فى الصميم

إنسانية أمريكا.. ضد الجوع ومع الإبادة!!

جلال عارف
جلال عارف

لو سلمنا أن ضمير العالم الغربى قد استيقظ أخيراً وفجأة على حقيقة حصار الجوع الذى فرضته إسرائيل على أهل غزة منذ بدأت حرب الإبادة قبل خمسة شهور«!!» ولو سلمنا بأنهم لم يسمعوا قادة إسرائيل وهم يعلنون على الملأ أنه لا غذاء ولا دواء ولا ماء ولا كهرباء ستصل إلى أكثر من ٢٫٣ مليون مواطن محاصر فى القطاع«!!» ولو سلمنا أيضا بأنهم لم يروا كيف أغلقت إسرائيل كل المعابر، وكيف قصفت الشاحنات  التى حاولت العبور، ثم قصفت الجوعى الذين ذهبوا يبحثون عن رغيف خبز أو كيس طحين«!!»..

لو سلمنا بكل ذلك جدلا، فستبقى الحقائق على الأرض أقوى من محاولات التنصل من المشاركة مع إسرائيل فى حرب التجويع كما شاركت فى الإبادة الجماعية التى يتعرض لها شعب فلسطين.

وأولى الحقائق وأهمها أنه رغم كل الجهود التى يجرى الحديث عنها لإرسال المساعدات برا وبحرا، فسيبقى الطريق البرى هو الشريان الأساسى لدخول المساعدات، وسيبقى إغلاق المعابر من جانب إسرائيل أو تعطيل حركتها هو الجريمة التى يجب انهاؤها فورا، وسيبقى تأمين وصول المساعدات مرهونا بإيقاف الإبادة الجماعية التى تقوم بها إسرائيل بدعم عسكرى وسياسى لا يمكن أن يختفى وراء قناع إرسال المساعدات الإنسانية للجوعى فى غزة مع الاستمرار فى إرسال السلاح لإسرائيل!!

وإذا صدقنا أن المشاعر الإنسانية وحدها هى من حرك جهود الإغاثة أخيرا وليس ما يخطط لفلسطين والمنطقة، فسيبدو غريبا أن استشهاد ٣٠ ألف فلسطينى فى هذا العدوان الوحشى لم يحرك هذه المشاعر من قبل، وأن عيون الغرب «لم ترى»، فى قتل ١٢ ألف طفل فلسطينى ومثلهم من النساء حتى الآن ما يشكل جريمة «إبادة جماعية»، ولا ما يدفعها إلى وقف الجريمة، بل والإصرار على منح إسرائيل الفرصة لاستكمالها برفض أى حديث عن الوقف الفورى والشامل والدائم لإطلاق النار كمدخل وحيد لإنهاء الأزمة ثم التعامل مع الحل العادل الذى يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين.

منذ النكبة الأولى قبل ٧٥ عاما، كان التآمر مستمرا لتبقى قضية فلسطين هى قضية لاجئين ومساعدات إنسانية.. لكن الحقيقة فرضت نفسها والتضحيات قالت إنها قضية شعب يبحث عن حريته، واحتلال لابد أن ينهزم، وعدالة تسقط كل الأقنعة عن مجرمى الحرب ومن يدعمونهم بالسلاح.. أو بادعاء الإنسانية!!