التنمر على «ذوى الهمم».. جريمة ضد الإنسانية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

محمد‭ ‬طلعت

لم يرحموا دموعهم وتوسلاتهم، فتنمروا عليهم واعتدوا عليهم بصورة بشعة مستغلين أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، متخيلين أن ضحاياهم لن يجدوا من يدافع عنهم لكن أفكارهم كانت خاطئة واستطاعت العدالة أن تأخذ مجراها في النهاية.. تفاصيل اكثر عن جرائم التنمر على ذوي الهمم والعقوبات المحتملة في السطور التالية.

محمد شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش مع اسرته في إحدى قرى مركز قويسنا بمحافظة المنوفية، حياته عبارة عن مأساة بكل معنى الكلمة فبسبب ظروف إعاقته التي ليس له دخل فيها تعرض للتنمر والمضايقات الدائمة من قبل مراهقين وشباب من قريته.

كان الأمر بالنسبة إليه جحيمًا فكلما كبر في السن تزداد الإساءة إليه ولم يقف معه إلا أفراد أسرته الذين كانوا دائما يدافعون عنه إذا ما حاول أحد أن يتنمر به وزاد الأمر بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة.

قبل عدة أيام أثناء عودته من المدرسة شاهده شابان من اشقياء قريته اللذان كانا يتنمران عليه كلما شاهداه ولكن هذه المرة لم تكن كسابق المرات فلم يتنمرا عليه بالقول كما كانا يفعلان بل اعتديا عليه وهما يضحكان بسخرية منه ويتلفظان بألفاظ نابية.

حاول محمد أن يهرب منهما لكنه لم يستطع أن يفعل شيئا فاستسلم لمصيره في حزن والم، اخذاه حتى وصلا لحوض ري أجبراه على خلع كامل ملابسه وانزلاه داخل الحوض وهو عاري بشكل كامل ليبدأ أحدهما تصويره ببث مباشر على الفيس بوك مع أصواتهما وهما يتنمران عليه بعد ذلك طلب أحدهما من الآخر أن ينزل مع محمد في حوض الري ليستحم معه.

استمرا في تصوير محمد بعض الوقت قبل أن يتركاه ويرحلان عن المكان بعد أن قاما بتشيير الفيديو الخاص بالواقعة على الجروبات الخاصة بالقرية على الواتساب وعلى صفحتهما على الفيس بوك.

عاد محمد لمنزله وهو في حالة نفسية سيئة نتيجة ما تعرض له، وفي المساء عاد شقيقه الأكبر للمنزل، حاول أن يعرف ما جرى لشقيقه الذي ازدادت حالته النفسية سوءًا عن ما كان من قبل، لكن محمد لم يتحدث بالكلام فكانت دموعه هى اللغة  التي نطقت بما حدث له.

فشلت كل المحاولات لكي يجعلوا محمد يقول لهم ما حدث له لكن أثناء ذلك حضر أحد اصدقاء شقيق محمد وأخبره أنه شاهد فيديو مسيئا وضعه بعض من الأشقياء من شباب القرية على جروب خاص بالقرية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.

بلاغ

شاهد شقيق محمد الفيديو وتملكه الغضب الشديد، وقرر الذهاب لقسم الشرطة لكي يبلغ عن الإساءة البالغة التي تعرض لها شقيقه، في قسم الشرطة تم التعامل مع البلاغ بكل سرعة وحسم؛ فعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهمين اللذين اعترفا بقيامهما بتصوير الطالب بهذه الطريقة بداعي الهزار ولم يكن في أفكارهما أي شيء آخر وأنهما بعد أن علما أن ماحدث سيضايق محمد وأسرته حذفا الفيديو، ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية والعرض على النيابة للتحقيق.

لم يكن ذلك الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة هو الوحيد الذي تعرض للاعتداء؛ فهناك فتاة من ذوي الهمم تعرضت للاعتداء الجنسي بصورة بشعة من أحد الأشخاص في منطقة الوراق بالجيزة.

البداية كانت ببلاغ لقسم شرطة الوراق من إحدى السيدات بتعرض ابنتها للاعتداء الجنسي من أحد جيرانهم في المنطقة الذي استدرجها لسطح المنزل الذي تقيم فيه ولامس الاماكن الحساسة في جسدها مستغلا أنها من ذوي الإعاقة ولن تستطيع أن تشهد ضده أو تقدم بلاغا بما حدث.

ام الفتاة قالت؛ إنها رأت ملابس ابنتها ممزقة وهى في حالة عصبية لم تعهدها من قبل، فقامت بتهدئتها وسألتها عما حدث فأخبرتها وسط دموعها أن الطالب جارهم في المنزل هو من فعل بها ذلك.

بعد الاستماع لأقوال الام في المحضر تشكل فريق بحث من ضباط مباحث قسم الوراق والذين أثبتت تحرياتهم قيام المشكو في حقه بارتكاب الواقعة؛ ليتم إلقاء القبض عليه واعترف بارتكابه الجريمة وتحرر محضر بالواقعة وإحالته للنيابة العامة للتحقيق.

القانون

ليكون السؤال هل القوانين الحالية تحمي ذوي الاحتياجات الخاصة في مواجهة ما يتعرضون له من مضايقات وسخافات تشكل في حد ذاتها جريمة؟!،تشير يارا طلعت المحامية؛ إلى أن الدولة دعمت ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة كبيرة في القانون الذي أقر عام 2018 الخاص بذوي الإعاقة والذي تم تعديل بعض بنوده في 2021 لكي تغلظ العقوبة على من يعتدي على ذوي الإعاقة؛ حيث نصت المادة 50 مكرر والتي أضيفت حديثا على «معاقبة المتنمر على الشخص من ذوي الإعاقة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لاتقل عن ٥٠ ألف جنيه ولاتزيد عن ١٠٠ ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين».

وتضيف يارا طلعت المحامية؛ أن عقوبة الحبس قد تتضاعف إذا كان الشخص المتنمر أحد أقرباء المجني عليه أو المتولين تربيته أو ملاحظته فتكون العقوبة بالحبس مدة لاتقل عن ٣ سنين ولاتزيد عن ٥ سنوات وغرامة مالية لاتقل عن ١٠٠ ألف ولاتزيد عن ٢٠٠ ألف وفى حالة العودة تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.

حب التريند!

أما الدكتور احمد عبد الحميد استشاري الطب النفسي فيقول: إن هؤلاء المتنمرين الذي صوروا الشاب عندهم مرض بحب التريند لذلك ارتكبوا فعلتهم، وهؤلاء لديهم مرض نفسي يؤثر على شخصيتهم ويعانون نقصا في شخصيتهم فيعملون على تعويضه بالتنمر على الآخرين لكن هذا لا يعفيهم ابدا من العقاب.

ويضيف استشاري الطب النفسي؛ أن هؤلاء المتنمرين لديهم حالة من العدوانية الشديدة وتظهر بصورة كبيرة في مواجهة من يرون أنه أضعف منهم ويستطيعون أن يخرجوا تلك الشحنة فيه وبالتالي تجدهم دائما يقومون بالاعتداء والتنمر على ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم يرون أنهم ضعفاء ولن يقاوموا ما يحدث لهم من تنمر واعتداء، وما يفعله هؤلاء يعطيهم شعورا بأنهم أقوياء ويستطيعون أن يفعلوا أي شيء ولكن العكس صحيح فهؤلاء مرضى نفسيون مع علاجهم يستحقون العقاب.

اقرأ  أيضا : للآباء والأمهات.. احذروا الأسباب الشائعة لتنمر الأطفال


 

;