الصراع الأخير فى حياة «حلمى بكر» لم يكن طرفًا فيه

الموسيقار الراحل حلمي بكر
الموسيقار الراحل حلمي بكر

خناقة بين زوجة الموسيقار حلمي بكر وأسرته على مكان وموعد دفنه.. تاريخ طويل من الجدل والصخب رافق الموسيقار حلمي بكر حتى باب مقبرته لدرجة أن الخلافات وصلت لحد الاتهام بالقتل.. وقبل أن يدفن ويكرم كان هناك ٢٤ ساعة فاصلة ومأساوية، عندما كان جثة داخل المشرحة، ينتظر أن ينتهي الصراع بين زوجته وأقاربه، ويجد من يحنو عليه ويكرمه، دفن أخيرًا حلمي بكر بعد 12 ساعة «بهدله» للجثمان داخل مقابر الوفاء والأمل بالقاهرة، وخيم الحزن على المتواجدين بالمقابر.. فمن كان يصدق أن الموسيقار حلمي بكر الذي عاش حياة صاخبة مليئة بالأحداث المثيرة أن تنتهي حياته بهذا الشكل المأساوي

البداية كانت مع قضية نصب تعرض لها وبسببها أصيب بالشلل، ومن هنا بدأت أزمة بين زوجته ونقابة الموسيقيين، ويوم تلو الآخر كانت الأزمة تتفاقم حتى لحظة وفاته واتهامات ما بين ابنه والزوجة.. بلا شك محطات مأساوية في حياة هذا الفنان الكبير الذي كان بحق هو الواصي على الأغنية ما كنا نتمناها ابدا.

الموسيقار حلمي بكر، واحد من أشهر نجوم الفن في الوطن العربي، اسمه حلمي محمد عيد بكر، ولد ٦ ديسمبر ١٩٣٧ في حي حدائق القبة، تخرج في المعهد العالي للموسيقى العربية، وعمل كمدرس موسيقى بإحدى المدارس الحكومية، ثم تفرغ تماما للموسيقى، حتى قدم أكثر من ١٥٠٠ لحن موسيقي، تعاون مع كبار نجوم مصر والوطن العربي، لدرجة أنه لقب نفسه بالواصي على الأغنية خاصة أنه ترأس لجان الاستماع بنقابة الموسيقيين لمدة ٤٠ سنة.

تحويشة العمر

أزمة حلمي بكر بدأت مع أول صدمة في حياته، من أقرب الناس إليه، مدير أعماله الذي نصب عليه، بعدما حصل منه على توقيع بدون علمه واستولى منه على مبلغ ٢ مليون و٢٨٠ ألف جنيه؛ وبحسب ما قالت زوجته وروت تفاصيل القصة: «في أول شهر ٩ حلمي قال لي إن الفلوس اللي في البنك مش موجودة، روحنا البنك وهناك اكتشفنا إنه ماضي على قرض بـ ٢مليون و٢٨٠ ألف جنيه واحنا مااستلمناش الفلوس دي، وبعد البحث اكتشفنا أن المستفيد من الشيك واحد اسمه «ن» وده كان مدير أعماله وبيظهر معاه في كل الحلقات التليفزيونية، وبالفعل حررنا محضرًا ضده».

ونظرت محكمة جنح العجوزة القضية المرفوعة من حلمي بكر ضد مدير أعماله يوم ١٩ فبراير ٢٠٢٤، وصدر قرار بتأجيل القضية لجلسة ٢٥ مارس الحالي لتقديم المذكرات.

حالة نفسية وشلل

الصدمة التي تعرض لها حلمي بكر بعد النصب عليه من أقرب الناس إليه أصابته بحالة نفسية سيئة لدرجة أنه أصيب بالشلل وأصبح غير قادر على الحركة، حاولت زوجته علاجه فطلبت من نقابة الموسيقيين التكفل بمصاريف العلاج، وهنا بدأت أزمة جديدة في حياة حلمي بكر، مع النقابة، واتهامات ما بين زوجته ونقيب الموسيقيين بالإهمال وعدم التكفل بعلاجه، ووقتها أصدر مصطفى كامل نقيب الموسيقيين بيانًا حول تلك الاتهامات؛ وأن النقابة لم تتخل عنه في أزمته وستتكفل بعلاجه، لكن الجميع فوجئ باختفاء حلمي بكر ونقله لمحافظة الشرقية، حيث بلد زوجته التي بررت تركه القاهرة للاهتمام به ورعايته بعيدا عن الضوضاء والصخب، لكن نقله من القاهرة للشرقية مثل أزمة جديدة بعدما ظهر ابنه هشام الذي يعيش بالولايات المتحدة الأمريكية، وتحدث من خلال أحد البرامج الإذاعية وفجر مفاجأة بأن زوجة أبيه خطفته وعذبته ومنعت أي شخص من التواصل معه، لدرجة أنها منعته من التواصل مع والده والاطمئنان على صحته، وكلما أراد التحدث معه كانت تتحجج بأنها خارج البيت، لذلك قرر النزول لمصر حتى ينقذ والده من براثن زوجة أبيه مثلما قال، وردا على اتهامات الابن قالت سماح القرشي؛ أنها لم تمنع أحدًا من زيارته، وتبادل الطرفان الاتهامات، لدرجة أن حالة حلمي بكر، بدأت تسوء أكثر، لم يكن ذلك المسكين يتوقع أن الكل يتحدث عنه بهذا الشكل ويصفه بالضعيف والمغلوب على أمره، حتى صعدت روحه للسماء.

قبل الدفن

عندما تدهورت حالته الصحية، نقل لمستشفى كفر صقر، وهناك توقف القلب ومع محاولات الأطباء لإنعاشه، مات حلمي بكر، وبدلا من أن تهدأ الأمور تفاقمت الأزمة بين الزوجة وأقاربه في الحصول على تصريح الدفن وتحديد موعد الجنازة، تركوه جثة وتشاجروا سويا، مما دفع الجميع للذهاب إلى قسم شرطة كفر صقر بالشرقية بصحبة عمدة المنطقة لحل النزاع هناك، وانتهت الجلسة ودية في قسم الشرطة وتسلم أشقاء الراحل تصريح الدفن، المشكلة لم تنته بعد، فـ فور وصول الجثمان إلى القاهرة، قرر أهل حلمي بكر أن يذهبوا به إلى المستشفى ووضعه داخل ثلاجة الموتى بالسلام الدولي، لكن الزوجة رفضت وقالت إنها تريد أن تضعه بأي مستشفى قريب من منزله بالمهندسين، لكنهم رفضوا وذهبوا مجددًا إلى قسم الشرطة.

وأثناء نقل الجثمان وبالتحديد قبل وصولهم بنصف ساعة حدثت أزمة أخرى، توقفت السيارات والجثمان بأحد الكمائن وتوجه الجميع إلى قسم شرطة السلام و تحررت محاضر متبادلة هناك، وتحركت سيارة نقل جثمان حلمي بكر برفقة صديقه المقرب.

وخرج هشام نجل الراحل بتسجيل صوتي من الطائرة ورفض أن  يتخذ أي إجراء دون وجوده.. وظل حلمي بكر ينتظر دفنه لمثواه الأخير، وخرج وقتها مصطفى كامل بتصريح ناري وأنه سيرفع قضية من أجل الحصول على حق حلمي بكر، فقال: «معانا رسائل يتم إرسالها للجهات الأمنية عشان نأخد حقوق حلمي بكر». بعدها فجر مرتضى منصور الذي وكله ابنه هشام للدفاع عن حق والده الراحل مفاجأة وقال؛ إنه سيتقدم ببلاغ أن هناك شبهة جنائية في الوفاة وهناك أدلة وتسجيلات صوتية ومع ذلك لا يجزم بصحتها وإنما ينتظر أن تقول جهات التحقيق كلمتها الأخيرة في هذا الاتهام.

تواصلنا مع الزوجة لكي نعرف هل تم بالفعل تقديم بلاغ ضدها بوجود شبهة جنائية في الوفاة، فاكتفت بالرد؛ بأنه إذا كان هناك بلاغ بهذا الشكل فلن يدفن حلمي بكر، لكنه دفن في المقابر وانتهت مأساته.

حتى عزاء الراحل لم يكن هادئًا، وكان مليئًا بالمشاحنات من جميع الأطراف، فشهد العزاء مشاجرة بين المنتجة ليلى الشبح وأسرة أرملة حلمي بكر، تطورت إلى ضرب وشتائم بين الجانبين داخل العزاء الذي أقيم في مسجد الحامدية الشاذلية... وحدثت مشاجرة أخرى بين ليلى الشبح والفنانة هند عاكف، وظهرت «ليلى»، وهي تقول: «فين الـ2 مليون جنيه يا هند يا عاكف، أنتي جاية تمشي في قتيل؟ أنتم عالم نصابين، هند عاكف جاية ليه؟»، لكن لا أحد يعرف ما السبب وما هي علاقة هند بالأموال التي ذكرتها ليلى؟!

مات حلمي بكر بنهاية مؤلمة لا أحد يتمناها، ولا نملك إلا أن نحزن عليها.. ويبقى السؤال هل انتهت الأزمة بموت حلمي بكر أم أن هناك مفاجآت تحملها لنا الأيام القادمة؟! 

اقرأ  أيضا : «الموسيقيين» تتقدم ببلاغ للنائب العام حول أسباب وفاة الموسيقار حلمي بكر


 

;