حين تزداد حالة الفوضى وحين يقل دور الامن، تنتشر حوادث مخيفة وتتزايد بكثافة، وهو ما تحول إلى كابوس بالفعل في الولايات المتحدة الأمريكية يندرج تحت عناوين عديدة منها حوادث اقتحام واحتلال المنازل والسيطرة التامة على العقارات بوضع اليد، وامام تلك الحوادث تقف القوانين عاجزة عن تقديم حلول سريعة لإنهاء تلك الازمة ليصبح الامر بيد المواطنين الأمريكيين أنفسهم للدفاع عن منازلهم وعقاراتهم دون انتظار القانون.
تقرير خطير يكشف عنه موقع بيزنس انسايدر يشير إلى أن أمريكا الآن مليئة بما لا يقل عن 4.4 ملايين واقعة لواضعى اليد على العقارات وتشير الإحصائيات الاقتصادية إلى أن عددا هائلا من الأمريكيين لم يعودوا يدفعون ثمن العقارات التي يعيشون فيها، وهناك ما يقدر بنحو 475 منزلاً احتلها واضعو اليد في منطقة دالاس فورت وورث بوحدها في ولاية تكساس، وحوالي 125 منزلا في مقاطعة أورانج بولاية فلوريدا.
اقتلوهم بأنفسكم
دفعت تلك الارقام الهائلة إلى وقوع الكثير من الحوادث والقوانين المثيرة للجدل نحو تلك القضية، اشهرها ما شهدته ولاية فلوريدا حيث اختلط دور الشرطة مع دور المواطن إلى حد إطلاق دعوات رسمية تطلب من المواطنين الاستعانة بأسلحتهم الخاصة وقتل مقتحمي المنازل أو السارقين دون الحاجة إلى طلب الشرطة لأنها تستغرق وقتا طويلا ولتقليل الأعباء على مراكز الشرطة، تلك الدعوات لم يطلقها اشخاص عاديون وإنما دعا اليها بوب جونسون، عمدة مقاطعة سانتا روزا، مبررًا دعوته انها لضمان حقوق سكان فلوريدا، وهو ما ينادي به منذ عامين في مؤتمر صحفي على الملأ قائلا؛ «إذا اقتحم شخص ما منزلك، فأنت مُرحب بك لإطلاق النار، في الحقيقة نحن نفضل أن تفعل ذلك»، دفعت تلك الدعوى الجريئة المعارضين إلى وصف العمدة بكونه خاطئ ولا يسعى إلا لتوفير اموال دافعى الضرائب وتوفير مجهود الشرطة، وواجهت دعوى عمدة فلوريدا الانتقادات إلى جانب الثناء الذي تلقاه بسبب تعليقاته حول تشجيع المواطنين على استخدام الطلقات القاتلة ضد مقتحمي المنازل.
محاكمة ممتدة
خرجت القضية إلى الاضواء بكثافة مؤخرًا واستعادت وسائل الاعلام الأمريكية تصريحات العمدة جونسون بسبب محاكمة امرأة تدعى «أديل أندالورو» في مدينة نيويورك؛ حيث واجهت مقتحمي ممتلكاتها أو واضعى اليد على عقار ورثته عن والديها ويبلغ قيمته مليون دولار، وتشير صاحبة العقار أنها بدأت إجراءات المحكمة لسجن مقتحمي المنزل وإبعادهم عنه ألا انهم غيروا اقفال العقار بعد أن عرضته للبيع؛ لتفاجأ بأنها لا تستطيع التحكم في منزلها، واشارت إلى لجوئها إلى الشرطة ووصلت عناصرها إلى مكان الحادث وتحدثوا مع واضعي اليد، وحققت الشرطة معهم حول ما اذا كان لديهم دليل على أنهم يعيشون في المنزل لأكثر من 30 يومًا لإثبات ملكيته بموجب قانون مدينة نيويورك حيث يمكن لأي شخص المطالبة بوضع اليد على العقار إذا عاش فيه لأكثر من 30 يوما.
اكدت «أديل» صاحبة المنزل المسروق أنه يصعب على أصحاب المنازل التخلص من واضعي اليد مؤكدة أن أمريكا بحاجة إلى العمل الجاد لمواجهة تلك الازمة بسبب بطء المحاكمات وصعوبة الوصول إلى حل عادل لأصحاب العقارات وخاصة في ظل وجود ثغرات قانونية عديدة وقالت : «سيستغرق الأمر أكثر من 30 يومًا وسيظل هذا الرجل في منزلي بلا نهاية»، وفي ظل حالة الفوضى التي تشهدها المدن بسبب مقتحمي المنازل والمسيطرين عليها تتكرر قضايا الاستيلاء على المنازل واشهرها حالة في كوينز؛ حيث لم يتمكن زوجان وطفلهما من الانتقال إلى منزلهما الذي تبلغ قيمته 2 مليون دولار بسبب واضعي اليد، وهناك قضية وضع يد شهيرة يعرفها الجميع دون وضع حد لها وهى السيطرة على قصر هوليوود هيلز الذي اقتحمه سكان لوس أنجلوس وامتلكوه بوضع اليد وقاموا بتأجير غرفة لعارضات الازياء والمصورين.
دورات تدريبية
نعود إلى تصريحات عمدة فلوريدا جونسون الذي اكد في مقابلة له منذ ايام قليلة انه متمسك بتعليقاته السابقة بالرغم من موجة الانتقادات التي طالته، بسبب حديثه الإعلامي؛ «إذا أطلقت النار بدقة، وقتلت مقتحم منزلك، فإنك توفر أموال دافعي الضرائب»، واضاف مبررًا حديثه: «إذا قُتل شخص ما أثناء اقتحام منزل، فإن احتمالات عودته إلى ارتكاب الجريمة تكون صفرًا، وهذا ما نريد تحقيقه، وفي مقاطعة سانتا روزا تحديدا لدينا نسبة عالية جدًا من السكان لديهم أسلحة، وأنا أشجع استخدامها، إذا كنت في منزلك ويطرق شخص ما باب منزلك، فإنهم يأتون لارتكاب جرائم، استخدم سلاحك واطلق عليه النار»، تشير التقارير الصادرة عن مكتب عمدة فلوريدا: «إن وقت الاستجابة لمكالمات 911 يتراوح بشكل عام من 3 إلى 5 دقائق، لكن المجرم يمكن أن يلحق الكثير من الضرر بالمواطنين الملتزمين بالقانون خلال تلك الفترة الزمنية، لذلك فهو يشجع المواطنين على تسليح أنفسهم وحماية أنفسهم، وخاصة انه يتم تقديم دورات تدريبية أسبوعية للمواطنين حول سلامة الأسلحة ولمساعدتهم على تحسين مهاراتهم في الرماية».
تهديدات بالقتل
الغريب في الامر أن عمدة المقاطعة اكد أنه منذ اطلاق تصريحاته منذ عامين لم يتلق أى بلاغات بشأن اقتحام المنازل؛ لتنخفض بشكل ملحوظ إلا انه تلقى تهديدات بالقتل وصلت إلى مئات المكالمات والرسائل كل يوم والغريب انه تلقى تلك التهديدات من ولايات عديدة لم يلزم سكانها بتطبيق نصائحه إلا انهم يعارضونه بالرغم من انتشار الازمة بشكل ملحوظ، وأشار جونسون إلى ان ولاية فلوريدا واجهت تلك القضية بشراسة وصرامة بعد توقيع حاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي ينص على أن السكان غير ملزمين بالانسحاب من المهاجم في حالة اقتحام او احتلال منازلهم أو ممتلكاتهم، ليس عليهم التراجع، ليس عليهم تحذير مقتحمي المنازل، فقط يمكنهم إطلاق النار عليهم وقتلهم، وفي ولاية فلوريدا هذا قانوني تمامًا، أما في الولايات الأخرى لا يتوفر فيها ذلك، يخشى الناس امتلاك الأسلحة، ويخافون حماية أنفسهم ولهذا السبب ترتفع معدلات الجريمة في الولايات والمدن الاخرى.
اقرأ أيضا : قتل جاره بملابس الأشباح ومنشار كهربائى بولاية بنسلفانيا
