حكايات| «كُل فول وصلي على الرسول».. طبق السعادة فوق أربع عجلات

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: مروة أنور

في شهر رمضان تتزين عربات الفول المدمس بزينة رمضان والأنوار، ويعلق البعض عليها عبارات شهيرة  مثل "كُل فول وصلى على الرسول، ملك رمسيس فى الفول، إن خلص الفول أنا مش مسئول"، وذلك لجذب الزبائن إلى الأكلة الشعبية الأولى والتى يعشقها المصريون باختلاف مستوياتهم الاجتماعية، كما أن طبق الفول يعتبر هو الوجبة الأساسية على موائد سحورهم.. وفى السطور التالية نلقى الضوء على حكايات المصريين فى رمضان مع عربات الفول.

عشق المصريين للفول والطعمية ليس جديدًا، وإنما يرجع إلى أجدادنا الفراعنة، حيث توجد نقوش على جدارياتهم فى "وادى الملوك" تشير إلى "الطعمية"، وقد تفنن المصريون القدماء فى طرق صنعها، وهناك نقوش تبيّن كيفية صنع الطعمية وحشوها، وقد أطلقوا عليها "فلافل" وهو الاسم الذى يردده حتى الآن السكندريون .

"آخرساعة" قامت بجولة ميدانية رصدت من خلالها ليالى سهر المصريين على عربات الفول وتناول وجبة السحور، حيث قال محمد إبراهيم: "لا معنى لشهر رمضان إلا من خلال السهر مع أصدقائى وتناول الفول على واحدة من عرباته الشهيرة، وحتى فى الأيام العادية أتناول وجبة الإفطار على عربة  الفول".

◄ العشق الأول والأخير
أما صديقه مجدي مهنا، فقد اعتاد تناول السحور من عربة فول في ميدان رمسيس، ويقول: "طبق الفول هو إدمان المصريين وعشقهم الأول والأخير في شهر الصوم، ولا تكتمل سفرة السحور بدونه، ويتفنن الجميع فى تقديمه بطرق مختلفة، وهو رفيق الفقير ولا يستطيع الغنى الاستغناء عنه، ولا يحلو تناول طبق الفول فى السحور إلا برفقة الأصدقاء على أشهر عربية فول وأحلى سهرة، وبعدها نحبس بأحلى كوب شاي في الخمسينة".

فيما يقول علاء عبدالوهاب (موظف): "أتناول السحور مع أصدقائى من (عربية عم منصور)، حيث نخصص يوما لتناول الإفطار معًا فى رمضان، وبعدها نجلس سويًا فى أحد كافيهات وسط البلد حتى نستطيع حجز مقاعد للسحور على عربة عم منصور وقضاء ليلة رمضانية مميزة، حيث إنه يقدم أفضل طبق فول بالزبدة وآخر بالزيت الحار، ولديه أيضًا طواجن فول رائعة، بخلاف الأطباق الأخرى الطعمية والبطاطس البانيه والباذنجان والبيض".

ويتكدس الزبائن أمام عربة هشام عبدالله ويسمونه "فول الخيام"، بوسط البلد، ويجلسون بجواره قبل ساعات السحور ليحجز كل فريق ترابيزة لديه، ويقول محمد سالم (عامل بمستشفى الجلاء): "نحاول تجميع الشلة لقضاء أحلى الأوقات مع أفضل طبق فول للخيام، الذى يتميز بأنه يقدم أفضل تحويجة، مع تنوع الأطباق بين طاجن الفول، والفول بالزيت الحار، والفول بالزبدة، ويتفنن فى تقديمة بأكثر من شكل لجذب الزبائن، بالإضافة للتحبيشات الأخرى كالبطاطس البانيه والعجة والطعمية المحشية بالبيض وجميع أنواع الجبنة، وقبل أذان الفجر نحبس بكوب قهوة يعدل المزاج خلال ساعات الصيام".

◄ اقرأ أيضًا | لسحور رمضان.. طريقة تحضير الفول المدمس بالطماطم والبصل

◄ شهر الخير والبركة
فيما يقول محمود عبدالعظيم صاحب أقدم عربة فول بميدان رمسيس: "قبل أذان الفجر يحجز الزبائن مقاعدهم أمام العربة، حيث يجلس الجميع، الغنى والفقير والموظف ورئيس مجلس الإدارة، الكل يجلس على سُفرة السحور ولا مجال للألقاب"، مؤكدًا أن رمضان شهر خير وبركة وفيه تزيد الأرزاق.
ويتابع محمود: "قبل حلول شهر رمضان أذهب إلى حارة النحاسين بالحسين وأقوم بعمل صيانة لعربة الفول وتجديد الدهان، وكذلك صيانة الكراسى والترابيزات التى أزينها بمفارش رمضان، وتحضير الفول فى شهر الصوم يختلف عن الأيام العادية، حيث يتم طهوه أثناء ساعات النهار مع تجهيز أكثر من قدرة، وقبل موعد السحور نسلق البيض ونحمر البطاطس والطعمية.

◄ فوائد الفول
وللفول فوائد عِدة، حيث تقول الدكتورة إيمان عبدالمنعم، أستاذة التغذية بالمعهد القومي للتغذية: "يعتبر الفول من المصادر الغنية بالبروتين وهو من البروتينات النباتية وبديل لبروتين اللحوم الحمراء، كما أنه سبب خفة دم المصريين ومصدر سعادتهم، وهو الذى يساعدهم على تحمل مشاق الحياة، لاحتوائه على هرمون "التريبتوفان" الذى ينتج منه "النياسين" وهو ملخص فى فيتامين "ب 3" الذى يفيد فى إنتاج الطاقة ويحسِّن الشهية والهضم، خاصة لدى مرضى السكر ويحتاجه الجسم لتقوية العظام.

وتشير إلى أنه يجب نقع الفول فى الماء لمدة 12 ساعة قبل طهوه، ثم يتم إزالة مياه النقع وغسله جيدا، وذلك لاحتواء قشرة الفول على مادة حمضية تمتص الحديد، بالإضافة إلى أنه يعمل على الوقاية من السكتات الدماغية لأنه غنى بمضادات الأكسدة التى تحمى خلايا الجسم من التلف الناتج من الجذور الحرة ويساعد فى تلقليل الالتهابات وخفض معدل الإصابة بالسكتة الدماغى، وهناك بعض الدراسات تؤكد أنه يعمل على خفض مستويات السكر فى الدم والدهون الثلاثية بشكل ملحوظ، خاصة عند تناول مرضى السكر الفول بديلاً للحوم.

فيما تنفى الدكتورة آمال رخا، أستاذة التغذية بالمعهد القومى للبحوث، ما يتردد عن أن الفول يسبّب الخمول، وتؤكد أنها مجرد مزحة يرددها البعض ولكن لا أساس لها من الصحة.