الرقابة الإدارية تضبط واقعتى فساد داخل قطاع الطيران المدنى ووزارة التضامن الاجتماعى

الرقابة الإدارية
الرقابة الإدارية

أسماء‭ ‬سالم‭ - ‬محمود‭ ‬صالح‭ ‬

  في الساعات الأخيرة، شنت الرقابة الإدارية العديد من الحملات على مختلف الهيئات الحكومية، واستطاعت ضبط واقعتي فساد، الأولى داخل قطاع الطيران المدني، وضبط 18 مسؤولاً لارتكابهم جرائم الإتجار بالنقد الأجنبي والاختلاس والتربح والإضرار بالمال العام، والواقعة الثانية داخل وزارة التضامن الاجتماعي، وضبط بعض العاملين بمكاتب التأهيل الاجتماعي في ارتكاب جرائم التزوير والرشوة مقابل استصدار بطاقات الخدمات المتكاملة. تفاصيل أكثر في السطور التالية.

قد يبرر البعض مسلكهم الخاطئ بضيق الحال أو العوز، وهو أمر - بصرف النظر عن أنه تبرير ضعيف واهن - مفهوم، وقد نجد من يصوغه كحجة لفساد قلبه وضميره، لكن المسؤول، كيف له أن يتخطى حدود وظيفته وقسمه الذي أقسمه ويسلك طريقًا لا يحمد عقباه، طريق الهدف منه هو الحصول على المال بأى طريقة كانت، حتى لو كانت هذه الطريقة لن تضر شخصًا أو مجموعة فقط، بل تضر بلده ووطنه، هؤلاء الأشخاص الذين يبيعون أوطانهم ومسؤوليتهم بعرض زائل وبمكسب مهما بدى مغريًا تكمن الخسارة فيه، خسارة نفسه وضميره وقبل كل ذلك خسارة دينه ووطنه.

الطيران المدني

من هؤلاء، التشكيل العصابي الذي ضم مجموعة من الموظفين والعاملين في قطاع الطيران المدني، هؤلاء وجدوا في أزمة السيولة الدولارية سبوبة، وبدلا من أن يقسموا على الشرف والأمانة أقسموا على خيانة العهد والذمة، وحاولوا أن يستغلوا هذه الظروف لصالحهم، عن طريق استغلال مناصبهم ومراكزهم، في قطاع حيوي كقطاع الطيران المدني، للإتجار قي النقد الأجنبي والاختلاس والتربح والإضرار بالمال العام.

هذه الاتهامات التي أسندت إليهم لم تكن من فراغ، الرقابة الإدارية رصدت تحركاتهم المشبوهة قبل فترة، وتم تكثيف مراقبتهم، وفي اللحظة المناسبة داهمتهم وألقت القبض عليهم متلبسين بالإتجار في النقد الأجنبي.

طريقة عملهم كانت مختلفة بعض الشيء، أولا بحكم وظائفهم في الخزينة، استطاعوا أن يتلاعبوا في عوائد الدولة من تحصيل رسوم الخدمات المقدمة للمسافرين على خطوط شركة الطيران الوطنية، عن طريق اختلاس العملات الأجنبية الواجب تحصيلها من تلك الخدمات، ثم سرقة هذه الأموال وإيداع المقابل لها من العملة المحلية في الخزينة، وطرح تلك الدولارات التي تحصلوا عليها في السوق السوداء، لاستغلال فرق السعر الذي كان بين سعر العملات الأجنبية في البنوك وسعر العملات الأجنبية في السوق السوداء.

الطريقة التي كانوا يقومون بها، كانت مدبرة ومحكمة، اتفقوا عليها واستطاعوا خلال فترة وجيزة أن ينفذوها، وبدى لهم الأمر مغريًا، خاصة بعد نجاحهم فيها في مرة أولى وثانية.

الطريقة كانت كالآتي، الموظفون وعددهم 18 شخصًا، يشغلون عدة مراكز ومناصب في الإدارة المالية في قطاع الطيران المدني، وتحديدًا في الخزينة، كل واحد منهم له مسؤولية محددة، وصلاحية مختلفة، وكل واحد منهم كان يمارس مسؤولياته وصلاحياته بالطريقة التي من خلالها يتحقق هدف المجموعة ككل.

هدف المجموعة بشكل أساسي هو عدم إيراد العملات الأجنبية التي يتحصلون عليها من الناس مقابل الخدمات المقدمة لهم في الخزينة، وتوريد بدلا من العملات الأجنبية ما يقابلها من العملات المحلية، حسب سعر الصرف الموجود في البنوك، وفعلا كان الأشخاص الذين يسافرون من مصر أو يعودون، يدفعون مقابل الخدمات المقدمة لهم عملات أجنبية مختلفة، وبدلا من أن يوردها الموظف المختص في الخزينة كالمعتاد، كان يتحايل على تلك النقطة بطريقة مختلفة، وهو أن يودع عملات محلية في الخزينة مقابل ما تحصل عليه من عملات أجنبية، ولأن الأمر لا يمر هكذا ببساطة، كانت هناك أكثر من طريقة، إحداهما كانت التلاعب في الإمضاء على استلام المبلغ، والأخرى كانت في التغيب بصفة دورية لكل مسؤول بطريقة معينة، وفي فترة التغيب كان يمهر أحدهما مقابل زميله الآخر بحيث يختلط الأمر على من يراجع وراءهم، وهكذا الجميع كانوا يشتركون في أن تمر جريمتهم دون أن ينتبه إليهم أحد.

الأمر زاد عن حده، خاصة وأن مسافرين أجانب مكتوب في سجلاتهم أنهم دفعوا مقابل الخدمات المقدمة إليهم عملات محلية، أثناء زيارتهم لمصر، وهو ما أثار الشكوك نحوهم، لأنه في الأغلب المسافرين الأجانب يدفعون مقابل الخدمات المقدمة إليهم بالعملات الأجنبية، وهو ما يعني أن هناك أمرًا يدعو إلى الريبة.

هذه التحركات المشبوهة، رصدتها الرقابة الإدارية، وتتبعت هؤلاء لفترة، وتتبعت تحركاتهم والطرق التي من خلالها يتحصلون على تلك الأموال، وبالعرض على المستشار النائب العام بكل هذه التحركات، أصدر قرارًا بضبط المتهمين، وفي غفلة ألقت الرقابة الإدارية القبض عليهم، وبتفتيشهم عثر بحوزتهم على مبالغ مالية بعملات مختلفة، وحررت عن ذلك محاضر، وأحيلت إلى النيابة العامة التي أصدرت قرارًا بحبسهم احتياطيًا وجارى استكمال التحقيقات في الواقعة.

التضامن الاجتماعي

الدولة وفرت كارت «الخدمات المتكاملة» كنوع من الإعانة والمساعدة المقدمة منها إلى ذوي الهمم، تصرف إنساني بحت تقوم به الدولة تجاه أبنائها، لكن البعض وجد في كارت الخدمات المتكالمة فرصة وسبوبة، وأنها ستدر عليهم دخلا كبيرًا، باختصار فرصة لن تعود.

هؤلاء لم يراعوا أن الخدمة في الأساس مقدمة لمن هم أحق بها، لكنهم ابتعدوا عن هذا الهدف، وحاولوا بكل الطرق تقديم تلك الخدمة لمن لا يستحقها، طالما أنه سيدفع.

في المراحل الأولى التى على الشخص من ذوي الهمم أن يمر بها في طريقه إلى استخراج كارت الخدمات المتكاملة، يمر على مكاتب التأهيل المهني، هذه المكاتب هي المعنية باستلام الأوراق، ومطابقتها، والتحري عنها، ومنها ينطلق في مراحله المختلفة حتى يتم الموافقة عليه.

بعض العاملين والموظفين في هذه المكاتب، والتي تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، وجدوا أن تحت أيديهم كنزا عليهم أن يتحصلوا عليه بأي طريقة، وعليه، استقطبوا العديد من المواطنين ضعاف النفوس، واستخرجوا لهم كروت خدمات متكاملة في مقابل مبالغ مالية كبيرة، والأشخاص الذين يتحصلون على هذه الكروت، يستخدمونها  في استيراد سيارات ركوب، خاصة وأنها ستكون دون سداد الرسوم الجمركية والضريبية المقررة.

هذه التحركات رصدتها الرقابة الإدارية، خاصة فيمن يملك هذه البطاقات ممن لا يستحقها، وتتبعت هؤلاء لفترة، وتتبعت تحركاتهم والطرق التي من خلالها يتحصلون على تلك البطاقات،  وبتوسيع دائرة التحريات تم الكشف عن تورط بعض العاملين بمكاتب التأهيل الاجتماعى فى ارتكاب جرائم التزوير وتسهيل الاستيلاء على المال العام والرشوة، مقابل استصدار تلك البطاقات، وبالعرض على المستشار النائب العام بكل هذه التحركات، أصدر قرارًا بضبط المتهمين، وفي غفلة من المتهمين الذن ظنوا وهمًا أنهم بمأمن ولن يتم كشفهم؛ ألقت الرقابة الإدارية القبض عليهم، وحررت عن ذلك المحاضر، وأحيلت إلى النيابة العامة التي أصدرت قرارًا بحبسهم احتياطيًا وجارى استكمال التحقيقات في الواقعة.

اقرأ  أيضا : الرقابة الإدارية تكشف تفاصيل أكبر قضية فساد داخل قطاع الطيران المدني

;