سوق الإنترنت والكوافيرات الشعبية بؤرة انتشارها| «أمبولات الكولاجين».. وهم الشباب الدائم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتبت: علا نافع

تقف فاطمة كل يوم أمام المرآة لتتفحص علامات تقدم العمر على وجهها، وذبول بشرتها. ينال منها الإحباط والحزن بعد أن فقدت جمالها. لا تتوقف عن متابعة برامج التجميل ونصائح الخبراء والأطباء علها تجد واحدة من الطرق المضمونة تعيد لها بريقها، حتى نصحتها صديقتها بتناول بودرة الكولاجين البحرى لمكافحة التجاعيد وآثار الشيخوخة.

هذه الصديقة أكدت لفاطمة أن هناك الكثير من مندوبى مستحضرات التجميل يوفرونه بأسعار مخفضة ويوصلونه إلى المنزل مباشرة، فتواصلت فاطمة مع أحدهم وحصلت على عبوة تحتوى على عشرين كيسا بسعر مئتى جنيه، وقد نصحها المندوب بالمداومة على تناول البودرة بعد إذابتها فى كوب من الماء الفاتر قبل النوم مباشرة لمساعدة البشرة على امتصاصها سريعا، والابتعاد عن أشعة الشمس والرطوبة، وأكد لها أن نتائج البودرة تظهر خلال شهر بشرط تناول غذاء صحى وكمية كافية من الماء لا تقل عن ثلاثة لترات يوميًا.

في اليوم الثالث بدأت فاطمة تشعر بغثيان وقيء مستمر مع حكة فى الجلد والتهابات فى بشرتها وصلت لحد الاحمرار المزمن، لتتواصل مع مندوب التجميل الذى أخبرها بأنها لديها حساسية من المادة الفعالة للبودرة وعليها التوقف عن تناولها، ونصحها بتجربة أقراص الكولاجين اليابانية التى من النادر وجود آثار جانبية لها كما أن نتائجها سريعة مقارنة بالأنواع الأخرى، لكنها رفضت ووبخته بعد أن زادت الالتهابات فى بشرتها.

◄ الكوافيرات الشعبية
على أحد أرفف الكوافيرات الشعبية بمنطقة المنيب بالجيزة، تتراص عبوات بودرة الكولاجين وأقنعته الذهبية فضلا عن الكريمات المختلفة مجهولة المصدر، يقف «كريم رينو» صاحب الكوافير ممسكا بإحدى هذه العبوات ليعدد ميزاتها لزبوناته فى إعطاء لمعان للبشرة وتجديد خلاياها الميتة بوقت قياسى، وتوريد الخدود وإزالة تصبغات الجلد نتيجة التعرض المفرط لأشعة الشمس، ويؤكد أن المداومة على وضع الكريمات تسهم فى شد البشرة وعند وضع هذه البودرة على عدة مناطق بالجسم يجعله مشدودا كأجسام عارضات الأزياء.

يستعين بواحدة من زبوناته استخدمت قناع الكولاجين الذهبى وحصلت على بشرة تضاهى فتيات العشرين على حد قولها، يضع على بشرتها القناع بعد مزجه بماء فاتر وبضع قطرات من ماء الورد، لا ينتظر مرور النصف ساعة الموصى بها قبل غسل البشرة فيسارع بإزالته من على بشرة الزبونة، مؤكدًا أن الطريقة المثالية لاستخدامه هى تركه على البشرة لمدة لا تزيد على 10 دقائق، منعًا لانتشار البثور السوداء، ويؤكد «رينو» أن القناع ليس له أى آثار جانبية خاصة لذوات البشرتين الدهنية والحسّاسة.

وعن سعر العبوة يقول: تختلف أسعار مستحضرات الكولاجين المختلفة بحسب فاعليتها ومنشئها، فالأنواع اليابانية والكورية هى الأعلى سعراً، فيتراوح سعر العبوة الواحدة بين 70 و200 جنيه. أما الأقنعة التركية فيتراوح سعرها بين 50 و100 جنيه بحسب عدد الأكياس وفاعليتها، مشيرًا إلى أن سوق الكولاجين بات يحوى الكثير من الأنواع والماركات التى تتناسب مع كافة أنواع البشرة.

أما شادية وشهرتها «شوشو»، صاحبة كوافير بحى السيدة زينب، فتقول: انتشرت أقنعة الكولاجين الممزوجة بماء الذهب بشكل كبير، وكذلك الأمبولات المذابة فى الماء، حيث إن لهما قدرة على تقشير الوجه والتخلص من طبقات الجلد الميتة بجانب خصائصهما المضادة للتجاعيد، والأهم تعزيز إنتاج الكولاجين الطبيعى، ما يمنح البشرة توهجًا ولمعانًا، خاصة عند التقدم فى العمر،  لافتة إلى أن الكثير من زبوناتها يسارعن للحصول عليها.

وتضيف شوشو: أشترى العبوات من بعض الصفحات على الإنترنت وأغلب أصحابها مندوبون لتلك الماركات العالمية، لذا يوفرون لى المستحضرات بسعر الجملة، كما أن هناك ثقة متبادلة بيننا، فأنا زبونة لهم منذ أكثر من خمس سنوات، مشيرة إلى أن الكثير من الصيدليات الكبرى تشترى من هذه الصفحات بأسعار مخفضة وتبيعها بأسعار مضاعفة.

وعن تأثير هذه المستحضرات تقول: تختلف تأثيراتها بحسب حالة البشرة وعمرها لكن الأمبولات هى الأكثر فاعلية، حيث يتم إذابة الأمبول فى نصف لتر من الماء ثم يوضع بلطف على الوجه والرقبة مع التدليك عكس اتجاه الجاذبية الأرضية وتظهر نتائجها بعد عشرة أيام على الأكثر، لذا أنصح العرائس بالمداومة على استخدامها، لافتة إلى أن سعر الأمبول الواحد فى حدود 50 جنيهًا فقط.

◄ اقرأ أيضًا | تعرف على الأطعمة التى تساعد على تعزيز إنتاج الكولاجين

◄ سوق الإنترنت
يعج سوق الإنترنت بالعديد من صفحات الفيسبوك التى تبيع مستحضرات الكولاجين بأسعار زهيدة ومنها صفحة تقدم مستحضرات بأسعار «على قد الإيد»، وتعرض أنواعًا مختلفة من المنتجات، منها كولاجين إصلاح البشرة والشعر، مع إمكانية الشحن لجميع المحافظات، وكذلك تزويد الكوافيرات بكمية كبيرة منها، لتنهال التعليقات على طلب العبوة دون التحرى عن مصدرها أو تصاريح وزارة الصحة. 

صفحة أخرى تحمل اسم «ست الحسن للميك أب والإكسسورات الحريمى»، تعرض أحد أشهر أنواع الكولاجين المستورد، وتذكر الصفحة عبر أحد منشوراتها أن «الكولاجين الذهبى المضيء يصلح استخدامه للبشرة وللشعر معا، مش بس كولاجين خام، إحنا ضفنا نترات دهب اللى هترجع نضارة بشرتك، وكمان بلاشر عشان يوّرد البشرة، واللوك يطلع طبيعى، تقدرى تنزلى بيه الصبح عادى جدًا، لأنه هيخليكى تستفيدى من أشعة الشمس المفيدة ويحجب عنك الأشعة الضارة».

وعرضت الصفحة أيضا كولاجين الثوم لعلاج فراغات الرأس وتساقط الشعر نتيجة التقدم فى العمر، كما روجت لقدرته على زيادة كثافة الشعر وتنعيمه وحمايته من الشيخوخة المبكرة واستعانت ببعض الآراء التى زعمت استخدامها للمنتج وحصولهن على نتيجة مبهرة بحسب قولهن.

وبالتواصل عن طريق رسائل الصفحة، أكدت القائمة على الصفحة وتُدعى أم أحمد، أن الأمبولات هى عبارة عن دهان يومى للوجه يحتوى على نسبة من الكولاجين الخام ونترات الذهب إضافة إلى فيتامينى (E) و(C) كذلك حمض الهاليورنيك اللازم لشد البشرة وتبييضها، كما يقلل من ظهور التجاعيد المبكرة خلال عدة أيام فقط، حيث تحتوى العبوة على خمسة أمبولات تكفى لمدة عشرة أيام، مشيرة إلى أن العرائس هن الأكثر طلبًا لذلك المنتج حيث يحرصن على استخدامه قبل الزفاف بمدة لا تقل عن شهر.

وعن سعر العبوة تقول: تبدأ أسعارها من مائة إلى مئتى جنيه بحسب عدد الأمبولات وهى عادة ما تكون تركية الصنع أما بودرة الكولاجين الأمريكية فسعرها لا يتخطى الثلاثمائة جنيه وتكفى لمدة شهر على عكس الكبسولات التى يرتفع سعرها ليصل إلى 500 جنيه.

◄ خطر شديد
يقول الدكتور أحمد عباس، طبيب أمراض جلدية: يعد الكولاجين منتجا طبيعيا تنتجه الغضاريف والأربطة والبشرة لكن مع تقدم السن يقل معدل إنتاجه ويتناقص بالوصول لسن الشيخوخة وهو المسئول عن منح البشرة رونقا طبيعيا ولمعانا كذلك خصلات الشعر، ومع قلة معدله بات لدى الكثير من السيدات هوس الحصول عليه للإبقاء على شبابهن وجمال مظهرهن وهو ما جعل الكثير من صفحات وشركات التجميل الوهمية تقدم مستحضرات الكولاجين مجهولة المصدر سواء أكانت أمبولات أو بودرة أو حتى كريمات الشد مدعين قدرتها على تأخير علامات الشيخوخة وعلاج الخطوط البيضاء.

ويضيف: والمؤسف أن تلك الصفحات تروج لمنتجاتها من خلال الكوافيرات الشعبية أو صفحات الإنترنت مستغلة جهل الكثير من السيدات وغياب الرقابة الطبية مما يزيد من خطر الإصابة بالالتهابات وحروق الجلد بل والتشوهات المزمنة فى بعض الأحيان.

ويشير عباس إلى أن حبوب الكولاجين ليس لها أى تأثير فى البشرة فهى لا تصل لطبقات الجلد إذ تقوم المعدة بهضمها وعدم الاستفادة منها وبالتالى لا يصبح لها أى تأثير، كذلك الأمبولات التى أغلبها عبارة عن كولاجين حيوانى لا يصلح مع كافة أنواع البشرة خاصة الجافة.

◄ حقن الكولاجين 
أما الدكتورة هديل رفعت، طبيبة أمراض جلدية وتجميل فتقول: أصبحت الكثير من الفتيات والسيدات يقبلن على استخدام مستحضرات الكولاجين من أقراص وكريمات لإعادة حيوية البشرة والشعر على المدى البعيد دون التحرى عن مصدرها أو فاعليتها رغم أن الاستخدام الأمثل له يكون عن طريق الحقن فى مراكز التجميل أو فى العيادات المعروفة، مشيرة إلى أن أغلب المستحضرات الموجودة والمباعة عن طريق الإنترنت أو المتاجر هى مغشوشة وتحتوى على مواد خطرة قد تسبب سرطان الجلد والتشوهات.

◄ ضبط قانوني
وفيما يخص العقوبة القانونية لغش مستحضرات التجميل، يقول أيمن محفوظ المحامى بالنقض: تصدى قانون الغش والتدليس لانتشار مستحضرات تجميل مغشوشة سواء فى الأسواق أو على الإنترنت، حيث نص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن السنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تجاوز 20 ألف جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين، مشيرًا إلى أن المتضرر يمكنه أيضًا مطالبة الجانى بالتعويض الملائم له بحسب تضرره.

◄ عمليات التهريب
من ناحية أخرى، يقول الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية ومستحضرات التجميل باتحاد الغرف التجارية: لا تتوانى وزارة الصحة عن إطلاق تحذيراتها للمستهلكين بالتعامل مع مصانع بير السلم أو صفحات الإنترنت المشبوهة وشراء منتجاتهم، حيث إن أغلبها لا يحمل تصاريح الوزارة، فمستحضرات الكولاجين يتم استيرادها على شكل مادة خام، من ثم يتم تصنيعها وتسييلها وتتم الرقابة عليها من خلال هيئة الرقابة على الصادرات والواردات. لافتًا إلى أن أغلب المنتجات التى تباع سواء على الإنترنت أو فى الكوافيرات الشعبية تكون مهربة أو منتهية الصلاحية.