الحد الفاصل

د. محمد محمد زيادة يكتب: داخل الصندوق

د.محمد محمد زيادة
د.محمد محمد زيادة

بعد ما شهدته مصر -بالعمل الدؤوب لقيادتها السياسية- من تحسين للبنية التحتية وشبكات النقل والطرق والقطاع اللوجستيّ -التي تُعَدُّ عصبَ الاستثمارِ وأساسَه- لم يبقَ على حكومتها سوى العملِ الدؤوب أيضًا؛ لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، وتقديم الدعم الحقيقيّ للاستثمار في القطاعينِ الصناعيّ والزراعيّ؛ ذلك الدعم الذي لا يُشترط -بالضرورة- أنْ يكون ماديًّا، فما أحوج الاستثمار إلى دعم معنويّ حكوميّ، يكون خطوةً ملموسةً نحو تحقيق نمو اقتصاديّ غير مسبوق!

تأتي على رأس الدعم المعنويّ "رسالة طمأنينة"، بإيصال رسالة واضحة إلى المستثمرين بتقدير الحكومة للقطاع الخاص، وسعيها في الفترة القادمة إلى بذل مزيدٍ من الجهد؛ للاهتمام به، وتلبية متطلباته، ونيتها الصادقة في وضع الخطط لإزالة ما يواجهه من عقبات، ومِن أهمها البيروقراطية، التي قد تناولنا مقترَحًا للإسهام في القضاء عليها بمقال "الخطوة الفارقة" من سلسلة "الحد الفاصل".

ثَمَّ رسالةٌ أخرى معنيةٌ باستقرار سعر الصرف، فغاية ما يشغل مستثمرِي العالم أجمع هو سعر صرف العملة في البلد محل استثماراتهم؛ فكلما كان المستثمرُ قادرًا على التنبؤ بسعر الصرف كان ذلك محفِّزًا على استثماره في هذا البلد؛ لذا ليس على الحكومة المصرية العمل على إيجاد الوسائل لاستقرار سعر الصرف فحسب، وإنما عليها إيجاد الطرق الفعَّالة لإيصال رسالة واضحة إلى المستثمرين، تعكس ما يُبذل من جهود وما يتبع من خطط؛ لتحقيق استقرار حقيقيّ في سعر الصرف.

إن خَلْقَ المناخِ الاستثماريّ الجذَّاب، وتوطينَ الصناعة والاستثمار في الزراعة، ودعمَ الصادرات، وتوفيرَ بدائل محلية للواردات، واتباعَ السياسات النقدية والمالية الملائمة للحفاظ على استقرار سعر الصرف، لهي طوقُ النجاةِ والأدواتُ البديهيةُ لتعزيز أيّ اقتصادٍ، دون الحاجَةِ إلى التفكير خارج الصندوق.

في النهاية، يمكننا القول بأنَّ التفكيرَ داخل الصندوق واتباعَ نهج الدول الكبرى لتحسين اقتصاداتها، هو ما تحتاجه المرحلة الحالية. وإنْ كان لا بُدَّ من التفكير خارج الصندوق فهناك فرص واعدة كثيرة، فرص لن تكلف الحكومة سوى حبر على ورق، وستضمن عوائدَ دولاريةً سريعةً؛ منها -على سبيل المثال- السماح لبعض الصناعات ذات القدرة الإنتاجية العالية والمكونات المحلية والطلب الخارجيّ المتزايد عليها، بزيادة إنتاجها بمنحها التراخيص اللازمة، مع وضع الضمانات لإلزام تلك الصناعات بتصدير منتجاتها إلى الخارج.