أمهات ذوي الهمم.. مصانع أبطال

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لديهن العديد من التحديات والصعوبات، إلا أنهن دائمًا قادرات على التحدى وتخطى الصعاب.. هؤلاء هن أمهات ذوي الهمم اللواتى تختلف حياتهن عن باقى الأمهات، ويستحققن التقدير والتكريم لأنهن بطلات يقدمن الحماية والدعم والرعاية لأبنائهن، وبعضهن صنع منهم أبطالًا ونماذج يفتخر بها المجتمع، وسطرن بمجهودهن النفسى والبدنى قصص نجاح أبنائهن.

لم يصبها الإحباط أو اليأس عندما علمت أن ابنتها من «متلازمة داون»، ولم يؤثر فيها الأصوات المحبطة من حولها، بل كانت دائماً الأم الملهمة المجتهدة التى تسعى لتحقيق كل الإمكانيات الممكنة من أجل ابنتها ووضعها على الطريق الصحيح ودمجها فى المجتمع وجعلها شخصًا مؤثرًا رغم التحديات التى واجهتها على مدى السنين كأم لطفلة من ذوى الهمم.. إنها سناء منير والدة مريم نعيم إحدى أيقونات النجاح ورمز للإصرار والتحدى التى استطاعت الوصول لحلمها كمذيعة راديو وحصولها على ميداليات فى الأولمبياد الخاص ورياضة الخيل والباليه بمساعدة والدتها.

■ مريم

◄ تحديات وصعاب
تقول سناء إن رحلة أمهات ذوي الهمم مليئة بالتحديات والصعاب، وأول تحدٍ يواجهنا هو نظرات الشفقة من المحيطين، وكذلك مسألة إقناع الابن بأن اختلافه هو سر تميزه، وأنه لا ينقصه شيء، وقد كنت أتعلم وأقرأ من أجل التعامل الأمثل مع طفلتى، وكنت لا أستمع سوى لصوت حبى لها وإصرارى على أن تعيش حياة طبيعية كأى طفل وأن أقدم للمجتمع نموذجًا ناجحًا.

تضيف: آمنت أن ابنتى من حقها أن تتعلم وكان من أولوياتى التعليم وممارسة الرياضة، وأثبت لها أنها شخص له كيان ورأى وأحلام لا بد أن نعمل على تحقيقها معاً، وبالفعل استطعت أن أضعها فى الأماكن المناسبة التى تضيف لها، وقد واجهت صعابا كثيرة فى وجود حضانة تستقبلها ومن بعدها المدرسة، فكنا دائماً على قوائم الانتظار ولكن بالصبر والعزيمة استطعت أن أحقق حلمى فى ابنتى. كنا نبذل مجهودا مضاعفا وفى النهاية تحب كل أم أن ترى أبناءها ناجحين ومتميزين، وهو شعورى فى كل مرة كانت تحقق ابنتى النجاح وتصل لأحلامها.

◄ اقرأ أيضًا | إعلان أسماء الأمهات المثاليات| «أنيسة» الأولى على الجمهورية .. «شادية» من ذوى الهمم .. و«صباح» و«هدى» أم الشهيد

■ حسن فتحي

◄ الدمج في المجتمع
وفي مشوار ذوى الهمم، الأم دائما هى بطلة الحكاية، مثلما فعلت هالة إبراهيم، والدة البطل حسن فتحي، صاحب الميداليات الذهبية والفضية فى رياضة رفع الأثقال، فلم تكن إصابته كمريض توحُّد عائقًا فى رسم مشوار مليء بالكفاح والنجاح معاً، رسمته الأم ومشيت خطواته دون كلل وكان هدفها الوصول بابنها لبر الأمان ووضعه على الطريق الصحيح.

تقول هالة: عندما تم تشخيص حسن بالتوحُّد ظللت أعانى لبعض الوقت من التفكير والخوف خاصة أنه قد تحتم عليه الظروف بعد ذلك التواجد وسط مجموعات من الناس لا تتقبل الاختلاف، لكن سرعان ما فكرت بطريقة إيجابية وبدأت أتعامل مع معاناته فى صعوبة التواصل مع الآخرين والعصبية والتأخر فى النطق وقطعنا مشوارا طويلا فى معالجة هذه الأمور، إلى أن تعلّم كيفية التصرف، وكنت حريصة على أن يكون مندمجًا فى المجتمع، ومن هنا بدأت التركيز على موهبته وميوله.

تضيف: بدأ حسن يمارس الرياضة، وكنت أهتم بالمتابعة وحضور التمرين، وكنت بالنسبة له الأم والأب بعد أن توفى والده، ودفعنى ذلك لإتمام الرحلة، وما بين الدراسة والتمارين مرت الأيام وكان قرار حسن ممارسة اللياقة البدنية ورفع الأثقال، وحصد عدة ميداليات منها الميدالية الذهبية والفضية فى رفع الصدر بالأولمبياد الخاصة على مستوى الجمهورية، وأشارت إلى أنها كأم لطفل من ذوى الهمم تمر بمراحل كثيرة صعبة بداية من الصدمة والكلام غير البنّاء من الناس حولها، لكن فى النهاية أؤكد أنها يجب أن تستعيد قواها من أجل أبنائها وأن تعمل على نفسها فى البداية، وأن تأخذ المشورة من المتخصصين لإعداد طفل سوى وطموح وقادر على تحقيق أحلامه.

◄ بطل ألعاب قوى
أما أسماء الصاوي، فهى واحدة من هؤلاء البطلات اللواتى قررن المضى فى طريقها مع ابنها أسامة بطل ألعاب قوى، واكتشفت بعد ولادته أنه مصاب بعيب خلقى تسبب فى شلل بذراعه اليمنى، وتأخر ذهنى، لكنها كانت مثابرة حتى بعد وفاة زوجها وترك لها طفلين، فالتحقت بورش تدريبية تساعدها على التعامل كأم مع ابن معاق.

■ أسماء مع ابنها أسامة

وتضيف: بدأت الرحلة مع ابنى منذ عامه الأول عندما لاحظت ضعف مهاراته فى استخدام يده اليمنى، وبعرضه على الأطباء تبيّن أن لديه عيبا خلقيا بالعمود الفقرى أثر فى ذراعه اليمنى، وتسبّب له فى شلل، ومع الوقت كنت أساعده فى جميع شئونه، وبالفعل كان الطريق صعبا، فقد واجهت مشكلات فى إلحاقه بالمدرسة، كما أنه عانى التنمر وعدم تقبل الآخرين له، لكننا تخطينا كل هذه المشكلات، ولاحظت حبه للرياضة، فقمت بإلحاقه بالنادى وأصبح قادرًا على المشاركة فى المسابقات وحصل على ميداليات من الاتحاد المصرى للإعاقات الذهنية ومازال لديه الحماس لإثبات نفسه.

◄ نماذج مشرفة
من جانبها، تعلق الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، أن أمهات ذوى الهمم يتعرضن لضغوط كثيرة تنقسم لجزءين، الأول جسدى خاصة الأمهات لأبناء ذوى الإعاقة الحركية، ولا يخفى على أحد المشاهد اليومية التى نراها بالمواصلات والشوارع لأمهات يحملن على ظهورهن أبناءً قد يكونون فى سن الشباب، وتذهب الواحدة منهن بالابن للمستشفى لمتابعة حالته باستمرار وهى لديها كل الرضا والحب والعطف، والشق الثانى نفسى نتيجة الإحباط والتنمر من المحيطين ومحاولات إقناعها بأن كل ما تبذله من جهد لن يجدى نفعًا، لذلك فهؤلاء الأمهات بحاجة للدعم والتشجيع باعتبارهن نماذج مشرفة ومكافحة.