إبراهيم ربيع يكتب : خربشة

إبراهيم ربيع
إبراهيم ربيع

أستأذنكم بعيدًا عن الرياضة.. منحت نفسى فرصة لاستيعاب صفقة ''رأس الحكمة''، ثم لمعت عيناى فرأيت الدنيا غير الدنيا وانطلقت مشاعرى فى أرجاء بيتى وبالخصوص فى المطبخ.. داخل الثلاجة وفوق البوتاجاز وعلى الرفوف وفى مخزن السمنة والزيت والأرز والسكر والأكياس المجمدة فى الفريزر، وجميعها كانت بعافية فى الأشهر الأخيرة.. وسرح خيالى فى ''منابى'' من قطعة اللحمة الذى كان لوقت قريب يلامس أنفى قبل أن يدخل فمى ثم معدتى من حجمه الكبير، وتحول بعد ذلك إلى ''برشام'' لا يحتاج حتى لبقايا أسنانى التى تجاور أشكال وألوان التركيبات المتحركة والثابتة.. كنت أقطم ''المناب'' قطعة قطعة وأتلذذ فأصبحت أقذفه فى الحلق وأحاول أن أعوض المليطة المفقودة بزخم الشهيق الطويل المتكرر لأشم رائحة الساحرة الحمراء، وكأننى أستنشق الأوكسجين  من جهاز تنفس.. الآن هناك أمل فى استعادة المليطة وتزفير الأيادى ولمس اللحمة للأنف والنهش فى دبابيس وصدور الفراخ بدلا من مصمصة الأجنحة وانتزاع فتات اللحم الأبيض بين عظام الرقبة والقفص الصدرى.. هى ليست أحلام يقظة، لأنه على الأقل سأضمن لأولادى وأحفادى شيئا من رحيق المليطة مستقبلا.. أو على أقل القليل لدينا فرصة أن نعيش الأمل.. تحيا مصر دائما وأبدا.. فنحن نحبها فى كل ظروفها وأحوالها، غنية أو فقيرة أو ممليطة..