يحدث فى مصر الآن

يوم بالمحكمة الدستورية العُليا

يوسف القعيد
يوسف القعيد

كان يومًا لا حد لجماله. الأربعاء الماضى دعانى الدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة لحضور لقاء مع رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العُليا المُطلَّة على نيل المعادى. ذهبتُ فى الموعد. فسيادة القانون تجعلنى أطمئن للمستقبل ولكل شبرٍ فى مصرنا. فالحياة بدون أهل القانون غابة من المستحيل العيش فيها.

كُنا ستة من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة: مصطفى الفقى، وعلى الدين هلال، ومحمد سلماوى، وصابر عرب، وسعد الهلالى، ومفيد شهاب، وخالد القاضى رئيس لجنة الثقافة القانونية بالمجلس الأعلى للثقافة وصديقى وجارى عندما كنت أعيش فى مدينة نصر. هكذا بدون أى ألقاب. كان يجلس على رأس المائدة المستشار بولس فهمى رئيس المحكمة الدستورية العُليا والدكتور هشام عزمى.

والمستشار بولس أول مرة أراه، خرجتُ بعد الاستماع إلى ما قاله سواء مرتجلاً أو من ورقة كانت معه. وقد شعرتُ باطمئنانٍ حقيقى لحاضر مصر ومستقبلها. فمنذُ أن دخلت من باب المحكمة الدستورية العُليا وأنا أشعر أن هذه الأيام تُعطى الإنسان الإحساس بالأمن والأمان فى مصر.

فإن كانت الثقافة التى جئنا من أرضها تُمثِّل قوة مصر الناعمة التى نحن فى أمس الحاجة إليها، فإن الدستور المصرى هو قلعتنا الحصينة التى نلجأ إليها فى الأوقات الصعبة.

وعندما أقول إننا فى هذه الأيام وفى زمن الرئيس عبد الفتاح السيسى نعيش فى دولة القانون، فإن هذا وصفٌ دقيق لحالنا الراهن فى مصر هنا والآن. فالدستور يحمى حرية التعبير، وحقوق الأقليات، ويُمكِّن المصريين من أن يُبدِعوا أفضل ما عندهم.

وعندما نظرتُ إلى جُدران القاعة ورأيت الوجوه الشامخة لرجال القضاء المصرى العِظام وتوقفت طويلاً أمام المستشار عدلى منصور الذى أنقذ مصر من الفوضى فى مرحلة تاريخية مهمة. ويعتبر من مؤسسى هذا الزمان الذى نعيش فيه.

نظرت إلى القُضاة الذين يجلسون على الناحية الأخرى من منضدة الاجتماع التاريخى والمهم وغير العادى. وقلتُ هؤلاء هم من يعطوننا الإحساس بالأمن والأمان فى مصر التى تعرفها الدنيا كلها بكلمتين: الأمن والأمان.

من السادة القُضاة الذين كانوا يجلسون فى الناحية الأخرى أمامنا مع حفظ الألقاب: رجب سليم، ومحمد عماد النجار، وعبد العزيز كمال، وطارق شبل، وطارق عبد العليم، وخالد رأفت، وعلى محمد، وكانت الأخت القاضية الوحيدة فى الاجتماع كله: فاطمة الرزاز، وصلاح الروينى، وأحمد سعد الدين. ويُمكن تلخيص أهمية مثل هذا اللقاء الذى أعتبره لقاء تاريخيًا فإن الثقافة والدستور ركيزتان أساسيتان لحياتنا التى نعيشها.

وصدق الدكتور هشام عزمى عندما قال إن الثقافة مسألة مهمة، بل هى أساس المجتمع الراهن، وهى التى تُعزِّز شعور الإنسان بالانتماء وتوفر له السماحة والاعتزاز. فضلاً عن أنها قوة مصر الناعمة، فمصر تمتلك إرثًا ثقافيًا قديمًا.

فيها كانت أول مطبعة وأول معهد للموسيقى والغناء والسينما. وشهدت الإسكندرية ثانى عرض للسينما على مستوى العالم كله. بما فى ذلك ما نعتبره الآن العالم الأول.

أهمية هذا اليوم الفريد فى حياتى أكدت لى احترام التنوع والاختلاف والحفاظ على قيم المواطنة والعدالة الثقافية. خرجتُ من المبنى العريق وأنا أكثر تفاؤلاً بالزمن الآتى فى بر مصر.