حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: الفضيحة الدولية والتحرك الذكي!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

«أمريكا تعتزم إرسال أسلحة إلى إسرائيل، بينما يسعى بايدن لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار»، هكذا جاء عنوان الخبر الذى لفت نظري الجمعة الماضية، وذكرته صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسئولين أمريكيين، وجاء بمضمون الخبر أن الأسلحة ستعزز ترسانة إسرائيل العسكرية، وتشمل قنابل إم.كيه-82 و ذخائر الهجوم المباشر المشترك كيه.إم.يو-572 التى تضيف توجيها دقيقا للقنابل وصمامات قنابل إف.إم.يو-139، وتبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات، انتهى الخبر مع العلم أن تلك الصفقة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين العزل فى غزة المنكوبة باحتلال مجرم وتواطؤ دولى كريه.

وهنا أعود لما كتبته الأسبوع الماضي أن أمريكا شريك كامل بكل الجرائم الإسرائيلية، رغم أنها تمارس هوايتها فى تزييف الحقائق وميوعة المواقف. ففى الوقت الذى تدعو فيه الإدارة الأمريكية علنا انها تسابق الزمن لوقف آلة الحرب والإبادة الجماعية بغزة، نجدها تسابق الزمن أيضا وبسرعة أكبر لمساندة تل أبيب فى إبادة شعب غزة، بمبدأ «اقتلوهم بس بشويش من غير ما توجعوهم!»، كما تشعل فتيل أزمات وهجمات بالمنطقة لتمهد الأرض أمام أحلام ومخططات الصهيونية العالمية.

وهنا لا جديد فى الموقف الأمريكى - وتابعتها بريطانيا التى كانت عظمى - والذى لا يستحى من مساندة إسرائيل ظالمة أو ظالمة أيضا، لأنها وبفضل هذا الدعم الأنجلوامريكى لم تكن يوما إلا ظالمة مفترية معتدية ومجرمة حرب، لكن العجب فى الموقف الدولى المتخاذل والفاضح، والضمير العالمى الذى مات إكلينيكيا، لا أدرى كيف هذا الصمت والعجز أمام أسوأ وأحقر حرب إبادة فى التاريخ يندى لها جبين العالم.

وأمام هذا الصمت الدولى، وكذلك محاولات إسرائيل وداعميها ترسيخ الباطل وتغيير هوية المنطقة تمهيدا لحلم إسرائيل الكبرى، تواصل مصر جهودها لمواجهة كل تلك المخططات بقوة وصلابة رغم ما يحاك لها من مؤامرات دولية محكمة، ونجحت تلك الجهود حتى الآن فى إبطاء عجلة التهجير وخلق تأييد دولى لموقف مصر، وأمام استمرار إسرائيل بغيها ومخططها المسموم، بدأت مصر تحركا دوليا جديدا عله يكون حجرا يحرك المياه الراكدة بالموقف الدولى المتخاذل، ووضع العالم أمام مسئولياته التاريخية تجاه ما يحدث بغزة. مذكرة قوية قدمتها القاهرة لمحكمة العدل الدولية وتترافع أمامها غدا الأربعاء حول الممارسات الإسرائيلية المخالفة للشرعية الدولية، ولم تقتصر المذكرة المصرية على حرب الإبادة الحالية بغزة، إنما شملت وبالقانون المخالفات والجرائم الإسرائيلية منذ عام 1967 من مستوطنات غير مشروعة بالأراضي المحتلة، ومخالفاتها لمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، باحتلال دام أكثر من 75 عاما، وممارساتها من ترحيل وتهجير وتنكيل بالفلسطينيين وضم الأراضى وهدم المنازل، وتطالب المذكرة بحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم وحظر الاستيلاء على الأراضى بالقوة المسلحة ورفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصرى والممارسات التى تنتهك القانون الدولى لحقوق الإنسان.

وصولا لنهاية المرافعة المنتظرة والتى ستطالب بانسحاب إسرائيل بشكل فورى من الأراضى المحتلة، وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التى لحقت بهم، والأهم مطالبة المجتمع الدولى بعدم الاعتراف بأى أثر قانونى للإجراءات الإسرائيلية، والكف عن توفير الدعم لها، واضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسئولياتها فى هذا الصدد.
تحرك ذكى يضع العالم أمام مسئولياته، فهل يفعلها المجتمع الدولى وينقذ نفسه من مزبلة التاريخ؟!