فى الصميم

بعض الحقيقة.. من جوتيريش!

جلال عارف
جلال عارف

أمام البوابة المصرية لمعبر رفح وقف الأمين العام للأمم المتحدة "جوتيريش" فى زيارته الثانية منذ بدأت إسرائيل حرب الإبادة على الشعب الفلسطينى فى غزة.
وقف الرجل ليقول إنه جاء حاملاً أصوات الغالبية العظمى من دول العالم التى سئمت ما يحدث فى غزة، حيث هدمت المنازل وقتلت عائلات وأجيالاً كاملة فى ظل مجاعة تحاصر السكان. ثم ليؤكد أنه قد حان الوقت لوقف فورى لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
المشهد كله كان شهادة على المأساة التى أصبحت تهدد النظام العالمى بأكمله من الرجل الذى امتلك الشجاعة من اللحظة الأولى للعدوان الهمجى الاسرائيلى أن يضع العالم أمام  الحقيقة التى لاينبغى أن تنسي: الأحداث لم تبدأ فى 7 يناير، بل وراءها تاريخ طويل من الاحتلال وما قاساه شعب فلسطين وهو يبحث عن حريته واستقلاله.
والآن، وفى زيارته الثانية الى معبر رفح يكشف جوتيريش الحقيقة عن مسئولية إسرائيل فى "الفضيحة الأخلاقية" التى تتمثل فى منع دخول المساعدات إلى غزة. يقارن الرجل بين مشهد الطابور الطويل من الشاحنات التى لا تستطيع الدخول إلى غزة، وقسوة الجوع على الناحية الأخرى.
ويؤكد أن استمرار الحرب عائق، وأن ما تصنعه إسرائيل من عراقيل يمنع وصول المساعدات، ويقول بوضوح: "حان الوقت لالتزام صارم من اسرائيل بوصول كامل وغير مقيد لمواد الإغاثة إلى جميع أنحاء غزة".
ولم تجد إسرائيل ما ترد به إلا الاسطوانة المعادة والمشروخة ومنتهية الصلاحية عن "العداء للسامية"! هذه المرة اتهم وزير خارجية الكيان الصهيونى الأمم المتحدة بكاملها بأنها أصبحت− فى عهد جوتيريش−منظمة معادية للسامية ولإسرائيل.. والحقيقة التى تحاول إسرائيل أن تهرب منها هى أن الأمم المتحدة ليست إلا تعبيراً عن إرادة دولية لم تعد تتحمل المزيد من إرهاب إسرائيل وجرائمها النازية، ولم تعد تقبل استمرار قتل آلاف الأطفال الأبرياء بقنابل إسرائيل أو بحصار الجوع الذى تفرضه على غزة، أو بتصعيد جديد يفجر المنطقة بأكملها.
جوتيريش فى حديثه لم يغادر منطق الدبلوماسية. الحقيقة أقسى لأن ازدواجية المعايير مازالت حاضرة، و"الفيتو" سيئ الذكر مازال يحمى إرهاب إسرائيل.. ولكن إلى متى؟!