كنوز| «أم الأيتام».. امتدحها عبد الناصر ومحمد نجيب

 ليليان تراشر مع أحبابها الأيتام والفقراء
ليليان تراشر مع أحبابها الأيتام والفقراء

يقال إن الأم ليست هى من تنجب فقط، إنما هى من تربى وتعلم وترعى بصدق ولوجه الله والوطن، والأمريكية «ليليان تراشر» من أعظم الأمهات فى مجال العمل الإنسانى فى صعيد مصر، ولذا نالت لقب «أم الأيتام»، لم تتزوج ولم تنجب ومع ذلك كان لديها مئات من اليتامى الذين احتضنتهم بحنانها ورعايتها وحبها واعتبرتهم أبناء لم تنجبهم. 

هى فتاة أمريكية متدينة كانت مخطوبة لشابٍ أمريكى، كانت تسأل الله أثناء صلاتها: «ماذا تريد يا رب أن أفعل؟»، الله أجابها عندما وقعت عيناها على الآية التى تقول: «لأنى قد رأيت مشقة شعبى فى مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأنقذهم فالآن هلم فأرسلكِ الى مصر»، لهذا قررت السفر إلى مصر لتخدم الفقراء بما كان لديها من مال قليل، لكن خطيبها رفض السفر معها، فجاءت بمفردها عام 1910 واتجهت لمديرية أسيوط، كانت تتنقل بين القرى على ظهر حمار، وتخاطر بحياتها فى مراكب شراعية وقت الفيضان، وأكرمها الله بتأسيس بيتٍ يحمل اسمها جمعت فيه الأيتام والفقراء والمرضى، وعانت أثناء الحرب العالمية الثانية من تدبير الموارد اللازمة لرعاية الأيتام بالدار، وتصف ذلك فى مذكراتها بقولها: « زادت المتاعب عندما علمنا أنه لا سبيل لوصول أى مساعدات إلينا، يا إلهى كيف أدبر لقمة العيش أمام سيل من الأيتام يتراكم أمامى وسط ارتفاع الأسعار، ظن الجميع أننا سنتخلص من الأطفال كما تفعل المؤسسات الأخرى، لكن شكراً لله الذى أعاننا، فى الشهر الخامس من بداية الحرب وصلت لنا معونات هائلة تثبت أن الله يعطى بسخاء ولا يضير من يعمل الخير، فقد حفز الرب قلب أحد أولاده المؤمنين من ولاية «كنساس» بالولايات المتحدة، كتب شيكًا ووضعه فى خطاب لكنه أخطأ فى كتابة العنوان فكتب «أسيوط - الهند» بدلاً من أن يكتب «أسيوط - مصر»، وأخطأ رجل البريد أيضًا فوضع الخطاب بين الخطابات المرسلة إلى مصر بدلاً من المرسلة الى الهند، يد الله هى التى فعلت ذلك، وذات مرة كان أحد عمال الملجأ يريد أجرته لأن زوجته بالمستشفى، ولم يكن معى مليم واحد، صليت إلى الله وإذا بى أستلم فى بريد بعد الظهر خطابًا من أسكتلندا مكتوبًا عليه «عاجل جدًا» بداخله شيك بمبلغ جنيه واحد، الله لا يترك من يصلى له بحرارة واتحلت مشكلة العامل». 

«ليليان تراشر» خدمت أكثر من 25 ألف يتيم وفقير ومريض، وكتب الرئيس محمد نجيب فى سجل زيارات الملجأ : «العزيزة مس ليليان، لم يسعدنى شيء بقدر ما شاهدته اليوم حتى تصورت إنى أحلم بجنة الإنسانية التى أتخيلها دائماً حتى رأيتها اليوم حقيقة رائعة، فالعناية بالضعفاء من أطفال وأيتام وعجزة، بنين وبنات، رجال ونساء، تتجلى هنا بكل ما فى معانى الإنسانية من قوة»، وكتب جمال عبد الناصر: «أكتب لكِ شاكراً وأريد أن أخبرك إن عملك مع الأيتام يقدره كل مواطن فى مصر وأتمنى لك استمرارية النجاح فى خدمتك الاجتماعية».