هل تفاجأت إسرائيل بطوفان الأقصى؟

فلسطينيون يقتحمون السياج الفاصل بين غزة ومستوطنات الغلاف
فلسطينيون يقتحمون السياج الفاصل بين غزة ومستوطنات الغلاف

نوال سيد عبدالله

تفاجأ العالم بعملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر الماضى ليتبعها سيل من التساؤلات حول كيفية حدوث «الاختراق الأمنى الخطير» الذى نجحت فيه حركة حماس أمام «حصون» إسرائيلية عتيدة..

وبناءً على هذه التساؤلات، بنيت الحجج الضاغطة على رئيس الوزراء بمسئوليته عن الإخفاق الأمنى والمؤكدة على ضرورة محاسبته عن ذلك.. واستندت تلك الحجج على وثائق وتحذيرات وجهت للحكومة في وقت سابق على اندلاع «طوفان الأقصى»..

فهل فعلا تفاجأ نتنياهو زعيم اليمين المنفلت بـ«طوفان الأقصى»؟ربما يمكن النظر من وجهة نظر أخرى..

فاليمين الإسرائيلى الذي يعد بالفعل منذ فترة خططا لتوسيع أرض إسرائيل تقوم على إرهاب الفلسطينيين ربما كان ينتظر اللحظة المناسبة لتنفيذ خططه. فالحكومة وأجهزتها الأمنية تطالها هى أيضا شكوك حول تعمدها تسهيل الأجواء لعناصر حركة حماس حتى تتمكن من اجتياز السياج الفاصل وتهجم علي مستوطنات غلاف غزة بما يتماشي مع التطلعات الجيوسياسية طويلة الأمد لإسرائيل، والتي تهدف إلى التوسع الإقليمى من النيل إلى الفرات لإعلان ما تسمي بـ «إسرائيل الكبرى».

وكشفت تقارير عبرية وغربية عديدة النقاب عن تحذيرات عديدة من الداخل والخارج للحكومة الإسرائيلية تتنبأ باستعدادات حماس للقيام بعملية كبيرة خارج نطاق قطاع غزة. ووصفت صحيفة فاينانشيال تايمز رفض الموساد الإسرائيلي تصديق هذه التحذيرات باعتبارها «سيناريو وهمي».

وتساءل الكثير من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي: «كيف لنا أن نصدق أن هجوم حماس كان مباغتا.. فحتى الطيور لو عبرت الحواجز فإننا نستيقظ من أصوات الإنذارات»، في إشارة إلي تعقيدات أنظمة الدفاع علي الحدود بين القطاع ومستوطنات الغلاف. 

وأوضحت التقارير أن تحذيرات محددة، وصلت إلى أعلى المناصب في الأجهزة الأمنية في إسرائيل حول قيام الفصائل الفلسطينية بالتدريب على تفجير نقاط حدودية فى عدة مواقع، ودخول إسرائيل والاستيلاء على الكيبوتز، واحتجاز أسرى أيضًا. وبعد تحليل هذه التقارير ومراقبة التطورات التي تحدث علي الأرض حاليا وقراءة ما بين السطور، من الممكن أن يتم ترجيح حجة تعمد إغفال إسرائيل التحذيرات والسماح بإنجاح عملية طوفان الأقصى لأهداف أسمي وأثمن من وجهة نظر الاحتلال.

وتسعي حكومة نتنياهو المتطرفة بكل ما أوتيت من قوة من تنفيذ مخططات الصهيونية وعلي رأسها تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، واحتلال غزة والسيطرة علي البحر بكل ما فيه من خيرات وغاز وبترول، وتهجير فلسطينيى الضفة الغربية وهدم المسجد الأقصى وبناء ما يدعون أنه هيكل سليمان علي أنقاض ثالث الحرمين الشريفين، غير آبهين بملف الأسرى والمحتجزين.

 فعملية السابع من أكتوبر تعد فرصة عظيمة لليمين الصهيوني لتنفيذ مخططه. فلا فرصة جاءت أو ستأتي ثمينة كهذه. وتقوم إسرائيل بتسويق فكرة أنها تدافع عن نفسها من هجوم حماس وأنها لن تخرج من غزة قبل تفكيك «جيوب الإرهاب» كما تزعم تل أبيب. 

هذا الواقع المؤلم تدعمه وثائق التاريخ التى تؤكد أن مخطط التهجير هدف إسرائيل القديم الذى لم يتوقف، وإن كان قد توارى لفترات عن الأنظار. 

وكشف تقرير بى بى سى فى 31 أكتوبر، أن مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من غزة يعود إلى عام 1971، أي قبل حرب السادس من أكتوبر.

وتضمن تقرير «بي بي سي» وثائق بريطانية سرية، تكشف أبعاد المخطط الإسرائيلي قبل 52 عامًا، والذي كان يهدف إلى ترحيل آلاف من سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، وذلك بعد احتلال الجيش الإسرائيلي غزة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان ‏السورية، في حرب يونيو عام 1967، حيث أصبح القطاع مصدر إزعاج أمني لإسرائيل، وباتت مخيمات اللاجئين ‏بؤر مقاومة للاحتلال.