ندى محسن
بعد سنوات طويلة من الانتظار لتحقيق حلمه الأكبر والأهم في مشواره الفني، بدأ المطرب الكبير علي الحجار أولى خطوات تنفيذ مشروع “100 سنة غنا”، والذي يتبنى من خلاله إعادة إحياء التراث الغنائي المصري بطريقة توزيع عصرية تتناسب مع منهج وفكر الجيل الحالي من الشباب، وأحيا الحجار أولى حفلات المشروع أمس الأربعاء على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بمناسبة الاحتفال بعيد الحب، وتضمن الحفل تقديم مجموعة مختارة من أجمل أعمال الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب.. في الحوار التالي يتحدث الحجار عن كواليس التحضيرات الخاصة بالمشروع، واختياره لبرنامج الحفل، ومشاركة الفنان الكبير محمد الحلو، كما كشف تفاصيل مسرحيته الجديدة، والعديد من التفاصيل الأخرى.
بدأ علي الحجار حديثه عن كواليس التحضير للحفل الأول لمشروعه “100 سنة غنا” قائلاً: “هذا الحفل هو بداية لمجموعة كبيرة من الحفلات التي سنتناول خلالها تقديم أغنيات التراث وأعمال كِبار نجوم الغناء والتلحين في مصر، بطريقة توزيع عصرية تتناسب مع ذوق الجيل الجديد من الشباب، مع الاحتفاظ بأصالة الألحان ورونقها”، وأضاف الحجار: “شهد الحفل الأول تنوع كبير في اختيار الأعمال الغنائية التي أبدع في تقديمها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب على مدار مشواره الفني، وتم تقديم الحفل بطريقة أشبه إلى (الأوبريت) بالإستعانة بعدد من الراقصين في الاستعراضات التي صاحبت عدد من الأغنيات، والديكورات والإضاءة والملابس التي عبرت عن فترات زمنية مختلفة تحت قيادة المخرج الكبير عصام السيد، فيما تولى الكاتب الصحفي أيمن الحكيم عملية الإعداد لتاريخ الموسيقار محمد عبد الوهاب، وقصة كل أغنية، والتعرف على تاريخ مصر في مختلف الفترات الزمنية سواء الاجتماعي أو السياسي”.
1
كيف تصف شعورك لحظة صعودك على المسرح الكبير لتحقيق الحلم الأهم في مشوارك الفني؟ وهل اختلف شعورك بهذا الحفل عن أي حفل قدمته من قبل؟
شعور بالسعادة لا يُوصف، فلطالما حلمت بتقديم هذا المشروع منذ 22 عامًا، لإن تُراثنا الموسيقي يستحق أن نفخر به، ونُعيد تقديمه بطريقة عصرية، مما يُساهم في تعريف الأجيال الجديدة بأعمال كِبار الملحنين والنجوم التي ستظل خالدة، وسعدت كثيرًا بالحضور الجماهيري الكبير الذي شهده الحفل الأول، وهو ما حمسنا لإعادة تقديم نفس الحفل بدار أوبرا الإسكندرية، ثم ستتوالى حفلات المشروع بحفل جديد في شهر إبريل المقبل.
2
كيف جاء اختيارك لبرنامج الحفل؟
حرصت على اختيار مجموعة كبيرة ومتنوعة من ألحان وأغنيات الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، إذ قدمنا خلال الحفل 20 أغنية، وهو رقم كبير، وتنوعت الأغنيات بين أعمال لـ”كوكب الشرق” أم كلثوم، نجاة الصغيرة، عبد الحليم حافظ، سعد عبد الوهاب، فؤاد المهندس وشكوكو، إلى جانب عدد من الأغنيات المُتميزة التي قدمها عبد الوهاب بصوته، بقيادة المايسترو هشام جبر الذي تولى أيضًا مهمة توزيع جميع الأغنيات بطريقة عصرية.
3
ماذا عن مشاركة الفنان الكبير محمد الحلو؟
أشكره على هذه المشاركة العزيزة، و”روحه الحلوة” التي يتمتع بها والتي يفتقدها الكثير من الفنانين، والحقيقة هو الذي بادر بالمشاركة إيمانًا منه بأهمية المشروع وجدواه غير باحثًا عن مال أو شهرة أو مجد، فهو قامة كبيرة وأوصفه دائمًا بأنه “مطرب المطربين”، وهو يستحق هذا اللقب بجدارة، فضلاً عن إننا تجمعنا علاقة صداقة قوية منذ مرحلة الشباب بحكم جيرتنا في نفس المنطقة السكنية، هذا إلى جانب المشاركة المميزة لعدد من مطربي الأوبرا منهم الفنان أحمد عفت، الفنانة نهاد فتحي، أسماء كمال، الفنان ميدو عادل، يوسف اسماعيل وعلي كمال.
4
كيف جاءتك فكرة المشروع؟
قدمت من قبل عدد لا بأس به من أغنيات التراث والزمن الجميل، بدأتها بأغنية “داري العيون” لمحمد فوزي، التي قدمتها ضمن ألبوم “أعذريني” بتوزيع مُعاصر للفنان ميشيل المصري، وحققت وقتها نجاحًا كبيرًا حتى أن مبيعات الألبوم تخطت الـ 4 آلاف نسخة، وهو رقم كبير وغير مسبوق آنذاك، مما جعل عدد كبير من الشباب يظنون أن “داري العيون” هي أغنية خاصة بي، وكررت التجربة مرة أخرى في أغنية “يا نور جديد” لمحمد فوزي أيضًا، وأغنية “جفنه علم الغزل” للموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، والتي تولى مودي الإمام مهمة توزيعها بشكل مُعاصر، وتكرر نفس الأمر مع هذه الأغنية، وظن عدد كبير من الشباب أنها أغنيتي، أيضًا أغنية “أهو ده اللي صار” لسيد درويش لاقت نجاحًا كبيرًا عندما قدمتها بصوتي من توزيع الموسيقار ياسر عبد الرحمن عام 1992، جميع هذه التجارب الناجحة هي التي شجعتني على تبني فكرة المشروع لاسيما إنني حينها كنت غير قادر ماديًا على إنتاج أكثر من أغنية في كل ألبوم، فضلاً عن أن تُراثنا الموسيقي ثري ويستحق أن يتعارف عليه أجيال عديدة.
5
ما العقبات التي واجهتك في رحلة تنفيذ المشروع؟
لم أواجه عقبات أو صعوبات، لكن المشروع احتاج لوقت ومجهود كبير للغاية حتى يظهر للنور في أفضل صورة.
هل تتضمن خطة المشروع أيضًا حفل لألحان شقيقك الراحل أحمد الحجار؟
أتمنى ذلك، فهو يستحق ويمتلك رصيد كبير من الألحان والأغنيات المُميزة، ولحن لعدد كبير من النجوم منهم أنغام، علاء عبد الخالق، هشام عباس، أنوشكا ومحمد فؤاد، والذي قدم له جميع أغنيات فيلم “أمريكا شيكا بيكا” منها أغنيات “يعني إيه كلمة وطن”، “لازم أغني”، “نفسي أكسر كل حاجة” و”دوب لاب”، وهذه أحد المحطات المهمة في مشواره، ومن الممكن أن يتم دعوة جميع هؤلاء الفنانين من أجل المشاركة في الحفل، ولا أنسى أيضًا أنه أول مَن أشهرني بأغنية “أعذريني”، ثم “لما الشتا يدق البيبان”، وغيرها من أعماله المُميزة.
6
التراث الغنائي المصري زاخر بالأعمال الفنية والمدارس اللحنية المختلفة للعمالقة رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب، محمد الموجي، بليغ حمدي وغيرهم الكثير.. ما أكثر المدارس اللحنية التي تأثرت بها؟
الاختيار صعب للغاية، فقد تأثرت بالعديد من المدارس اللحنية منذ نعومة أظافري إذ كان والدي حريصًا على تعليمي وتثقيفي للتراث الموسيقي، وزادت ثقافتي الموسيقية عندما إلتحقت بفرقة التخت العربي، وحظي “حلو” لإن تاريخي الفني بدأ بالتعاون مع الموسيقار الكبير بليغ حمدي والشاعر الكبير عبد الرحيم منصور في أغنية “على قد ما حبينا”، وأفخر أن آخر أعمال بليغ كانت من نصيبي في مسلسل “بوابة الحلواني”، ثم توالت التعاونات مع الكِبار أمثال الشيخ سيد مكاوي، وصلاح جاهين بتقديم (رباعيات صلاح جاهين)، وأيضًا كمال الطويل، محمد الموجي، وحلمي بكر، ولا أنسى موافقة الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب على تقديمي لأغنيته “جفنه علم الغزل”، كما تعاونت مع الموسيقار الكبير عمار الشريعي في أكثر من 1000 أغنية، وربما يستعجب البعض من ضخامة الرقم، لكن الأعمال الدرامية التي شاركنا فيها لم يقتصر دورنا على تتري البداية والنهاية فقط، إذ احتوت هذه الأعمال على عدد كبير من الأغنيات التي تم تقديمها ضمن أحداث العمل، واستفدت بالعمل معه كثيرًا، وأذكر موقف أثناء تسجيل أغنية “أنا مش أعمى” للشاعر الكبير سيد حجاب من مسلسل “الأيام” عام 1978، وهي أول أغنيات العمل التي قمت بتسجيلها، وكنت صغير السن والخبرة، ووددت أن استعرض إمكانيات صوتي أمام الشريعي وحجاب، والتفنن في الحليات والزخارف اللحنية، إلى أن قاطعوني أثناء الغناء، وقدموا لي نصيحة ذهبية وهى أن الغناء للدراما يختلف عن الغناء الطربي، والأهم من الطرب هو أن يستطيع المطرب التعبير بصوته عن الموضوع، وتشخيص معناه، لإن هذا ما يصل بشكل أسرع للجمهور، ولا أنسى أيضًا تعاوناتي مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، الموسيقار عمر خيرت، الموسيقار ياسر عبد الرحمن، الذين شكلوا محطات مهمة في مشواري الفني الطويل الذي أفخر به.
7
كيف تستطيع الموازنة بين الأصالة والمعاصرة في أعمالك الجديدة؟
أحرص في جميع ألبوماتي الجديدة على التنوع بالتعاون مع مجموعة من الشعراء والملحنين والموزعين اللذين عملت معهم طيلة مشواري الفني، وحققت معهم نجاحات عديدة، إلى جانب حرصي أيضًا على فتح باب التعاون مع جيل جديد من الشعراء والملحنين والموزعين من أجل تجديد الدماء، وتحقيق عنصر المعاصرة، والاستفادة من طريقة تفكير وطرح الجيل الجديد.
8
ماذا عن تفاصيل مسرحية “مش روميو وجوليت”؟
قاربنا على الانتهاء من كافة التفاصيل المتعلقة بالتحضيرات الخاصة بالمسرحية، والعرض قريبًا، وهي مسرحية غنائية استعراضية تُناقش موضوع ليس جديد على مجتمعنا لكنه شائك، ويتم تناوله بشكل مختلف وجديد وغير مسبوق من حيث الغناء، التمثيل، الإستعراض، الديكور، والإضاءة، بمشاركة مجموعة مُتميزة من الفنانين منهم رانيا فريد شوقي، ميدو عادل وعزت زين.
9
ما سبب غيابك لسنوات طويلة عن المشاركة بأعمال سينمائية ودرامية؟
هذا الأمر ليس بيد أي فنان، وأعتقد أنه يرجع لفكرة تعاقب الأجيال وولادة جيل جديد من المؤلفين والمخرجين اللذين يراعون في اختياراتهم اعطاء فرصة الظهور والشهرة لفناني الجيل الحالي أيضًا، وهذا أمر طبيعي لا يُمكننا معاتبتهم عليه.
10
كيف ترى المشهد الغنائي في الوقت الحالي؟
مُؤسف للغاية، ونحن على هذه الحالة منذ سنوات طويلة بعد انتشار أغنيات المهرجانات، ولابد أن يتم اتخاذ قرار حاسم للتصدي لهذه الأعمال من الجهات المعنية بالأمر سواء نقابة المهن الموسيقية، الشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية”، أو وزارة الثقافة المصرية، من أجل حماية الجيل الناشئ من أثر الكلمات والألفاظ البذيئة، فقد استمعت من قبل لعدد من الأطفال يرددون كلمة “أمك صاحبتي” وهو عنوان أحد المهرجانات الشهيرة، وهذا هو حال العديد منهم، لذا أعي تمامًا مدى أهمية مشروع “100 سنة غنا” في تعريف الجيل الجديد بالتراث الغنائي، والإرتباط به سمعيًا، لكنه يظل نقطة في بحر.
اقرأ أيضا : الأوبرا تعلن نفاذ تذاكر أول عروض "100 سنة غنا"
