أوراق شخصية

من رابين إلى أبرهام!

د. آمال عثمان
د. آمال عثمان

غضب وردود فعل عنيفة، أعقبت كلمة المخرج الإسرائيلى «يوفال أبرهام»، أثناء تسلمه جائزة أفضل فيلم وثائقى، مع المخرج الفلسطينى «باسل عدرا»، فى حفل ختام مهرجان برلين السينمائى، عن فيلمهما «لا أرض أخرى»، والذى يصور عمليات الإخلاء، وهدم منازل الفلسطينيين فى الضفة الغربية، ولم تقتصر ردود الفعل على الإهانة والإدانة، وإنما وصل الأمر إلى تهديده بالقتل!! 

وجه المخرج الإسرائيلى فى كلمته، رسالة تضامن مع الشعب الفلسطينى، وندد بسياسة الفصل العنصرى، ودعا إلى وقف إطلاق النار فى غزة، قائلاً: «بعد ساعات أعود أنا وباسل إلى أرض لا نتساوى فيها، أعيش فى ظل قانون مدنى، بينما يخضع زميلى للقانون العسكري، ورغم أن مسكن كلينا يبعد 30 دقيقة عن الآخر، إلا أننى أملك حق التصويت ولا يملك هو الحق نفسه، أتمتع بحرية الحركة والتنقل أينما أريد على تلك الأرض، أما باسل فمثل ملايين الفلسطينيين المحتجزين فى الضفة الغربية المحتلة، وهذا الوضع من عدم المساواة، والفصل العنصرى بيننا لابد أن ينتهى». 

تلقى أبرهام بعد تلك الكلمات تهديدات بالقتل، ما دفعه لإلغاء رحلة العودة، وذهبت حشود من اليمين الإسرائيلى إلى منزل عائلته وهددوهم، مما اضطرهم إلى الفرار إلى بلدة أخرى فى منتصف الليل، وسارع مسئولون كبار ووسائل إعلام إسرائيلية وألمانية بالهجوم عليه، واتهامه بمعاداة السامية، ذلك الاتهام جاهز التعليب، لمعاقبة كل من تسول له نفسه انتقاد جرائمهم!! وطالما كشفت تلك العنصرية الصهيونية المتطرفة عن وجهها القبيح، وليس أدل على ذلك من اغتيال «إسحاق رابين» رئيس وزراء إسرائيل الخامس، بسبب اتفاقية «أوسلو» التى أثارت غضب وانتقادات اليمين الإسرائيلى المتطرف، وحزب الليكود بقيادة نتنياهو، ورغم أن «رابين» كان أحد قادة عصابات «الهاجاناه» اليهودية، وأحد مهندسى ومنفذى خطة ترحيل الفلسطينيين، إلا أنهم اعتبروه خائناً وقتلوه! فماذا سيكون مصير المخرج الإسرائيلى الذى تضامن مع الفلسطينيين؟! 

وإذا كانت كلمات المخرج الإسرائيلى قد فضحت جرائم الكيان الإسرائيلى أمام العالم، فإن إقدام الجندى الأمريكى «آرون بوشنل» على إشعال النيران فى نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، يعد صفعة إدانة مدوية للسياسة الأمريكية، وصرخة احتجاج لإيقاظ الضمير العالمى، وطعنة نافذة فى شرف العسكرية الأمريكية، المتواطئة فى حرب الإبادة على غزة، أفظع الجرائم الإنسانية فى العصر الحديث.