منى نور تكتب : دراسة تطبيقية فى فلسفة حرمة الجسد

لجنة الاشراف والحكم خلال المناقشة
لجنة الاشراف والحكم خلال المناقشة

حرمة الجسد بين الأخلاق والقانون.. دراسة فى الفلسفة التطبيقية حصلت عنها الباحثة "ولاء صبحى على عكاشة" على درجة الماجستير فى قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ بتقدير امتياز مع التوصية بالطبع.. الرسالة بإشراف د. فتحى شعبان أستاذ الفلسفة الحديثة بالكلية، ود. عادل عبد السميع عوض أستاذ المنطق ومناهج البحث د. نسمة فتحى كواسة مدرس المنطق بالكلية.

من خلال إطروحاتها تعرض الباحثة مشكلة من أهم المشكلات التى ظهرت نتيجة للتقدم التقنى والممارسات البيوطبية والتى كان لها أثر كبير على الحياة الانسانية الخاصة والعامة مشيرة الى أن مهمة الفيلسوف اليوم تتمثل فى صنع نوعٍ من التفكير حول العلوم حيث أصبح القرن الحالى يُعرف بقرن الأخلاق العملية فرضتها طبيعة المشكلات التى يواجهها الانسان فى حياته ولذلك فإن الفلسفة قادرة على وضع نظرياتٍ أخلاقية ذات طابع تطبيقى وكل هذا يدخل ضمن النظرة الجديدة إلى علاقة العلم والفلسفة وقد كان ذلك من خلال المعالجة والتمحيص فى الممارسات اللصيقة بالحياة الإنسانية وقدسية هذه الحياة.

كالحديث عن القتل الرحيم أو نقل وزراعة الأعضاء والإجهاض ومن خلال مناقشة هذه الموضوعات الجزئية بينت الباحثة ما أثارته التطورات التقنية والبيولوجية تداعيات من شأنها انتهاك لحرمة الجسد الإنسانى وقدسيته وبالتالى إهدار كرامته.

اقرأ أيضاً  | المركز القومى للترجمة يطلق النسخة ١٤ من كشاف المترجمين

وقامت الباحثة بابراز الموقف الأخلاقى والشرعى والقانونى من تلك التداعيات التى أثارتها التقنيات والتطورات العلمية وإنقسام كل من هذه المواقف بين مؤيدين ومعارضين.

وتتمثل أهمية هذه الدراسة فى ضرورة معرفة ما أحدثه التطور التكنولوجى الضخم من مشكلات تمثل تعدياً على قدسية الجسد الانسانى ومدى مشروعية بعض الطرق التى يتم التعامل بها مع الجسد ومعرفة مواضع التحريم والتجريم قانونياً وأخلاقياً ودينياً والشروط اللازم توافرها حتى لا تنعقد عليهم المسئولية.
وقد اقتضت طبيعة الدراسة استخدام عدة مناهج متلازمة ولا يمكن الفصل بينها.. هكذا أوضحت الباحثة.
فقد استخدمت المنهج التحليلى والمنهج المقارن والمنهج التاريخى.
وعلى هذه الجدلية تتألف الدراسة من أربعة فصول تناول الأول منها: قدسية الحياة الإنسانية،تقوم فيه الباحثة بإعطاء مفهوم للحياة وقيمتها والجدل الأخلاقى والقانونى حولها مشيرة الى أن المعنى الحقيقى لقدسية الحياة ظهر مع ظهور الديانات السماوية التى أعطت للإنسان أهمية كبيرة فهى قبل كل شئ تؤكد أن الحياة هى من صنع الله وتقتضى حرمة الشخص الطبيعى أن يعترض على أى مساس بسلامة جسده ورفض الخضوع لاجراء التجربة الطبية أو العمليات الجراحية أو التحليل الطبى وله الحق فى سلامة كيانه البدنى..


وجاء الفصل الثانى بعنوان: «الأبعاد الأخلاقية والقانونية للقتل الرحيم» وفيه فندت الباحثة مفهوم القتل الرحيم وقدمت نبذة تاريخية عن فكرة القتل الرحيم وعرضت صوراً له..

وفيه أوضحت أن القتل الرحيم قديم قدم التاريخ حيث كان موجوداً فى جميع الحضارات ولكن مع التطور التقنى أوجدت العلاج والحلول للعديد من الأمراض التى يصعب الشفاء منها ولكن ظلت بعض الأمراض التى استحالت أمامها جميع المحاولات ولهذا اضطر الأطباء إلى استعمال القتل الرحيم رأفة بهؤلاء المرضى من آلامهم التى لا شفاء منها..

وكما كانت مشكلة القتل الرحيم مشكلة عالمية شغلت أذهان العالم بأكمله بكل فئاته وأوساطه منها: الأوساط الدينية والقانونية والفلسفية والأخلاقية وتأرجحت كل هذه الآراء بين الرفض والتأييد..

وفى الفصل الثالث تناولت الباحثة «الانعكاسات الأخلاقية لزراعة الأعضاء» فأوضحت أن الفائدة والعدالة واحترام الأشخاص هى ثلاثة مبادئ أخلاقية تأسيسية تخلق إطاراً للتوزيع العادل للأعضاء النادرة لأغراض الزرع وينبغى أن تسعى سياسات التخصيص إلى إدماج مزيج مناسب من هذه المبادئ مع إيلاء اعتبار متساوٍ للمنفعة والعدالة مع إدماج الجوانب الأساسية لاحترام الأشخاص.. إن سياسة التخصيص التى تزيد من الفائدة الإجمالية إلى أقصى حدٍ دون النظر فى العدالة أمر غير مقبول..

أما الفصل الرابع والأخير فقد ناقشت فيه الباحثة: «إشكالية الإجهاض بين الأخلاق والقانون» فقدمت تعريفاً للإجهاض والآراء الأخلاقية والدينية والقانونية..

وقد خُلصَت من هذا الفصل إلى أن أهم قيم المجتمع المتحضر فى القرن الحادى والعشرين، تتمثل فى حرية القرار، الاستقلال الفردى وتستند مسئوليتها العملية إلى حرية القرار المُحتمل ومن منظور الديمقراطية بفضل عدم تغير حرية اتخاذ القرار أو أكثر من تقييد الحق فى اتخاذ القرار بحرية لاسيما فى الحالات الوجودية الحساسة..

وفى ظل هذه الظروف  تشير الباحثة الى أننا لن نميل للتوزان بأى شكل من الأشكال مؤكدة لوجود حالاتٍ للإجهاض وهناك حالات "ضد" الإجهاض ولا يمكننا أن نضع قاعدة واحدة من جانب واحد من المهم جداً تحليل الحالة بشكل صحيح من قبل كل من المريض والطبيب وأيضا من قبل أخلاقى بيولوجى..

من المهم تسليط الضوء على «تفرد» القضية والظروف المحددة والقرار النهائى يجب أن تكون للشخص الأنثوى الذى يواجه مثل هذا الوضع المأساوى مثل: الإجهاض...

وفى الختام أكدت الباحثة فى نتائجها أن الدراسة تشكلت من  موضوعات مختلفة تباينت منطلقاتها ولكن هدفها واحد هو معرفة ما أثارته التطورات التقنية والبيولوجية الحديثة من تداعيات من شأنها إنتهاك لحرمة الجسد الإنسانى وقدسيته وبالتالى إهدار كرامته  وإبراز الموقف الأخلاقى والشرعى  والقانونى من تلك التداعيات التى أثارتها التطورات العلمية.

فالقضايا الأخلاقية التى يطرحها التطور الهائل الذى عرفته ميادين الطب وعلوم الأحياء أو ما تُعرف بالتقنية الحيوية أو البيولوجية، والتى تستهدف الجسد الإنسانى فى كرامته، تقتضى التدخل من أصحاب القرار،لوضع القيود والضوابط والمبادئ والأحكام التى تحكم هذه الممارسات الطبية والعلمية المُستحدثة الماسة بالجسد البشرى قبل وبعد ميلاده وأيضاً بعد وفاته.

مشيرة إلى أن جملة المشاكل أثارتها الثورة البيولوجية  والعلمية الضخمة التى فاقت كل الآمال والتحديات الأخلاقية إستفزت الفلاسفة واستهجنوا هذه التقنيات وطالبوا بوقفها وإعداد الإنسان للتكيف وحماية نفسه منها.

ولأن القرن الحالى أصبح يُعرف بقرن الأخلاق العملية، لذلك فإن مهمة الفيلسوف اليوم تتمثل فى صنع نوع من التفكير حول هذه العلوم، فرضتها طبيعة المشكلات التى يواجهها الإنسان فى حياته.

وإن الفلسفة قادرة على وضع نظرياتٍ أخلاقية ذات طابعٍ تطبيقي،  وكل هذا يدخل ضمن النظرة الجديدة إلى علاقة العلم والفلسفة.

مما استدعى ذلك فلاسفة الأخلاق لتأسيس القواعد الأخلاقية، وإلى تركيز موقفهم من التقنية التى تستدعى العودة إلى الأخلاق من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان وقدسية حياته.

إن قدسية الحياة: تعنى تقديرنا واحترامنا لها لأنها أثمن من أن تهدر.

لا يمكن الحكم على قيمة أو معنى الحياة إلا بشكل ذاتي، ولا يمكن أن تكون هناك معايير متفق عليها لقيمة الحياة، لأن كل شخص يعلق قيمة مختلفة على مختلف جوانب الحياة، وهذا يتغير أيضًا مع تغير الظروف.

ومن خلال اللمحة التاريخية السريعة عن القتل الرحيم  نجد أن القتل الرحيم قديم قدم التاريخ وكان موجوداً فى جميع الحضارات.

 ولكن مع التطور التقنى أوجُدت العلاج والحلول للعديد من الأمراض التى يُصعب الشفاء منها ولكن ظلت بعض الأمراض استحالت أمامها جميع المحاولات ولهذا اضطر الأطباء إلى استعمال القتل الرحيم رأفة بهؤلاء المرضى من آلامهم التى لا شفاء منها.

وأن القتل الرحيم هو تسهيل موت المريض الميئوس من شفائه دون ألم،وذلك بطرق إيجابية مباشرة وغير مباشرة وطرق سلبية.

فكانت هناك العديد من الأسباب التى تدفع إلى اللجوء إلى القتل الرحيم منها:
رغبة المريض الملحة فى إراحته من الآلام والمعاناة وأيضاً رغبة أهل المريض فى تخليصه من الآلام والمعاناة وكذلك قناعة بعض الأطباء والمؤسسات بالقتل الرحيم ولأسباب أخرى اقتصادية منها: قلة الأجهزة والتزاحم عليها والتكلفة الباهظة للعلاج.

 كما شغلت قضية القتل الرحيم جميع الأوساط الفلسفية و الأخلاقية والدينية والقانونية وكان لها من مناصرين وكان لها من معارضين.

- هناك بعض التشريعات التى أقرت بتأييد الموت الرحيم وهى التشريعات الغربية منها التشريع البريطاني، التشريع الأسترالي، التشريع الأمريكي، التشريع الهولندى.

 التشريعات العربية التى تقر برفض فكرة الموت الرحيم. ومنها: التشريع المصرى و السعودى والسورى واللبناني.

- الشريعة الإسلامية حرمت قتل النفس، وأن مشكلة الموت بدافع الشفقة ليس لها أى أساسٍ فى الشريعة بعض الآراء مؤيدة لذلك ولكن - وأن كلاً من المسيحية واليهودية رفض قضية القتل الرحيم حتى وإن جاءت،يرون أن الحياة هبة من الله لا تُقدر بثمنٍ.