أوراق شخصية

كوكب الشرق فى رحاب الحضارة

أمال عثمان
أمال عثمان

«وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد المجد وحدي، وبناة الأهرام فى سالف الدهر كفونى الكلام عند التحدى، أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودرّاته فرائد عقدي، إن مجدى فى الأوليات عريق من له مثل أولياتى ومجدي».. هكذا تحدثتْ مصر عن نفسها داخل البهو الكبير فى ليلة آسرة خلابة، تعانقتْ فيها الروح مع الخيال، وفى حضرة الفرعون العظيم رمسيس الثانى، صدحت الأنغام الخالدة فى رحاب المتحف المصرى الكبير، وطوقت أغانى كوكب الشرق تراث الأجداد. 

نجح منظمو الحفل الذى أقيم بمناسبة مئوية أم كلثوم، أن يجعلوا الاحتفال بأسطورة الغناء العربى أشبه بلقاء السحاب، لقاء تجتمع فيه روائع سيدة الغناء العربى الخالدة فى الوجدان الإنسانى، مع الحضارة التى علمت الدنيا الإبداع والفن والجمال، والمدهش أن نرى هذا التفاعل والإقبال الجماهيرى الكبير على حفل رفع شعار كامل العدد، ونفدت تذاكره بعد أسبوع واحد من طرحها، برغم ارتفاع أسعارها، وأن يأتى الجمهور العربى بالطائرات خصيصاً لحضور تلك المناسبة المتفردة، ما يؤكد أن الجماهير فى مصر والوطن العربى ما تزال تتوق للطرب والإبداع الفنى الأصيل، وتتلهف لإبداعات عمالقة فن الغناء العربى.

ساهمت الإضاءة والتقنيات الحديثة فى تجسيد كلمات أغانى كوكب الشرق على جدران المتحف، وإضفاء أجواء ساحرة على الحفل الغنائي، الذى شاركت فيه ثلاث مبدعات: ريهام عبد الحكيم، وإيمان عبد الغني، ومروة ناجى، أجادت كل منهن فى تقديم مجموعة من أشهر أغنيات أم كلثوم، بقيادة المايسترو محمد الموجي، ويُحسب لدار الأوبرا دعمها لهذه الأصوات الغنائية المتميزة، وتقديم أجيال مبدعة تجيد أداء أغانى كبار نجوم الغناء العربي. 

منذ الإعلان عن الاحتفال بمئوية كوكب الشرق، توقفت أمام موعد المئوية، لأن مولدها عام 1898، وبدأت الغناء وهى لم يتجاوز عمرها 8 سنوات، أى أن هذا العام يشهد مرور 126 عاماً على ميلادها، لكنى وجدت الإجابة فى كتيب الحفل، وجاء فيه إن الميلاد الحقيقى لسيدة الغناء بدأ بعد حضورها مع عائلتها إلى القاهرة، وغنّت مرتدية البالطو والعقال بصحبة والدها وأخيها فى حديقة الأزبكية، حيث جمعها أول لقاء مع الشاعر أحمد رامى عام 1924 بعد عودته من بعثته فى فرنسا، واستمع إليها وهى تغنى قصيدته «الصب تفضحه عيونه»، وهكذا انطلقت رحلة أسطورة الغناء العربى.