إنها مصر

العالم غرفة صغيرة!

كرم جبر
كرم جبر

العرب لا يمتلكون كثيرا من أسرار الوسائط الإعلامية الحديثة من أجهزة وادوات تكنولوجية وذكاء اصطناعى وغيرها ويستوردون معظمها من الخارج، فى ظل احتكار الشركات العالمية الكبرى لهذه الصناعات، أما التحكم فى المحتوى فقضية مصيرية لمواجهة الغزو الثقافى، لترويج معتقدات وأفكار تختلف مع قيمنا الدينية والاخلاقية ، ولا تتوافق مع تقاليد مجتمعاتنا العربية.

 بإلقاء نظرة على المحتوى الذى نستقبله فى بيوتنا من المنصات الاجنبية، نجد أن كثيرا منه يتعارض مع قيم مجتمعاتنا العربية ويروج للعنف والإلحاد والتكفير والمثلية، والمواجهة تكون بوضع ضوابط مشددة، ليس المقصود منها الحجب او المنع ، ولكن مخاطبة هذه المنصات لمراعاة الثقافة والتقاليد والقيم العربية، والعمل على إنتاج محتوى عربى آمن لملء الفراغ، حتى نحمى شبابنا وأطفالنا من هذا المنصات.

 الاعلام فى العالم كله يمر بمرحلة انتقالية وليس فى مصر او المنطقة العربية وحدها، واقتحمت الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعى الأبواب وحطمت موروثات قديمة، وعلى حد قول مارك "فيس بوك" فما يحدث الآن مجرد نكتة سخيفة مقارنة بالتطورات المذهلة فى المستقبل.

 وفى القلب "سوشيال ميديا" ويلعب الجمهور دور الإعلامى وليس المتلقى، ويشارك الناس بالرأى والتحليل والتعليقات ولبعضهم جمهور عريض وصفحات مليونية.

 لا بديل عن اللحاق بقطار التحديث والتطوير والثورة الصناعية، والتركيز على العنصر البشري، فالانسان هو الذى يصنع الآلة وليس العكس، ويتحكم فى صياغة المحتوى ويطوعه لخدمة العملية الإعلامية وتحقيق أهدافها.

 الانسان هو الأساس والمتحكم فى كل شئ ، والوسائط الاعلامية تتطور حسب الزمن ، من الكتابة على اوراق البردى الى الصحف والراديو والتليفزيون والموبايل، الاعلام المؤثر هو الذى يعظّم قيم الحوار والنقاش وتحفيز إبداعات الفكر والبعد عن كل ما يمس القيم والمبادئ.

 والمهم أن يحدث تعاون هادئ بين الخبرات العلمية والأفكار النظرية، فإذا تحدثت مثلاً عن الذكاء الاصطناعى فى مجال الطباعة، عليك أن تذهب للمطابع وتضع خطة لنهضتها وتحديثها، وليس الحديث عن تصورات بعيدة عن الواقع.

 فلا يكفى تجاهل المنصات القادمة من الخارج التى تحمل فى مضمونها أفكاراً ومعتقدات بعيدة عن مجتمعاتنا، بل ان نأخذ منها ما ينفعنا فقط، ونشيد حول سلبياتها سياجاً من القيم لحماية عقول وضمائر شبابنا.

 كنا زمان نقول إن "العالم قرية صغيرة" بفعل ثورة الاتصالات، أما الآن "العالم غرفة صغيرة"، وبلمسة أصبع تنقل الشاب الجالس فى غرفته إلى الدنيا كلها، بكل ما فيها من أحداث ويتأثر بها بشكل كبير.

 الإعلام المصرى يزخر بمجموعات كبيرة من الشباب المؤهل،ويحتاجون إلى التشجيع والفرص العادلة، وأن يتحاوروا حول الوصول إلى محتوى يتفق مع القيم الحضارية والإنسانية والدينية السائدة فى مجتمعاتنا.

  الاعلام المصرى يلاحق بسرعة ما يحدث، ويؤدى دوره بأمانة وموضوعية، ويقف حارساً أميناً فى ظهر الدولة المصرية، متبنياً معاركها وتحدياتها، ومعبرا عن آراء الناس بتجرد وشفافية ، وحاملا مشاعل الوعى والتنوير .