خبراء الآثار: إيقاف المشروع ينحاز لحماية آثار مصر.. وكساء الهرم بالأحجار الجرانيتية سيشوه منظره

بعدما أثار جدلاً واسعًا| الأهرامات لن تكون على «البلاطة»

كساء الهرم بالأحجار الجرانيتية
كساء الهرم بالأحجار الجرانيتية

وأكدت اللجنة فى تقريرها على ضرورة الحفاظ على حالة الهرم الحالية دون أى إضافات لما له من قيمة أثرية عالمية استثنائية، ويمكن الاستدلال على شكل الكساء الأصلى للهرم من خلال المداميك (الصفوف) السبعة الموجودة حاليا على جسم الهرم منذ آلاف السنين، مضيفة أنه من المستحيل التأكد من المكان الأصلى والدقيق لأى من هذه الكتل الجرانيتية على جسم الهرم، كما أن إعادتها سوف يغطى الشواهد الموجودة لطرق وكيفية بناء المصريين القدماء للأهرامات.

ووفقا للتقرير، أبدت اللجنة موافقتها المبدئية على القيام بأعمال التنقيب الأثرى للبحث عن حُفر مراكب هرم منكاورع (مثل تلك الموجودة بجوار هرمى خوفو وخفرع) شريطة أن يكون هناك أسباب علمية واضحة ومفصلة يتم تقديمها في دراسة يتم عرضها على اللجنة العلمية العليا قبل البدء فى هذه الحفائر، وألا تقتصر الأعمال على فكرة البحث عن حُفر المراكب أو المراكب فقط.

كما أيدت اللجنة المشروع العلمى الأثرى المقدم لدراسة الرفع المساحى لهرم منكاورع وتنظيم الكتل الجرانيتية المكونة للكسوة الخارجية المتساقطة منه، والقيام بأعمال الحفائر للكشف عن باقى هذه الكتل ذات الزوايا المائلة حول الهرم، بالإضافة إلى تنظيف وتنظيم الموقع للزيارة، مؤكده على عدم البدء أو القيام بأية أعمال علمية أو أثرية فى هذا المشروع إلا بعد قيام مدير المشروع بتقديم مقترح تفصيلي متكامل للمشروع يتضمن خطة عمل علمية شاملة، وذلك لمناقشتها باللجنة والتى بدورها سوف ترفع تقريراً علمياً لوزارة السياحة والآثار للتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وللعرض على اللجنة الدائمة للآثار المصرية.

وأكدت اللجنة على ضرورة أن تتضمن خطة عمل هذا المشروع، المدة الزمنية لتنفيذه وأسماء أعضاء فريق العمل من الآثاريين الذين يجب أن يتمتعوا بخبرة فى مجال التسجيل والتنقيب الأثرى ودراسة طبقات الأرض، بالإضافة إلى ضرورة أن يتضمن فريق العمل مهندس ذو خبرة فى مجال التراث الثقافى والترميم، ومهندس معمارى يتمتع بخبرة فى العمارة، مشيرة إلى ضرورة أن يتفرغ مدير المشروع تفرغاً كاملاً لتنفيذ هذا المشروع العلمى الأثري.

وأشار د. منصور بريك، رئيس الإدراة المركزية لآثار القاهرة والجيزة الأسبق، إلى أن قرار اللجنة برفض المشروع كان حكيماً، مؤكداً أنه كان أمراً متوقعاً خاصة أن الدكتور زاهى حواس رئيس اللجنة كان مديرا عاما لمنطقة الأهرامات الأثرية لأكثر من 20 عاماً ويعرف جيداً أهميتها وأسراراها، وأوضح بريك أن الأحجار حول الهرم من الصعب جداً إعادتها إلى مكانها لأننا لا نعرف بشكل مؤكد إذا ما كانت من الكساء الخارجى له.

وأضاف بريك أن أغلب هذه الأحجار مقطوعة بالشكل الذى جلبها عليه المصرى القديم من محاجر أسوان، كما أن جسم الهرم تم بناؤه من الحجر الجيرى الذى تعرض لعوامل التعرية على مدى ما يزيد على 4 آلاف عاماً، وأوضح بريك أن إعادة الأحجار إلى واجهة الهرم كان سيشوه منظره ويقضى على أصالته، خاصة أننا لا نعرف إذا ما كانت الأحجار حوله من الكساء الخارجى أم أن المصرى القديم وضعها حوله تمهيداً لأن يقوم بعد ذلك بتشذيبها وتهيئتها لتركيبها فوق واجهة هرم منكاورع، كما أننا إذا نظرنا إلى الأحجار التى تم تركيبها على الواجهة الشمالية للهرم الثالث سنجد أن الكثير منها لم يتم تشذيبه وصقله، مما يعنى أن العمل فى مشروع تكسية الجزء الأسفل من الهرم فى عصر منكاورع لم يتم استكماله على يد ابنه «شبسكاف» بعد وفاته، بينما أكمل المجموعة الهرمية على عجل وبمواد بسيطة.

وأشار د. إبراهيم بدر، أستاذ الآثار والترميم بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إلى أن فكرة المشروع غير قابلة للنقاش على أثرى وترميمه، فبالنسبة للمستوى الأثرى نجد أن الملك منكاورع لم يستكمل مشروعه بكساء الهرم، حيث أنه لم يأت بهذه الأحجار جاهزة، فكان يستغل الفيضان ويأتى بها من أسوان غير مهذبة إلى ورشة لتقطيعها حسب الحجم والشكل الذى يريده، ولكنه لم يكمله.

أما على مستوى الترميم، فإن هرم منكاورع مصنوع من الحجر الجيري، الذى تعرض لعوامل التعرية المختلفة على مدار آلاف السنوات مما أضعف من خواصه الفيزيائية، لذا، لا يمكن وضع أحجار جراتينية على سطحه الخارجى لأنها لن تحتمل، مضيفا أن التربة فى وقت بناء الهرم ليست هى نفس التربة الموجودة الآن، حيث تعرضت هضبة الجيزة للضعف بسبب مشاكل الصرف الصحى والمياه الجوفية.

وأضاف د. إبراهيم أنه فى العصور الإسلامية وفى عهد محمد علي، بدأوا فى إعادة استخدام أحجار الجرانيت فى الهرم فى بناء بعض المنشآت، لذا لا يعرف علماء الآثار بالتأكيد ما إذا كانت البقايا من الأحجار بجانب الهرم تساقطت منه أم لا، أما من ناحية الترميم، فإن ميثاق فينسيا عام 1964 لحفظ وترميم المبانى الأثرية يوضح بشكل كامل شروط عمليات الإكمال الأثرية خاصة بالنسبة للآثار المصرية، حيث يقول أنه لا يسمح باستكمال أى أثر إلا إذا كان هناك حاجة شديدة للحفاظ عليه، وبالتالى لا توجد ضرورة لاستكمال أحجار هرم منكاورع، وأضاف د. إبراهيم أنه توجد قاعدة شهيرة فى الترميم تقول: إذا بدأ التخمين توقف الترميم، لذا، لا يمكن التدخل فى هذا المشروع سوى بوجود دلائل علمية مؤكدة وموثقة غير قابلة للشك على أن الأحجار كانت جزءاً من الكساء الخارجى لهرم منكاورع. 

و أكد د.محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، أن القرار برفض أى ترميمات أو إضافات لهرم منكاورع إنحاز لحماية آثار مصر، وهناك إجراءات علمية معروفة يجب أن يتم اتباعها قبل اتخاذ القرار بأى حفائر أو أعمال ترميم مهمة، خاصة وأن هذا الموقع على قائمة التراث العالمى ولا يمكن السماح بأى تغيير فى شكل المنطقة قد يؤثر على تاريخها.

من جانبها أكدت د.مونيكا حنا، عالمة الآثار المصرية، أن اللجنة أقرت بإعلاء قيمة الآثار والعلم، خاصة أن إعادة تكسيه هرم منكاورع بحجر الجرانيت المتساقط أسفل الهرم أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، فمن الناحية الأثرية، من الثابت تاريخياً أن القطع الحجرية الجرانيتية بجانب هرم منكاورع غير مهذبة، لأن المصرى القديم هذب القطع عند تثبيتها فى الهرم نفسه، ولذلك هذه القطع بجانب الهرم لم تسقط من هرم منكاورع، ولا يوجد دليل أثري أو تاريخي منشور أو مكتشف على ذلك، وأي محاولة لتثبيتها وتهذيبها هو تدخل سافر في عمل المصري القديم الذى لم يستكمل هذا الهرم ويؤثر بشكل صريح على موثوقية وأصالة الهرم، بالإضافة إلى أن ابن الملك منكاورع، «شبسكاف» لم يستكمل هرم أبيه ولم يكن له مراكب.