قتلوهم بدافع الفدية l المتهمون فوق مستوى الشبهات وفضحتهم كاميرات المراقبة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

حبيبة‭ ‬جمال

  الإنسان لا يولد مجرمًا، هذه بديهية لا تحتاج لإثبات، وقديمًا قال علماء المنطق والكلام إن كل مجرم إنسان وكل شخص قابل لأن يكون مجرمًا عندما يكون لديه الاستعداد لارتكاب جريمة ما.. وقديما ايضا كنا نرى المسجلين خطر هم الذين يرتكبون الجرائم، ولكن مع تغير الزمان تغيرت الخريطة الإجرامية وأصبحنا نشاهد أشخاصًا يحملون أعلى الشهادات ويشغلون وظائف مرموقة ينزلقون في مستنقع الجريمة، ولكن لم يكن هذا ببعيد عن أعين رجال الأمن الذين يرصدون هذا التغيير، لتظل الجريمة الكاملة هي وهم في ذهن مرتكبها مهما بلغت درجة ذكائه؛ لذا نرى بعد كل جريمة تقع رجال المباحث يوسعون دائرة الاشتباه لتتعدى المسجلين خطر وأصحاب السوابق.. في سطور التحقيق التالي نسرد ثلاث جرائم قتل الرابط المشترك فيها هو أن القتلة من أصحاب المهن المميزة؛انجرفوا نحو طريق الإجرام، خطف ثم ينتهي الأمربقتل الضحية، حتى أن دوافع الجريمة واحدة وهي المرور بضائقة مالية لينتهي الحال بالقبض عليهم.. كان لابد من التحليل النفسي والاجتماعي الذي يدفع مثل هؤلاء الأشخاص رغم تعليمهم العالي أو وظائفهم المميزة لارتكاب جرائم قتل، ولكن قبلها كان علينا استعراض لبعض الجرائم التي وقعت منذ أيام قليلة مضت.

مدرس الفيزياء تحول لقاتل محترف وقطع جثة تلميذه لـ 3 أجزاء

 شغلت جريمة طالب الدقهلية، الرأي العام، بعد العثور على جثمانه والكشف عن تفاصيل مؤلمة، وأن القاتل هو المدرس الخاص به؛ الذي كان يعتبره أخا له وصديقا بسبب قرب سنهما.. الجريمة ليست بشعة فقط بسبب ما حدث فيها وأن القاتل غدر بتلميذه وقطع جثته لثلاثة أجزاء، وإنما البشاعة أيضا في أن القاتل شاب في مقتبل عمره والطريق أمامه طويل، ليس من أرباب السوابق، كيف تحول من مدرس لقاتل في لحظة؟!

بدأت الجريمة بعد اختفاء الطالب إيهاب أشرف، المقيم بقرية عمر بن الخطاب بالحفير مركز الستامونى، أثناء خروجه لتلقي الدرس الخاص بمادة الفيزياء، وبعد تغيب الطالب وتأخره في العودة إلى المنزل، بدأ القلق يسيطر على الأب الذي اخذ يبحث عن ابنه في كل مكان، يحاول الاتصال به، مرة الهاتف مغلق، وأخرى لا أحد يرد، والمرة الثالثة يرد مجهول ويطلب فدية نظير إطلاق سراح نجله، لم يفكر الأب طويلا وقرر دفع الفدية، وانتظر أن يتواصل معه الخاطف لكي يدفع الأموال ويعيد ابنه لحضنه من جديد، لكن بلا فائدة وكانت الصدمة عندما عثر فلاح على جوال بالقرب من مصرف مائي في المنطقة، بالقرب من أرض زراعية، وعندما فتحه وجد فيه الجزء السفلي من جسد بنى آدم، وعلمت القرية بأكملها بقصة نصف الجثة، فأسرع الأب كالمجنون يتمنى ألا يكون جثمان نجله، لكن الصدمة هي جثة ابنه، عرفها من ملابسه وحذائه، ومع ذلك طالبت النيابة العامة اجراء تحليل الـ DNA على الجزء الذي عثر عليه للتأكد إذا كان هو الطالب أم لا؟، وتبين أنه بالفعل للطالب، وأمرت بدفن الجثمان.

وعلى الفور شكلت الأجهزة الأمنية فريق بحث، وبدأت الاستماع إلى الأهالي والمدرس، عن آخر مشاهدة للطالب، وبدأت في تتبع الأماكن التي تبين وجوده فيه، وبعد البحث والتحري تبين أن آخر شخص شاهد الطالب هو المدرس، وأن المكالمات التي تمت على الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه في نطاق المنطقة، على الرغم من قيام المجهول بإخبار والده أن إيهاب نقل خارج المحافظة، وبتضييق الخناق على المدرس انهار واعترف بارتكاب الجريمة.

وعن أسبابه ودوافعه لارتكاب تلك الجريمة، فقال: أنه خلال الآونة الأخيرة مر بضائقة مالية، ومدين بمبالغ مالية كبيرة، ولا يستطيع سدادها، ولعلمه بأن والد المجني عليه ميسور ماديً، ففكر في طلب فدية منهم، وعقب ذلك فكر في التخلص منه بقتله وإخفاء جثته بعد تقسيمها لأشلاء حتى لا ينفضح أمره، ومطالبة ذويه هاتفيًا بمبلغ مالي.

استغل المتهم تواجده بمفرده رفقة المجني عليه بغرفة الدروس الخصوصي، التي يمارس بها عمله كمدرس لمادة الفيزياء وقتله بسكين وتخلص منه، ثم قطع الجثة إلى ثلاثة أجزاء»نصف سفلي- جزع- رأس»، ووضع أحشاء المجني عليه داخل كيس بلاستيكي وألقى الجزء السفلي بمنطقة بحر التبين، والجزع بمجرى مائي بمنطقة 21 الأمل بحفير شهاب الدين في محاولة منه لإخفاء جريمته، ولم يستطع استكمال مساومته لأسرة المجني عليه هاتفيا بعد الانتشار الأمني الكثيف والواسع داخل القرية بنطاق وقوع الجريمة وخشيته من افتضاح أمره. ومازالت النيابة تحقق مع المتهم ويبدو أن هناك مفاجآت كثيرة في تلك القضية سوف تتوالى مع الأيام القادمة وأثناء محاكمة المتهم.

أمرت النيابة العامة بإحالة المتهم بقتل الطالب إيهاب طلبًا لفدية إلى محكمة الجنايات، وذلك بعد انتهاء تحقيقاتها معه وثبوتات هامه بجناية قتل الطفل عمدًا مع سبق الإصرار، وحددت محكمة الاستئناف،جلسة 20 مارس الحالي، لنظرأولى جلسات محاكمته.

أنهى‭ ‬حياة‭ ‬ابن‭ ‬عمه ..  ‬ودفن‭ ‬جثته‭ ‬فى‭ ‬قاع‭ ‬الترعة‭ ‬

في نفس وقت جريمة الطالب إيهاب أشرف، الذي راح ضحية مدرسه الخاص، كانت هناك جريمة أخرى لا تقل بشاعة عنها؛بطلها الطفل يوسف الذي اختفى فجأة عن الأنظار ووجدوه بعدها بأيام جثة هامدة تطفو فوق سطح الترعة، وظلت الجريمة لغزًا محيرًا لمدة ٤ أشهر.. الكل يسأل من القاتل وما هو السبب؟.. وكانت الصدمة أن القاتل هو ابن عمه الذي يعمل محاميًا.

الحكاية بدأت بشكل غامض يوم ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣م، عندما اختفى يوسف، صاحب الـ١٢ عاما، عن منزل والده، بإحدى قرى بلقاس، بمحافظة الدقهلية؛ خرج قاصدا مدرسته ولم يعد من وقتها، جاء في عقل الأب سيناريو أن طليقته أخذته لكي تجبره على ردها لعصمته مرة أخرى، وبدلا من أن يتواصل معها ليفهم القصة أو يتأكد من ظنونه، لم يجد أمامه حلا سوى الذهاب لمركز شرطة بلقاس وتحرير محضر بالاختفاء واتهام طليقته، بعد البلاغ استدعى رجال المباحث الزوجة المتهمة وأنكرت كل الاتهامات وقالت إنه يدعي عليها زورًا بسبب خلافات بينهما.

هنا سيطر القلق والرعب في قلب الأب والأم معا، أين ذهب يوسف؟!، بحثا عنه في كل مكان ولكن بلا فائدة، وكأن الأرض انشقت وابتلعته، خرجت القرية عن بكرة ابيها تبحث عن الطفل يوسف، وضعوا صورته على مواقع التواصل الاجتماعي على أمل أن يعثر عليه أحد، لكن دون جدوى.

بدأ الحزن يرسم خيوطه داخل بيته، تبدلت الفرحة والبهجة إلى تعاسة وحزن، بلغ القلق والخوف لدى أسرته أقصى درجاته، يومان لم تذق الأسرة طعمًا للنوم، حتى كانت الصدمة الأقوى عندما عثروا على جثته غارقًا في مياه الترعة، ووجود حبل حول بطنه مثبت بطرفه قطعة حجرية من البلوك الأبيض، وكأن القاتل أراد أن يدفن الجثة في قاع الترعة ولا تطفو على السطح، واثيرت التساؤلات وقتها من قتله؟، ولماذا ارتكب الجريمة؟، خاصة وأن العائلة بأكملها ليس لها عداوات مع أحد. تشكل فريق بحث لكشف ملابسات الحادث، يعمل ليلا ونهارا لكشف غموض الواقعة على مدار ٤ شهور كاملة وربما اطمأن القاتل الذي كان يذرف دموع التماسيح، اعتقد أنه بمرور كل هذه المدة أنه أفلت من العقاب؛ لكنه استيقظ من أحلامه الوردية ورجال المباحث يدقون بابه للقبض عليه بتهمة قتل الصغير، القاتل هو نجل عم الطفل، ذلك المحامي الذي يبلغ من العمر ٣٠ عاما، بمساعدة صديقه وزوجته.. لكن ما هو السبب؟!

ضائقة مالية

علاء، هذا هو اسم القاتل ابن عم الضحية، يعمل محاميًا بدلا من أن يكون دوره هو الدفاع عن المظلوم حيث يمثل القضاء الواقف تحول في غمضة عين إلى قاتل عتيد الإجرام؛ برر جريمته البشعة بأنه يمر بضائقة مالية ويريد الحصول على المال بأي طريقة ممكنة، فهداه تفكيره أن يخطف يوسف ويطلب فدية من أسرته باعتبارهم ميسورين الحال؛ فجلس يرسم خطته ويحدد الأطراف الذين يشاركونه جريمته، فوقع اختياره على صديق له يدعى السيد، وزوجته عرفيا وتدعى رنا، وبعدما اكتملت الخطة كاملة انتظروا الوقت المناسب للتنفيذ.

الجريمة

ذهب يوسف لمدرسته كعادته، وعند عودته، رأته المتهمة وأخبرت زوجها وعلاء أن الطفل قادم وبالقرب من المنزل، فخرج علاء ونادى عليه لمساعدته في حمل كرتونة لإدخالها بمخزن أسفل المنزل، ذهب يوسف إليه بحسن نية، لم يكن ذلك المسكين يدري أن الطعنة ستأتيه من أقرب الناس إليه، وبمجرد أن دخل البيت انقضوا عليه ووضعوا شريطا لاصقا على فمه بعد تكبيله وإعطائه حقنة مهدئة، وظل الطفل محبوسًا داخل البيت بلا طعام أو شراب، لا يعرف ماذا يحدث معه، وبعدما أبلغ الأب باختفاء نجله وانتشرت المباحث في كل مكان وبدأ البحث عن الطفل، وجد علاء نفسه في مأزق، لا يعرف كيف يتصرف، خصوصا بعدما انتشر خبر اختفاء الطفل في القرية، فلم يجد أمامه سوى التخلص من الطفل وقتله، فقتله بدم بارد ووضع حول جسده «حجر» حتى لا يطفو على سطح الماء، وبكل قسوة وجحود ألقى به في الترعة، وعاد لبيته وكأنه لم يرتكب أي جرم، يمارس حياته بشكل طبيعي ويتظاهر بالحزن والبكاء على الصغير.

مرت الأيام والأسابيع ظن معها أن القضية سوف تقيد ضد مجهول، ولن تنكشف جريمته، لكن لا توجد جريمة كاملة مهما طالت الأيام، حيث استطاع رجال المباحث كشف اللغز والقبض على المتهمين.

قتل يوسف بلا ذنب، وعلى يد أقرب الناس إليه، ابن عمه الذي لم يصن العيش والملح ولم يصن صلة القرابة التي هي من الدرجة الأولى، تناسى أنه رجل قانون ويدافع عن المظلومين، خلع روب المحاماة وتقمص دور أعتى المجرمين وارتكب جريمته؛ لتكون نهايته خلف القضبان مع شريكيه ينتظرون جزاء جريمتهم.

ممرض التل الكبير.. هشم رأس ضحيته وقت صلاة الجمعة

جريمة قتل يستحق مرتكبها لقب مجرم عتيد الإجرام رغم مهنته السامية كونه ينتمي لملائكة الرحمة وهو ابعد ما يكون عنهم؛ خطط ونفذ جريمة قتل بناء على مكالمة تليفونية سمعها بالصدفة أثناء ركوبه الميكروباص مع القتيلة، وعلم من خلالها أنها على وشك أن تتلقى أموالا من جمعية اشتركت فيها مع بعض نساء القرية، ولم يغب السؤال عن بالي في هذه اللحظة؛ هل هذا القاتل كان لديه الاستعداد لارتكاب جريمة ما؟!، الإجابة عن هذا السؤال مؤجلة حين تأتي على لسان علماء الاجتماع والنفس.. لك أن تتخيل شاب في مقتبل عمره بدلا من أن يفكر كيف يجتهد في عمله السامى ويتعب حتى يجد نتيجة تعبه أخذ بقلب ميت يفكر ويخطط لجريمة قتل في لحظة، وكأن الإجرام يجري في دمه؛قتل سيدة بلا ذنب وبأبشع طريقة.. طمعا في مالها ولم يفكر ان جريمته هذه سوف تقوده الى غرفة الإعدام.

نبدأ الحكاية من داخل بيت الست جيهان، المقيمة بعزبة أبو عيادة، التابعة لمنطقة التل الكبير، بمحافظة الإسماعيلية، سيدة في منتصف الأربعينيات من العمر، زوجة وأم مشهود لها بالطيبة والأخلاق الحميدة وحسن المعاملة، لديها من الأبناء ثلاثة، مثلها مثل أي سيدة كانت تشترك في جمعيات للإنفاق على البيت ومساندة زوجها في المعيشة وتعليم ابنائها، الست جيهان عاشت حياة هادئة سعيدة مع أسرتها، لكن في لحظة انقلبت تلك الحياة لحالة من الصدمة والحيرة عندما وجدوها جثة هامدة داخل بيتها وقت صلاة الجمعة.. ماذا حدث خلال تلك الساعة الفاصلة التي تركها فيها ابنيها وزوجها للصلاة؟!

جثة هامدة

استيقظت الأسرة البسيطة يوم الجمعة مبكرا كعادتهم، تناولوا الإفطار سويا، تحدثوا وتبادلوا الضحكات، ثم دخل أحد الأبناء لغرفته للمذاكرة باعتباره في ثانوية عامة، ودخلت جيهان تنظف البيت وترتبه، والزوج يقرأ القرآن ويستعد للذهاب لصلاة الجمعة، وعندما اتى وقت الصلاة خرج مع ابنيه، وتركوها وحدها داخل البيت، وعندما عادوا كانت الصدمة التي ألمت بهم جميعا، جيهان جثة هامدة وسط صالة البيت غارقة في دمائها، لحظات من الصدمة عقدت لسانهم، شلت تفكيرهم، حتى قرروا نقلها سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذها، لكن بلا فائدة، فالقاتل المجهول لم يتركها إلا وهي جثة هامدة، أبلغت الأسرة المكلومة المباحث لمعرفة القاتل ولماذا قتلها وهي لم يكن لها أي عداوات مع أحد؟!، معاينة المباحث الأولية أكدت أن القتل كان بدافع السرقة، ولكن المسروقات لا تتعدى الـ٣٠٠ جنيه، وخاتم ذهب لا يتخطى الجرام الواحد.

حالة من الحزن والصدمة سيطرت على أهالي القرية بأكملها، والتي ودعت تلك الجارة الطيبة لمثواها الأخير في مشهد جنائزي مهيب، رحلت وتركت أبنائها يفتقدون حنانها، ولم يتبق في البيت سوى ذكرياتها ودمائها في كل ركن من أركان البيت تنم على قاتل بلا قلب وشخص معدوم الضمير، ولكن من هو؟!، ولماذا قتلها؟!، سؤالان شغلا بال رجال المباحث، لكن لم يحتاروا طويلا في فك غموض هذه الجريمة البشعة. 

القاتل

بعد أقل من ٢٤ ساعة على تلك الجريمة البشعة، تمكن رجال المباحث من تحديد هوية القاتل وكشف ملابسات الحادث؛المفاجأة هو مهنته؛ يعمل ممرضا في بنك الدم، من جيران الضحية، شاب يبلغ من العمر ٢٨ عاما، اعترافاته وكيف خطط لجريمته ونفذها كانت مثيرة وصادمة ومحزنة في نفس الوقت. 

قبل الجريمة بيومين، تصادف وجود الضحية والمتهم في نفس السيارة التي تقلهما خارج القرية، وهو يجلس بجوارها، كان يفكر في الضائقة المالية التي يمر بها، فهو عليه ديون وصلت إلى ٤٠ ألف جنيه، غير أحكام النفقة التي أخذتها طليقته ضده، من أن يأتي بكل هذه الأموال؟!، جلس شارد الذهن، لم يقطع شروده سوى كلام الضحية عبر الهاتف وهي تقول «تمام هقبض فلوس الجمعية بكره ويوم الجمعة بعد العصر هسلمها لصاحبها»، في تلك اللحظة لمعت عين الشيطان وارتسمت الابتسامة على وجهه، وفي لحظة فكر في سرقة تلك الأموال، جلس يفكر ويخطط للجريمة، ظنها آلاف مؤلفة وهي التي سيتحصل عليها ويعبر بها فوق جثة المجني عليها، لم ينم في تلك الليلة، وهو يستكمل باقي خطته، قرر مراقبة بيت الضحية، وبمجرد أن خرج زوجها وأبناؤها للصلاة، دخل عليها البيت ونفذ جريمته. 

الإمعان في القتل

عندما سأله وكيل النيابة عن كيفية القتل؟، قال نصًا: «أنا زقتها أول مرة ووقعتها على الأرض، ومسكت راسها وخبطتها خبطتين في الأرض لكي تفقد الوعي، لكنها كانت واعية فخبطتها تاني في عتبة الحمام ٣ مرات، وراسها بدأت تنزف لكن كانت مازالت واعية، لمحت مفتاح الأنبوبة في المطبخ فأخدته وخبطها بيه ٣ مرات في وشها، وجبت سكينة وضربتها أكتر من مرة في ضهرها لدرجة أن السكينة اتنت مني، لكن كان فيها الروح، فجبت الأنبوبة نفسها وضربتها بيها لحد ما ماتت، كان لازم اقتلها لأنها عرفاني، ولم اجد سوى ٣٠٠ جنيه وخاتم وهربت قبل ما حد يشوفني»!

القاتل بعد ما سرد تلك التفاصيل البشعة والتي قتل فيها المجني عليها بلا ذنب بأكثر من طريقة، ورغم أن روحها أبت أن تموت من أول مرة وكأنها تعطي له الفرصة أن يتراجع عن جريمته، لكن يبدو أنه صمم أن يكون قاتلا، وبكل جحود وقسوة خرج يمارس حياته ويأخذ عينات الدم من أبناء القرية وكأنه لم يرتكب أي جرم. 

المتهم الآن محبوس خلف القضبان، ينتظر عقوبة ما فعله،عندما ننظر ماذا جنى؟، سنجد أنه لم يجن شيئا، سوى أنه ضيع مستقبله وحياته وجلب العار لابنته الطفلة وأسرته بالكامل. 

سارة، ابنة الضحية،تلك الطبيبة التي منذ تلك اللحظة التي ماتت فيها والدتها، وحياتها متوقفة تماما، غابت الابتسامة عن وجهها هي واخواتها وابيها، انطفأت الفرحة كلما دخلت البيت تتخيل المشهد، لا ترى سوى الدماء في كل ركن من أركانه، لا تتمنى سوى القصاص العادل والإعدام للمتهم في أسرع وقت حتى ترتاح قلوبهم قليلا ويعود حق تلك الأم التي ماتت بلا ذنب وبكل وحشية. 

 

د. أحمد فخرى:  سيكولوجية الشر لا تفرق بين قاتل وآخر

في النهاية لم يبق إلا أن نحلل شخصية هؤلاء، وكيف في لحظة يتحول إنسان يعيش بشكل طبيعي لقاتل محترف، يفكر ويخطط وينفذ جريمته؟!، تواصلنا مع الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، فقال: «لا يولد إنسان مجرم بطبيعته، لكن التكوين النفسي للشخصية يتكون على مراحل العمر، ومن أكثر المراحل في التكوين النفسي هي مرحلة الطفولة وما يتعرض له الطفل سواء للعدوان أو كبت المشاعر أو التعنيف أو الإيذاء البدني، كل هذا يحدث تشوها في البناء النفسي للأطفال ونتاج هذا يظهر في مراحل العمر المختلفة، ولكن عندما نقول ارتكاب جريمة قتل، فهي لم تكن وليدة اللحظة إلا في حالات نادرة جدا، لكن هناك علامات تنذر بأن الشخص القاتل غير ناضج انفعاليًا، ونسميه بالشخص السيكوباتي، شخص يحمل بداخله سيكولوجية الشر منزوع الأخلاق والدين والعرف والمبادئ بصرف النظر عن مهنته، دائما يخترق الأنظمة وعنده حيل للإيقاع بضحاياه».

وأضاف: «فأنا أرى أن المتهمين الأربعة في تلك القضايا التي ذكرهم التحقيق اشتركوا جميعا في أنهم خططوا لجرائمهم وعرفوا كيف يستقطبون ضحاياهم، ودائما ضحاياهم أشخاص أضعف منهم».

فسألناه: بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا من أرباب السوابق وإنما يعملون في وظائف مرموقة ويستطيعون كسب المال بطريقة حلال، فلماذا اختاروا طريق الإجرام؟، فقال: «للأسف هؤلاء الأشخاص يكون لديهم تلذذ وشهوة للطرق غير المشروعة، ويعتقدون أنهم أذكى من جميع البشر، ويبررون جرائمهم بأن الضحايا هم السبب وأن من حقهم ان يكونوا أغنياء مثل أسر الضحايا، حتى تبريرهم غير أخلاقي».

فسألناه بما أن هناك علامات تظهر على الطفل منذ الصغر، فما هو المطلوب حتى نستطيع معالجة الموضوع ومنع تفاقم المشكلة والوصول في النهاية لجريمة قتل؟، أجاب د. فخري: «نحن بحاجة كبيرة لمؤسسات التنشئة في المجتمع، بداية من الأسرة، ننصح الآباء والأمهات بألا يتجاهلوا بعض السلوكيات غير الطبيعية بحجة أنها شقاوة أو ذكاء عالي، تمرد أو كذب، نحتاج هنا لتدخل واستشارات من المتخصصين، أيضا للمدرسة دور كبير في فرز وتصنيف الحالات التي فيها اضطرابات سلوكية أو صعوبات في التعامل مع الآخرين أو عدوان، أيضا دور الوقاية والتوعية سواء من المجتمع المدني وتوعية الأهالي بأنواع الشخصيات وكيفية التعامل معهم، ايضا الإعلام والبرامج الهادفة لها دور مهم يجب ان تقوم به».

اقرأ  أيضا : اليوم.. محاكمة عاطل بتهمة الشروع في قتل جاره بحدائق القبة


 

 

 

;