فى الصميم

يعترفون بالكارثة.. ويتهربون من الحل!!

جلال عارف
جلال عارف

أخيراً.. اضطرت الولايات المتحدة ودول الغرب التى دعمت حرب الإبادة الإسرائيلية فى غزة إلى الإقرار بحجم الكارثة التى يواجهها العالم مع خطر المجاعة الذى يواجهه أكثر من مليونى فلسطينى فى غزة بعد سنوات طويلة من الحصار وخمسة شهور من الإبادة الجماعية ومن حرب التجويع التى فرضتها إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين، ووضعها لكل العراقيل أمام وصول المساعدات الإنسانية ليكون aالمشهد المأساوى فى مذبحة «دوار النابلسي»، فى غزة هو التجسيد الحى للجريمة البشعة فى حق الإنسانية كلها حيث يتم إطلاق النار عمدا من جانب الجيش الإسرائيلى على الجوعى الذين ينتظرون المساعدات.

ومع ذلك.. عادت الولايات المتحدة لاستخدام «الفيتو» لمنع مجلس الأمن من إصدار بيان يدين المجزرة ويحمل إسرائيل المسئولية. وبدلا من إرغام إسرائيل- بقرار دولى حاسم- على إنهاء المذبحة ووقف القتال وفتح المعابر التى تتحكم فيها.. عادت المحاولات لتفريغ شحنة الغضب بإجراءات رمزية مثل إلقاء بعض وجبات الغذاء المحدودة من الطائرات، وتركز الجهد الأمريكي- فى الجانب السياسي- على الهدنة المؤقتة بدلا من الوقف الفورى والنهائى للمذبحة!!

«ديفيد كاميرون» وزير خارجية بريطانيا التى انحازت تماما لإسرائيل منذ بداية الحرب كان أكثر وضوحا فى التعبير عن أن صبر بريطانيا بدأ ينفد بسبب عرقلة إسرائيل للمساعدات الإنسانية. أشار إلى أمرين هامين: الأول أن حجم المساعدات التى وصلت لغزة فى فبراير «بعد قرار محكمة العدل»، كان نصف حجمها فى يناير!! والأمر الثانى والأهم كان الإقرار بالحقيقة التى ظلت الدول الداعمة لإسرائيل تتهرب منها وهى أن إسرائيل «بوصفها قوة الاحتلال»، هى المسئولة عن تقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للشعب الفلسطينى الواقع تحت الاحتلال. وأن ما تفعله الآن قد يكون جرائم حرب بمقتضى القوانين الدولية.

أهمية هذا الحديث أنه يصدر من وزير خارجية بريطانيا صاحبة وعد بلفور وحليفة إسرائيل الدائمة. وأنه يكشف زيف دعوى «حق الدفاع عن النفس» التى كانت دول الغرب بقيادة أمريكا تبرر بها مذابح إسرائيل، ولا ترى فيما تقوم به من قتل وتدمير وتجويع «حرب إبادة» يجب وقفها«!!»

ولا شك أن إدراك العالم لحجم المخاطر التى يتعرض لها شعب فلسطين، والانكشاف الكامل لإسرائيل ككيان عنصرى واحتلال استيطانى يرتكب أبشع الجرائم النازية هو خطوة مهمة نحو الحل العادل والدائم. وهو حل لن يأتى بهدنة قصيرة من أجل تحرير الرهائن وزيادة المساعدات، ولا بالحديث عن الأوضاع الإنسانية من أطراف مازالت - حتى الآن- تمد إسرائيل بأكثر مما تحتاجه من السلاح الذى قتل وأصاب حتى اليوم أكثر من مائة ألف فلسطيني!!

هذا النفاق الدولى ينبغى أن يتوقف، وهذه الازدواجية فى المعايير لابد أن تنتهى وينتهى معها التعامل مع الكيان الصهيونى على أنه فوق القانون وخارج المحاسبة. إذا كانت أمريكا عاجزة عن إرغام إسرائيل على إدخال المساعدات التى تريد إرسالها، فلتوقف إرسال السلاح لإسرائيل بدلا من الاستعراضات الجوية لإنزال بعض الوجبات الغذائية«!!» وإذا كانت وما زالت تبحث عن الحل فهو يبدأ بإنهاء المذبحة التى تقوم بها إسرائيل فورا ونهائيا. وإذا كانت ومازالت لا ترى فيما تقوم به إسرائيل جريمة، فالجريمة واقعة ومستمرة مادام الاحتلال قائما.

ثمن إنكار الحقائق سيكون فادحا، وبأكثر من كل التوقعات!!