عصير القلم

البيوت تبقى بالاحترام

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬زيارة‭ ‬واحدة‭ ‬لمحكمة‭ ‬الأسرة‭ ‬وستجعلك‭ ‬تعرف‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬وصلنا‭ .. ‬دعاوى‭ ‬قضائية‭ ‬انتقامية‭ ‬متبادلة‭ ‬أشبه‭ ‬بطلقات‭ ‬الرصاص‭ ‬بين‭ ‬زوجين‭ ‬كانا‭ ‬يعيشان‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬واحد‭ ‬كشريكين‭ ‬متحابين‭ ‬والآن‭ ‬اصبحا‭ ‬خصمين‭ ‬لدودين‭ ‬لا‭ ‬هم‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭ ‬سوى‭ ‬إيذاء‭ ‬الآخر‭ ‬واستنزافه‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬قطرة‭ ‬من‭ ‬روحه‭ ‬وأعصابه‭ ‬وماله‭.‬

هذه‭ ‬عاشت‭ ‬معه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬وهي‭ ‬مهانة‭ ‬ذليلة‭ ‬مكسورة‭ ‬القلب‭ ‬والخاطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أولادها‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬خانها‭ ‬وتزوج‭ ‬مع‭ ‬أخرى‭ ‬شابة‭ ‬ليجدد‭ ‬معها‭ ‬شبابه‭.‬

وهذا‭ ‬سخر‭ ‬صحته‭ ‬ووقته‭ ‬وماله‭ ‬لإسعادها‭ ‬وتلبية‭ ‬كل‭ ‬طلباتها‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬كانت‭ ‬تتعمد‭ ‬إهانته‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬حاصرته‭ ‬بعشرات‭ ‬القضايا‭ ‬حتى‭ ‬تعتصره‭ ‬لآخر‭ ‬جنيه‭ ‬في‭ ‬جيبه‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬دائمًا‭ ‬رجل‭ ‬مفتري‭ ‬أو‭ ‬امرأة‭ ‬مستبدة‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬انسان‭ ‬فاسد‭ ‬عديم‭ ‬الاخلاق‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬جنسه‭ ‬،‭ ‬فنصف‭ ‬القضايا‭ ‬لزوجات‭ ‬تعرضن‭ ‬للظلم‭ ‬والقهر‭ ‬من‭ ‬أزواجهن‭ ‬،‭ ‬والنصف‭ ‬الآخر‭ ‬لرجال‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬تسلط‭ ‬وجحود‭ ‬زوجاتهم‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تجتمع‭ ‬الخصوم‭ ‬ويحصل‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬حق‭ ‬على‭ ‬حقه‭ ‬كاملا‭ ‬وغير‭ ‬منقوص‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ألاعيب‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬أو‭ ‬عبث‭ ‬بالأوراق‭ ‬أو‭ ‬شهود‭ ‬زور‭ ‬يقلبون‭ ‬الحقائق‭ ‬ويصير‭ ‬الحق‭ ‬باطلا‭ ‬على‭ ‬ألسنتهم‭ ‬المسمومة‭ ‬بلعاب‭ ‬الزيف‭ ‬والكذب‭.‬

وقفة‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬ستجعلنا‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيوت‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬

“إمساك‭ ‬بمعروف‭ ‬أو‭ ‬تسريح‭ ‬بإحسان”‭.‬

إذا‭ ‬أراد‭ ‬الزوجان‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬حياتهما‭ ‬الزوجية‭ ‬فليكن‭ ‬بالمودة‭ ‬والتراحم‭ ‬،‭ ‬وإذا‭ ‬أرادا‭ ‬الفراق‭ ‬فليكن‭ ‬بالمروءة‭ ‬والفضل‭ ‬وتسليم‭ ‬الحقوق‭ ‬الشرعية‭ ‬بلا‭ ‬مماطلة‭ ‬أو‭ ‬تسويف‭. ‬

الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬ياسادة‭ ‬أشبه‭ ‬بسيارة‭ ‬تمضي‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬مليئ‭ ‬بالحفر‭ ‬والمطبات‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تركيز‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يمسك‭ ‬بمقود‭ ‬السيارة‭ ‬بقبضته‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينشغل‭ ‬بغير‭ ‬الطريق،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تعتني‭ ‬الزوجة‭ ‬بالأطفال‭ ‬داخل‭ ‬السيارة‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬سلامتهم‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬أن‭ ‬تلفت‭ ‬انتباه‭ ‬زوجها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مطب‭ ‬غفل‭ ‬عنه‭ ‬ولم‭ ‬يدرك‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬الطريق‭.‬

بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬وحدها‭ ‬تصل‭ ‬السيارة‭ ‬بركابها‭ ‬سالمين‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬المشوار،‭ ‬أما‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬وانشغل‭ ‬الزوجان‭ ‬بالتشاحن‭ ‬والتشاجر‭ ‬ولم‭ ‬يلتفتا‭ ‬الى‭ ‬الطريق‭ ‬بحفره‭ ‬مطباته،‭ ‬ستنقلب‭ ‬السيارة‭ ‬بمن‭ ‬فيها‭.‬

الرجال‭ ‬نوعان‭ .. ‬نوع‭ ‬إذا‭ ‬أحب‭ ‬زوجته‭ ‬أكرمها‭ ‬و‭ ‬أعادها‭ ‬طفلة‭ ‬صغيرة‭ ‬تركض‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬الياسمين‭.‬

ونوع‭ ‬آخر‭ ‬يجعل‭ ‬زوجته‭ ‬تأكلها‭ ‬الشيخوخة‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الصبا‭ ‬وتفوق‭ ‬عمرها‭ ‬بمائة‭ ‬عام،‭ ‬فمن‭ ‬الخطأ‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬‎المرأة‭ ‬تزهر‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬معين‭ ‬وتذبل‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬معين‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬تزهر‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬طيب‭ ‬وتذبل‭ ‬مع‭ ‬رجل‭ ‬سيئ‭.‬

صدقوني‭  .. ‬ليست‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬تُنسى‭ ‬بامرأة‭ ‬أخرى‭.‬

هناك‭ ‬امرأة‭ ‬لو‭ ‬ضاعت‭ ‬منك‭ ‬ستمضي‭ ‬بقية‭ ‬حياتك‭ ‬تجمع‭ ‬صورتها‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬امرأة‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬لن‭ ‬تجمعها‭ .‬

وليس‭ ‬كل‭ ‬رجل‭ ‬يعوض‭ ‬أو‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬فهناك‭ ‬رجل‭ ‬لو‭ ‬فقدتيه‭ ‬لن‭ ‬تجدي‭ ‬له‭ ‬شبيها‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أحلامك‭.‬

البيوت‭ ‬لا‭ ‬تبنى‭ ‬بجمال‭ ‬الزوجة‭ ‬ولا‭ ‬تبقى‭ ‬بمال‭ ‬الزوج‭.‬

البيوت‭ ‬تبنى‭ ‬وتبقى‭ ‬بالاحترام‭ ‬بينهما‭ ‬،‭ ‬فمع‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬يذهب‭ ‬جمال‭ ‬المرأة

وينفذ‭ ‬مال‭ ‬الرجل‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يبقى‭ ‬بينهما‭ ‬إلا‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة‭.‬

المرأة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للرجل‭ ‬أمانة‭ ‬،‭ ‬والرجل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمرأة‭ ‬أمان‭.‬

;