أوراق شخصية

أصحاب الشارة الحمراء

أمال عثمان
أمال عثمان

لم تفاجئنى الشارات الحمراء التى وضعها نجوم هوليوود على صدورهم فى حفل توزيع جوائز الأوسكار، تعبيراً عن تضامنهم مع شهداء وضحايا الغزو الإسرائيلى لقطاع غزة، والمطالبة بوقف العدوان الغاشم الذى راح ضحيته آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، والشارات الحمراء هى الشعار الذى اتخذته مجموعة «Artists4Ceasefire»، وتضم عدداً كبيراً من النجوم والمشاهير الموقعين على رسالة مفتوحة تحث الرئيس الأمريكى جو بايدن على الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

كذلك لم تدهشنى المظاهرات التى أحاطت بمسرح دولبى الشهير، للمطالبة بوقف الاحتفال بتوزيع الجوائز، فى وقت يموت فيه الشعب الفلسطينى قتلاً وجوعاً وعطشاً، وتسيل دماؤهم وتُدمر بيوتهم، وسط صمت عالمى مخزٍ ومريب، وضمير إنسانى غائب! لكن الأمر الذى لم أكن أتوقعه، رسالة الإدانة التى وجهها المخرج الإنجليزى اليهودى الأصل «جوناثان غلايزر» من فوق خشبة المسرح، خلال تسلمه الجائزة عن فيلمه «منطقة الاهتمام» الذى يدور حول الهولوكوست، رفض فيها استخدام المحرقة اليهودية لتبرير الهجوم العسكرى المستمر على غزة، قائلاً: «نقف هنا كرجال يدحضون أن تُختطف يهوديتهم والمحرقة، من الاحتلال الإسرائيلى الذى أدى إلى نزاع للعديد من الأبرياء، سواء ضحايا 7 أكتوبر فى إسرائيل، أو الحرب المستمرة على غزة»، معتبراً أن الحرب فى الشرق الأوسط تجرد البشر من إنسانيتهم.

وقد أثارت رسالة المخرج اليهودى ردود فعل «هيستيرية»، تعكس التطرف والعنصرية الصهيونية، وصلت إلى تعرضه إلى انتقادات حادة من عدد من المشاهير، وتحريف كلامه واقتطاعه من مضمونه، ليبدو كأنه أعلن تخليه عن يهوديته!!.

موقف مشابه للكاتبة والفيلسوفة اليهودية الأمريكية المعروفة «جوديث بتلر»، التى أعلنت بشجاعة أنها تعتبر هجوم 7 أكتوبر، مقاومة مسلحة من تنظيم سياسى ضد إسرائيل، وانتفاضة نابعة من حالة القهر والعنف ضد الفلسطينيين لعقود طويلة، وليس هجوماً إرهابيًا، أو عملاً معادياً للسامية، تلك المواقف وغيرها، تعكس نسْف السردية الإسرائيلية أمام العالم وهزيمة الاحتلال سياسياً وإعلامياً، نتيجة العنف والوحشية المفرطة التى يرتكبها، والتى أرجعها المؤرخ اليهودى البروفيسور «إيلان بابيه» إلى شعور الكيان بأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتعكس بداية نهاية المشروع الصهيونى.