القارئ والمبتهل عبد اللطيف العزب وهدان:دولة الإنشاد بخير.. وبدأت رحلتى من الجامع الأزهر

لدينا أصوات جيدة تنقصها الدراسة.. و«أدوار» الكبار تجوب العالم
لدينا أصوات جيدة تنقصها الدراسة.. و«أدوار» الكبار تجوب العالم

كنت أراقب أداء الشيخ عبد اللطيف العزب وهدان، حين سمعته مباشرة لأول مرة فى أكاديمية الأوقاف، لأبحث عن السرّ المكنون الذى يجذب الناس إليه فيأخذ بألبابهم ويملك أسماعهم فيصبحون جزءًا من «بطانته» يُرددون خلفه «الأدوار» وكأنهم قد تدربوا عليها عشرات المرات، فوجدته يبدأ الابتهال مستغرقًا فيه كأنه يعيش حالة وجودية خاصة به مع المديح النبوي، ثم يخرج صوته فخمًا وناعمًا فى الوقت نفسه وكأنه يناجى الحبيب المصطفى، فعلمت أن هذا الرجل محب للنبى وآله وليس مجرد منشد؛ وفى هذا الحديث نتعرف بصورة أكبر على هذا المبتهل الكبير:
يقول الشيخ عبد اللطيف العزب وهدان عن بداياته مع القرآن والابتهال: من فضل الله عليّ أننى نشأت فى بيت جدى لأمى الشيخ عبد اللطيف صابر، وكان حافظًا لكتاب الله تعالى، ودائمًا يصطحبنى فى كل تحركاته إلى الأماكن التى يرتل فيها القرآن، سواء فى الرواتب فى القرية أو حينما يسافر لزيارة آل بيت النبى، ، وكان مولعًا وشديد الحب لآل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فكان يصطحبنى معه فى كل أسفاره، رحمه الله، وقد سمعت من خلال مرافقتى له فى ليالى الاحتفالات بالموالد وغيرها وليالى القرآن الكريم إلى قراء القرآن الكريم العظام والمنشدين والمداحين فى تلك الليالي، فتكونت لديّ شخصية تعشق كل فنون التلاوة والإنشاد والمديح النبوى والابتهال الديني، وذلك منذ مرحلة التعليم الابتدائي، وكنت أحفظ القرآن على يد شيخى وجدى رحمه الله فى قريتنا، قرية كفر طنبول القديم، مركز السنبلاوين، محافظة الدقهلية؛ وبعد ذلك اتجهت إلى التعليم الفنى وانخرطت مع زملائى فى التعليم، حيث كانت حياة القرية تقوم دائمًا على العمل فى الحقول، وفى بعض الأعمال التى توفر بعض المصروفات أو الربح لكى نساعد فى مصروفات الدراسة.


ترتيب الأولويات
ويواصل الشيخ عبد اللطيف: بعد مرحلة التعليم الفني، وفى حياة عشوائية وعدم ترتيب الأولويات من الأهل ومنى ابتعدت قليلا عن مجال التلاوة، ورغبت فى السفر للحصول على ما يساعدنى على تكوين معيشتى ومصروفات الزواج، ولكن بعد مدة بسيطة رجعت إلى القاهرة وعملت لعامين فى مسجد أهلي، وبعدها تزوجت فى 95، ورزقنى الله بمحمد 96 وفى هذا العام تقدمت للإذاعة على يد الشيخ «محمد السيد ضيف» الذى اصطحبنى شخصيا إلى الإذاعة وقدم لى الطلب، ومع الأستاذ أحمد همام، وتدربت على الأداء الصوتى مع الشيخ إبراهيم الإسكندراني، وكان رجلا يمتاز بسعة صدر وحلم وكرم، فكنت أذهب إليه فى بيته، وأشهد الله أنه لم يتقاض منى أى أجر، وعلمنى لوجه الله، وذلك من فضل الله أننى قابلت فى رحلتى أناسًا كثيرين وقفوا بجانبي.
من رحاب الأزهر
ويواصل الشيخ وهدان: بعد فترة التدريبات تقدمت إلى الإذاعة وأخذت مهلة ستة أشهر، وشاء الله أن أنخرط فى التلاوة فى ليالى العزاء والسفر إلى الخارج فى رمضان، حيث سافرت كثيرًا لإحياء ليالى رمضان فى تركيا، وبعد ذلك كان أول فجر على الهواء مباشرة من رحاب الجامع الأزهر الشريف، وكان بصحبة د. حسن سليمان، رئيس شبكة القرآن الكريم السابق، وكان الشيخ محمود الخشت هو قارئ الفجر، وبعدها زادت شهرتى حيث تكررت اللقاءات فى الإذاعة، وفى هذه الأيام ينتشر كل شيء بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل، وفى 2019 تقدمت إلى الإذاعة كقارئ للقرآن الكريم، وبحمد لله نجحت فى الاختبار.


أثر الإنشاد الدينى
ويوضح الشيخ وهدان أن الإنشاد الدينى يحتاج إلى وقت، فالابتهالات والمدائح لها أثر كبير فى تكوين الشعوب، حيث تعتمد الشعوب على بعض الابتهالات والمدائح والأنشودات الصغيرة، خاصة إذا كان فى وسط شعبي، فتجد الجميع يرددون ما يستمعون إليه، خاصة الأنشودات البسيطة، مثل: (إيه العمل يا أحمد)، أو (الله الله الله على نور رسول الله)، أو (قمر)، أو (المسك فاح)؛ ولكن جيل العمالقة السابقين فى دولة الإنشاد، مثل: الشيخ على محمود، والشيخ طه الفشني، والشيخ الفران، ومن جاء بعدهم كالنقشبندي، وطوبار، والشيخ الطوخي، والشيخ عمران، والهلباوي، والشيخ دويدار، والشيخ سعيد حافظ، والشيخ على الزاوي، والشيخ وحيد الشرقاوي، كل هؤلاء وغيرهم تركوا تأثيراتهم فى آذان الشعب المصري؛ ونحن ما نزال نقتبس فى عصرنا الحالى من فن هؤلاء الراحلين، وأصبح لدينا الآن تطوير فى الفن، من حيث طريقة الإلقاء، ويجب على كل منشد أن يتعمق ويغوص ويأتى بكلمات يكون لها الأثر الطيب ولا يبحث عن الكلام الخفيف؛ لأن هذا فن والفن الأصيل سيبقى ولا يندثر أبدًا، خاصة أن لدينا الآن أصواتًا جميلة، تمتلك قدرات صوتية، ولكنها تحتاج إلى دراسة أكثر لكى توظف إمكانياتها، لنصل إلى ما يجب أن تكون عليه دولة الإنشاد فى مصر؛ لأننا نمتلك الريادة فى هذا الفن، وعندما نسافر إلى أى بلد عربى نجدهم ينشدون «الأدوار» التى أنشدها فحول دولة الإنشاد المصرى وكأنهم قد حصلوا على أوسمة الدنيا كلها.


ويضيف الشيخ وهدان أن هذا الفن يمتاز بقربه لجميع طوائف الشعب، ويكفينا شرفا أننا نتكلم عن سيدنا، رسول الله ، والابتهال يكون تضرعًا ورجاء للمولى؛ كما أن التقارب بيننا كمنشدين ومبتهلين فى هذه الآونة يساعدنا على أن نطور من هذا الفن، حتى نصل إلى ما يتمناه المستمع الجيد.