلهاماً للأجيال، وفى نفس الوقت استثماراً لمكانتهم فى النفوس، وفى الضمائر عبر تسويق آثارهم، وجذب عشاقهم، مثلما فعل النمساويون مع موتسارت الذى جعلوا من منزله مركز جذبٍ سياحى، ووضعوا صورته على قطع «الشيكولاتة»، وكما فعل الألمان مع شاعرهم الأشهر «جوته»، والإنجليز مع «شكسبير»،  والروس مع عباقرتهم الخالدين، وما أكثرهم مثل: «تولستوى»،  و«تشيكوف»، و«جو جول»، و«دستيوفسكى»، و«كورساكوف»،  ومثل صنيع الفرنسيين مع «ألكسندر دوماس»،  و«بلزاك»، و«هيجو» وغيرهم، وبلادنا الخالدة العريقة تمتلك رصيداً مذهلاً من الأفذاذ  على مختلف الأصعدة، ومن شتى الأجيال، وما «نجيب محفوظ»، و«يوسف إدريس»، و«توفيق الحكيم»، من الأدباء مثلاً سوى شموس فى مجرة لا نهاية لها من أفذاذ مصر النابهين، فرصيدنا لاينفد، ولكننا بحاجة إلى فنون التسويق الجذابة البارعة، والدعاية الفعالة المؤثرة. 


وبعض هؤلاء ذكراه تجتذب عشاقه على مستوى عالمنا العربى كالعقاد وشوقى، وبعضها عالمى كمحفوظ، والحكيم، وإدريس، ناهيك عن الساطعين فى المجالات الأخرى وهم كثر ، فقط علينا أن ننشط السياحة الثقافية، فهؤلاء النابغون ليسوا ثروة قومية بالمعنى المجازى فحسب، ولكنهم أيضاً ثروة بالمعنى الحقيقى للكلمة.