العاشر من رمضان.. بوم العزة والكرامة واسترداد الأرض

العاشر من رمضان.. بوم العزة والكرامة واسترداد الأرض
العاشر من رمضان.. بوم العزة والكرامة واسترداد الأرض

شهر رمضان هو شهر الانتصارات، شهر العزة والكرامة فلقد ارتبط شهر رمضان بالانتصارات الكبيرة والبطولات التى خلدها التاريخ بداية من غزوة بدر الكبرى التى كانت فى السابع عشر من رمضان، مرورا بفتح مكة فى رمضان فى السنة العاشرة من الهجرة، ثم بمعركة عين جالوت بقيادة سلطان مصر سيف الدين قطز والتى كتب الله تعالى للمصريين فيها النصر على المغول .

ثم يأتى نصر العزة والكرامة واسترداد الأراضى المصرية، حرب العاشر من رمضان، ولم تكن صيحة «الله أكبر» فى أرض المعركة قد سبقها تدريب على الدعاء بها، ولكنها انطلقت من قلب ووجدان الجنود المصريين لحظة عبورهم قناة السويس، لتؤكد أن النصر آت لا محالة، ومن هنا كانت حرب العاشر من رمضان أو السادس من أكتوبر ملحمة بطولية بكل المقاييس، وستظل روح العاشر من رمضان شاهدة على بسالة وصبر وعزيمة الجندى المصرى الذى عبر خط بارليف المنيع فى نهار شهر الصيام ليحقق النصر المبين .

لم يأت اختيار يوم العاشر من رمضان ليكون يوم المعركة المجيدة صدفة، فقد كان هو الوقت المناسب

فى الجبهة السورية، لا سيما أن فى شهر نوفمبر يبدأ الجليد يتساقط على هضبة الجولان السورية، ووقتها ستكون حالة الطقس غير مناسبة للحرب فى الجبهة السورية، علاوة على أن شهر أكتوبر كان متزامناً مع شهر رمضان وقتها، وهى مناسبة إسلامية لا يتوقع فيها حدوث عملية هجوم شاملة.. وانتهت حسابات القادة العسكريين وقتها إلى أن مدة تنفيذ العملية العسكرية المصرية لعبور القناة، تستغرق 8 ساعات، وأول رد فعل للعدو سيكون بعد 6 ساعات وفقاً لقواعد انعقاد مجلس الوزراء للعدو واتخاذ قرار الحرب، ومن ثم يكون التوقيت الزمنى المناسب لساعة الصفر بين 12 إلى 2 ظهراً، بحيث تنتهى العملية العسكرية المصرية مع نهاية اليوم، ويعجز العدو عن الرد لحلول الظلام، وتكون مصر أمام نجاح حقيقى على أرض المعركة.

واختير توقيت الساعة 2 ظهراً ليكون ساعة الصفر لأنه علمياً لا يصح بدء المعركة والشمس أمام الجنود لأنها ستكون عائقا كبيرا، والأفضل أن تتم العملية عندما تتعامد أشعة الشمس على الرؤوس وهو ما كان.

وحمل دراسة توقيت الحرب اللواء عبد الغنى الجمسي، ثم رفعها للفريق الشاذلى، ثم للمشير أحمد إسماعيل، ثم للرئيس السادات، وتمت الموافقة على الميعاد، وبالفعل كانت ساعة الحسم الساعة 2 ظهراً يوم 6 أكتوبر 1973.

 الجنود والضباط خلال أيام الحصار، لم يجدوا ما يأكلونه وتعددت الأفكار لتوفير لقيمات تسد رمقهم ومنها فكرة خلط «الجلوكوز» مع البسكويت أو اللبن الصناعى، لتكون هذه الوجبة سحورهم وإفطارهم خلال صيام شهر رمضان، أو خلط الدقيق مع الماء وتعريضه للشمس وتناوله كخبز واعتادوا أن يقتسموا الطعام، فسواء كان الجندى مسيحيا أومسلما فالجميع صائمون. 
الأجواء الرمضانية لم تكن تختلف عنها فى الأيام العادية، فالحياة العسكرية لا يختلف إيقاعها ولا عقيدتها بحسب الظروف والمناسبات، بل كانت
التدريبات فى أوجها، وقد قال بعض الجنود عن الأجواء الرمضانية: الحياة فى رمضان كانت عادية جداً، الكتيبة كلها كانت صايمة، بالاضافة للمشاركة فى مناورات إستراتيجية ضخمة، والتدريب فى أى وقت سواء فى رمضان أو غيره، وذلك للوصول لأعلى درجات الاستعداد القتالى طوال الوقت .

وعبر أثير الإذاعة المصرية استمع الجنود المرابطون على جبهة القنال طوال الليل بجفون لا تغمض وأعصاب لا تهدأ استعداداً لساعة الصفر إلى القرآن الكريم لصلاة فجر العاشر من رمضان. وتلى القارئ الشيخ من سورة آل عمران بقول الله تعالى: « قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ»، ثم قول الله تعالى: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».. على الجبهة فى سيناء كان كل شىء ساكنا إلا صوت المذياع والجنود يستمعون فى خشوع إلى قرآن الفجر.

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم