تاج

لغة العميان !

محمد واهدان
محمد واهدان

ليس المقصود التقليل من فاقدى نعمة الإبصار، ولكن الهدف من كتابة هذه الكلمات هو عدم فقدان البصيرة ، فمنذ سنوات ولم نعد ننظر فى وجوه بعضنا البعض كما فى الماضي؛ بسبب تعلقنا بالهاتف المحمول وتطبيقاته ، وبوتيرة متسارعة كنا على موعد مع زراعة أول شريحة إلكترونية فى مخ إنسان ، واليوم انتشرت فيديوهات وصور عن استخدامات نظارة أبل «فيجن برو» الجديدة، والتى أغرقت الأسواق الأمريكية تمهيداً لبيعها حول العالم، هذه النظارة بها تقنية مرعبة تجمع بين الواقع المعزز والعالم الافتراضى ،أو بالأحرى كمبيوتر محيطى يغرق الدماغ بمزيج من الواقع الرقمى مع الواقع المادى المحسوس، وهو الخطر بعينه،فبغض النظر عن الاستفادة العلمية والإنسانية أو سعرها الباهظ، إلا أن المراهقين كانوا أول الزبائن ،شباب وفتيات يتحركون فى الشوارع كالزومبى ،تجد أياديهم تندفع يميناً ويساراً فى الفراغ بشكل هستيرى مجنون ، بينما تجد آخرين يتسوقون أو يأكلون أو يقودون سياراتهم وهم يرتدونها ، بينهم لغة مشتركة وهى لغة العميان،يتسابقون لشراء النظارة المزعومة ،وهم فى الحقيقة يتسابقون على إفساد نعمة البصر والعيون التى كانت مصدر إلهام الشعراء فى قصائدهم، والتى تستخدم فى الاتصال الإنسانى بين البشر.


● الخلاصة:«لايغرينكم جمال الشكل أو سحر التقنية حتى لا تقعوا أسرى لها ، فهو مستوى جديد من العزلة أكثر متعة وأكثر هطلاً ومرضاً،النظارة ليست خطراً فقط على مستخدميها ، وإنما أيضاً على السلامة العامة، ولكن السؤال الأصعب..هل هى رفاهية باهظة الثمن ؟ أم واقع جديد وحقبة مختلفة لثورة تكنولوجية جديدة ، يختفى فيها المحمول والكمبيوتر والتلفاز ، وتختفى فيها عيون البشر استعداداً لإفنائه إكلينيكياً، لاشك بأن هناك تهديدات يصعب التنبؤ بها ، أشفق على جيلى هذا ..نظراً لتعدد الأساليب التكنولوجية ومحاصرتها لنا ، ولكن يتبقى لنا دائماً الوعى والإيمان، وهما طوق النجاة؛ قبل أن نجد أنفسنا داخل متاهة نفسية نعيش فيها كعرائس ماريونيت حقبة رقمية مقيتة».


● فيسبوكيات: «التقدم هو قدرة الإنسان على تعقيد البساطة».