مصطفى لبيب يكتب: «دي الفرنسية».. بين «الفوضى والنظام».. شعرة

الكاتب الصحفي مصطفى لبيب
الكاتب الصحفي مصطفى لبيب

بين الفوضى والنظام شعرة.. وما أن تجتاز إحداهما الأخرى، فإما أن يسود الانضباط أو تنتشر الفوضى.. وما يحدث في المدرسة التي سأطلق عليها لقب "دي الفرنسية" بالظاهر، فلا يقال عنه سوى نظام مستتب اخترقته الفوضى في أحد جنباته، وأكاد أجزم أن المدير الحالي  لا يكل ولا يمل من نشر الانضباط في كافة أرجاء المكان.. وما سأقصه يأتي من منطلق المساعدة في وضع حد لأشياء صغيرة، باتت تتكرر يوميا، ويمكن أستاذي المدير أن تتفاقم وتهدم مع الوقت الانضباط الذي تسير عليه المدرسة منذ عشرات السنين، ولا نستطيع السيطرة عليه، حتى أن القدر قادني لأعيش أحد تجاربها المريرة.

ساحة المدرسة

عقب انتهاء اليوم الدراسي، يجد أولياء الأمور، الذين من المفترض أنهم ينتظرون أبناءهم، أنفسهم يعملون بلا توقف على إنهاء الصراعات والخناقات المستمرة بين الطلاب في كافة المراحل.. ولا تجد معلما أو معلمة أو حتى مجرد مشرف صغير يتواجد في ذلك الوقت الهام لمنع تلك المشاحنات التي تتطور دوما لخناقة كبيرة، وأمام "دادة " لا حول لها ولا قوة، تزداد الأمور سوءًا.. شاهدت بعيني أحد أولياء الأمور، وهو يحاول جاهدا فك اشتباك بين طالبين في ابتدائي، وظل هكذا قرابة 15 دقيقة دون تدخل من أحد.

سألت أحد الموظفين عن السبب فكانت الإجابة بأن المعلمون هم أول المنصرفين عقب خروج الطلاب من الفصول.. و بخصوص إجابته عن أماكن تواجد المسؤولين "رفيعي المستوى" في المدرسة خلال تلك الفترة فسأحتفظ بها لنفسي.

المعلمة الشبح

وبصعوبة بالغة تمكنت من العثور على نجلي في فضاء المدرسة الواسع المفتوح على مصراعيه أمام الطلاب، على الرغم من وجود أماكن مخصصة لكل مرحلة، ولكن الواقع يكشف انتشار الطلاب في كل مكان مع انطلاق جرس الخروج، وكان نجلي يتألم بسبب لكمة قوية تلقاها من أحد الطلاب زملائه خلال إحدى الحصص الفارغة خلال اليوم، رغم وجود معلمة، إلا أنها كانت كـ "الشبح" داخل الفصل وكأنها لم تكن موجودة، لمنع "الهزار التقيل" بين أطفال تقودهم طاقة هائلة للعب والمزاح والضرب.


ملك الجراج


أما الجراج الذي من المفترض أنه يأوي سيارات أولياء الأمور الذين جاءوا لاصطحاب أبنائهم.. فقد أصبح ملكية خاصة للسايس " ك"، وبالأمس القريب أجبرتني الظروف بسبب الزحام الشديد وتوجيهات ضابط المرور، على الدخول للجراج لعدم وجود أماكن انتظار في الخارج.. وهناك "نابني من الحب جانب" من السايس المزعوم الذي كان في أوج جبروته.

كان المكان قد اختنق بصورة كبيرة، وبينما كنت أخر سيارة قد دخلت للمكان بالإجبار، كان السيد " ك" يقف برفقة سائقي الدوريات الشهرية، وصوته قد وصل عنان السماء، وما أن رأني حتى بات يردد "أهو شايفين الناس اللي معندهاش دم.. داخل والدنيا كلها زحمة..  عنكو ما روحتوا خليكو محبوسين بقى كلكم، دا انتم ناس تـ….".. انطلقت تلك الكلمات وغيرها من زملائه السائقين الذين يجاملونه خشية خسارة "البركة والمكان" المحجوز مسبقا لهم، بينما كان جميع أولياء الأمور "المغلوبين على أمرهم" في حيرة وصمت أمام هذا الجبروت الغير مبرر، وزحمة تكاد تخنق الجميع في وقت الذروة.

أضعف الإيمان

قررت عدم الصمت أمام تلك الإهانة الواضحة، وأن أواجه الفوضى بشئ من أضعف الإيمان وهو اللسان، وواجهته بعدم تنظيمك للأمور من البداية والاكتفاء باللهو واللغو مع السائقين في وقت الذروة، والتواجد داخل الجراج - طبعا عشان الحسنات الكتير-، بدلا من العمل على تسيير الحركة ومنع دخول المزيد من السيارات.. ولكن من أنا حتى أعقب على تصرفات ملك الركنات.. و حدث جدال بيننا وانتهى في النهاية بـ "غور يا عم فداهية ولو مش عاجبك ماتدخلش الجراج ده تاني"!.

تحمل العواقب

معالي المدير .. رغم تلك الإهانة والمعاملة غير اللائقة، والثورة التي افتعلها السايس، والتي كادت تنذر - لو استمرت- بالتعدي علي لا محالة، لم أصمت على الفوضى المفتعلة، وكذلك لم يصمت أولياء الأمور وتدخلنا بما هو متاح لنا، وعن نفسي تحملت العواقب، ونرجو أن تتدخل استاذي اامدير ايضا بما هو متاح لك من قرارات وتتحمل العواقب أيا كانت.