فى الصميم

الشراكة مع أوروبا..

جلال عارف
جلال عارف

الجانب الأهم فى اتفاق الشراكة الشاملة مع الاتحاد الأوروبى هو الإقرار بأن الاستقرار فى مصر هو ضمانة لاستقرار المنطقة كلها، وبأن أمن أوروبا ومصالحها الأساسية لا يمكن أن تتحقق بعيداً عن تعاون مشترك لدول البحر المتوسط وفى المقدمة مصر.
اتفاق الشراكة يجرى العمل عليه من فترة طويلة. ثم جاءت الأحداث فى المنطقة لتؤكد ضرورته فى وجه عواصف تجتاح المنطقة وجنون صهيونى يهدد بنشر الفوضى فى كل مكان.


الحضور الأوروبى لمصر بهذا المستوى الرفيع هو قرار سياسى لا شك فى أهميته فى هذه الظروف. والإعلان عن الشراكة الشاملة يعنى الثقة المتبادلة والتعاون طويل المدى فى كافة المجالات. ويعنى رسالة للجميع بأن الاستقرار فى مصر مصلحة إقليمية ودولية، وأن ما قدمته فى معاركها ضد الإرهاب وضد زرع الفوضى فى دول الجوار أمر مقدّر، وأن موقفها المبدئى ضد حرب الإبادة الإسرائيلية وخطوطها الحمراء ضد مؤامرات التهجير قد أصبحت موضع إجماع العالم.


كان واضحاً فيما تم الإعلان عنه من تسهيلات مالية محدودة أنها فى الأساس ليست منحاً أو مساعداتٍ، بل تسهيلات ائتمانية وضمانات للاستثمار. فالمطلوب هو الشراكة التى تحقق مصالح كل الأطراف. وأوروبا تدرك جيداً أن آفاق التعاون الاقتصادى مع مصر مفتوحة وآمنة وأكثر ربحاً من كل الوجوه. كما تدرك أن مصر هى بابها الأهم نحو أفريقيا، وأن التنمية فى دول الجنوب هى ضمان لاستقرار الجميع.


اتفاق الشراكة مع أوروبا ربما جاء فى ظروفٍ استثنائية، لكنه يؤسس لعلاقاتٍ شاملة وممتدة تحتاج لجهدٍ كبير من الطرفين وإدارة واعية لكل الملفات. إطفاء النيران المشتعلة فى المنطقة لها أولوية. الخطر الداهم من الهوس الإسرائيلى لابد أن يتوقف. ما رأيناه من توافق فى قمة القاهرة على إنهاء حرب الإبادة فى غزة لابد أن يتم تفعيله، والتعاون مع ملفات السودان وليبيا سيفرض نفسه. قمة القاهرة الأوروبية لم تكن عارضة بل كانت إقراراً بأن استقرار مصر مصلحة إقليمية ودولية، وأن الشراكة معها هى الضمانة بألا تسود الفوضى فى المنطقة، وأن تظل هناك فى البحر المتوسط مسافة للأمان وللتعاون المشترك لمنع عاصفة الكراهية والنازيين الجدد من أن ينشروا الفوضى فى كل مكان!!