إذا ما كان هناك حرب ممكن أن يطلق عليها «الحرب المنسية» فهى تلك الحرب المشتعلة بجوارنا فى السودان على حدودنا الجنوبية، فهى بالفعل أصبحت منسية ليس لنا فى مصر خاصة، بل منسية من كل الدول العربية والإقليمية وكذلك الدولية.
فلا أحد يتابع الحرب المشتعلة فى السودان الشقيق رغم خطورتها وقسوتها وآثارها المدمرة والسلبية على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والأشد خطراً على الإطلاق آثارها الإنسانية بالغة السوء والتردى.
أدرك أن خطورة الأوضاع فى غزة والمأساة الجارية هناك، فى ظل حرب الإبادة الممنهجة، التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، وعمليات القتل والدمار الجارية هناك ليل نهار طوال الستة شهور الماضية، لم تترك مساحة واسعة للمتابعة والاهتمام بالحرب الجارية فى السودان، بالقدر الذى تستحقه بل وتستوجبه، من المتابع الإقليمى والدولى بصفة عامة، والمتابع العربى بصفة خاصة والمتابع المصرى على وجه الخصوص.
وأدرك فى ذات الوقت المسئولية الجسيمة التى تقع على عاتق الأخوة السودانيين أنفسهم، فى تدهور الأوضاع بالصورة الشديدة التى حدثت هناك، ووصولها إلى حد الاشتباك المسلح بين طرفى الصراع على السلطة فى الخامس عشر من إبريل الماضى، أى منذ عام كامل.
ولعلى لا أتجاوز الواقع أو الحقيقة إذا ما قلت أن أحداً منا أو من غيرنا لا يستطيع أن يبرئ المجموعة السياسية السودانية الأحزاب والمؤسسات والهيئات المدنية من المسئولية فيما حدث وفيما يجرى بالسودان حالياً،...، حيث بات لافتاً للانتباه قلة إن لم يكن غيبة الجهود التى تقوم بها هذه المجموعة لوضع حد للحرب الأهلية الجارية هناك، والتى وصلت بالسودان إلى حالة بالغة السوء والتعاسة.
ولمن يريد أن يعلم الحالة التى وصل إليها السودان الشقيق الآن، فى ظل الحرب والاقتتال الدائر هناك بلا توقف منذ عام كامل، نكتفى بالإشارة إلى التقرير الدولى الصادر أول أمس عن الهيئة العالمية للأمن الغذائى المدعومة من الأمم المتحدة، والذى يعد بمثابة صرخة استغاثة شديدة اللهجة موجهة إلى المجتمع الدولى وكل من يهمه الأمر فى عالمنا العربى بالشأن السودانى.
صرخة الاستغاثة الإنسانية، تقول.. إن سكان ولايات ،الخرطوم، ،والجزيرة، ،ودارفور الكبرى، ،وكردفان الكبرى، وكلها من أكبر الولايات السودانية، أصبحوا مهددين بالوصول إلى أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائى الحاد وسوء التغذية.
وطالب التقرير بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمنع انتشار الموت على نطاق واسع فى السودان، نتيجة أزمة الجوع الكارثية التى باتت تهدد الجميع فى ظل الحرب المنسية من الجميع الجارية بالسودان على طول الاثنى عشر شهراً الماضية وحتى الآن.