إنها مصر

محرقة ليلة الجمعة

كرم جبر
كرم جبر

بينما تصر وكالات الأنباء الغربية على أن تنظيم "داعش" هو الذى قام بمذبحة موسكو، تؤكد الدوائر الروسية أن المنفذين من أوكرانيا وتم اعتقالهم على الحدود أثناء محاولاتهم الهروب إلى أوكرانيا.
الهجوم هو الأكثر دموية فى روسيا منذ سنوات طويلة، وأعداد القتلى بالعشرات وتتزايد يومًا بعد يوم، وقاعة "كروكوس سيتى هول"، تحولت فى لحظات إلى محرقة كبيرة، أمطرها المنفذون بالأسلحة الآلية والقنابل والسوائل شديدة الاشتعال.
الوكالات الغربية تقول إن الدوافع وراء الحادث هى الانتقام من روسيا بسبب تدخلها فى الشرق الأوسط، ودعمها للرئيس السورى بشار الأسد، وقتل ومطاردة عناصرها، فجاءت العملية كنوع من الثأر.
والأسماء التى أعلنت عنها موسكو "إسلامية" مثل شمس الدين ورجب زادة وعبد الله وغيرها، ولم تؤكد إذا كانت حقيقية أم مزيفة، ولكنها تقترب بالشبهات من أن المنفذين ينتمون لأحد التنظيمات الدينية الإرهابية.
ولم تصمت أوكرانيا إزاء الاتهامات الروسية غير الرسمية حتى الآن، وأكدت على لسان مستشار الرئيس الأوكرانى أنه لا علاقة لها بالحادث، فهى تقاتل ضد الجيش الروسى منذ أكثر من عامين، ولن يتم حسم الأمر إلا فى ساحة المعركة، لأن الهجمات الإرهابية لا تحل أى مشاكل.
ملخص ما يحدث هو: الغرب يتهم داعش، وروسيا تتهم أوكرانيا، وأوكرانيا تؤكد عدم مسئوليتها، وفى قبضة المخابرات الروسية أكثر من عشرة متهمين جرى اعتقالهم، ويتم التحقيق معهم، وسيعترفون.
هل هو بالفعل تنظيم داعش؟
قد يكون المنفذون من المنتمين فكريًا وعقائديًا للتنظيم، ويؤكد ذلك أسلوب التنفيذ الذى يتسم بالوحشية الشديدة على غرار ما كان يحدث فى منطقة الشرق الأوسط، من حرق وتقطيع الجثث والتمثيل بها.
وفى قاعة "كروكس" استهدفت العملية الإجرامية الرعب أكثر من القتل، وتحويل القاعة المكتظة بالشباب إلى جهنم، ومن لم يمت بالحرق حصدته القنابل الحارقة والرصاص الكثيف، والسؤال هو: لماذا الآن، وبعد أيام قليلة من فوز الرئيس بوتين بفترة رئاسية جديدة، وإصراره على المضى فى الحرب ضد أوكرانيا إلى نهايتها؟
أما الرواية البعيدة عن التصديق فهى اتهامات أوكرانيا بأنها مؤامرة روسية، لتبرير حالة التعبئة العامة التى أعلنتها موسكو، والتهيئة لمرحلة جديدة من الحرب، باتهام أوكرانيا بأنها وراء المحرقة، وإثارة غضب الشعب الروسى لتأييد قرارات الكرملين.
والشواهد تؤكد أن القضية لن تصل حد اليقين، فإذا اعترف المنفذون بأنهم جاءوا من أوكرانيا، سيؤكد الغرب أن ذلك من جراء التعذيب، وكمبرر لاستمرار القتال الذى لم يُحسم حتى الآن.
مشاهد مروعة وقتل عشوائى ونيران ترتفع ألسنتها فى الأجسام المشتعلة والكراسى الخشبية، ودخان كثيف يخنق من لم يمت بالرصاص أو الحرق، وصرخات مذعورة من الألم والوجع، والضحايا فى النهاية أبرياء، ولا ذنب لهم فى الموت المحقق.