بدون تردد

الإنتاج.. والاستهلاك

محمد بركات
محمد بركات

هناك حقيقة باتت واضحة ومؤكدة لدينا جميعاً، فى ظل التطورات الاقتصادية بالغة الدقة والحساسية التى مررنا بها، وما زلنا نعيش فى كنفها فى الآونة الأخيرة، فى إطار المستجدات التى أحاطت بنا جراء الأزمات المتلاحقة التى طرأت، بداية من جائحة  «كورونا» والحرب الروسية - الأوكرانية، ثم العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة.

هذه الحقيقة تقول وتكرر ما كان معلوماً منذ الأزل وما سيظل قائماً إلى أبد الآبدين، وهو أن العوامل الاقتصادية هى الفاعل والمؤثر على منحى ومسار وشكل وجوهر الحياة، للأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، وهى المحدد لمستوى معيشة الأفراد والأسر داخل كل كيانٍ من هذه الكيانات.

وعلى قدر ما تتمتع به هذه الحقيقة من مصداقية وثبات، إلا أن هناك حقيقة أخرى موازية لها فى الأهمية والمصداقية، وهى وجود توافق عام بين الخبراء والمتخصصين فى مراكز البحث والدراسة الاقتصادية، ترى ضرورة الأخذ بمنهج التقشف العام من جانب الدول والشعوب، فى مواجهة الأزمات الاقتصادية التى تتعرض لها خلال مسيرتها الوطنية.

وهذه الرؤية تزداد ترجيحاً وقبولاً، إذا ما كانت الأزمة التى تواجه هذه الدول وتلك الشعوب لها صفة الامتداد والشمول فى آثارها على المناحى المتعددة لمستوى المعيشة للأفراد والأسر.

وفى هذا الخصوص أعتقد أنه من المهم أن ندرك ونتفهم، أن حالة التقشف تلك ليست مقصورة على الحكومة وحدها، بمعنى أنها ليست الوحيدة التى يجب عليها أن تتخذ الإجراءات المؤدية للتقشف والدالة عليه،...، بل على الدولة كلها أن تقوم بذلك وتشارك فيه.

بمعنى أن على الأسر والأفراد اتخاذ هذا السبيل والقيام بالإجراءات المؤدية للتقشف وترشيد الإنفاق كلما أمكن ذلك وتخفيض الاستهلاك بقدر الإمكان.
ولكن الأهم هو زيادة الإنتاج عن قبولٍ واقتناع وبناء على تفهمٍ عامٍ ورغبة جمعية، للسعى فى اتجاه التغلب على الأزمة الاقتصادية والخلاص من انعكاساتها السلبية التى تؤثر على الكل.

ورغم إدراكى لثقل وصعوبة هذا الذى أقول على بعض الأفراد والأسر،..، إلا أنه يجب أن يُقال للصالح العام، على الرغم من الوعى والإدراك بالقدر الكبير من المعاناة، التى يتحملها عامة المواطنين فى ظل الأزمة الاقتصادية.

لذلك فإننا جميعاً مُطالبون بالانخراط فى السعى نحو الأخذ بالتقشف، ووقف كل مظاهر الإسراف العام والخاص، ووقف الإفراط فى الاستهلاك كلما أمكن ذلك، اقتناعاً وإيماناً منا جميعاً بضرورة السعى الجاد والواعى للخروج من الأزمة الحالية، بزيادة الإنتاج وتخفيض الاستهلاك.

وبكل الصراحة والوضوح، يجب أن يطال ذلك كلاً منا على قدر قدرته واحتماله،...، ماعدا غير القادرين وذوى الظروف الخاصة والمحتاجين للرعاية .