إنها مصر

رمضان وحرب غزة !

كرم جبر
كرم جبر

لا شيء أسوأ من الحسابات الخاطئة.
فعندما قامت حماس بعملية طوفان الأقصى، لم تعمل حساب رد فعل إسرائيل، وإذا كانت تعلم فالحسابات كارثية.. فقد كانت تستهدف فك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وتخفيف الأعباء المعيشية الكارثية، وكان الرد الإسرائيلى ما نشهده الآن.


كانت حماس فى السابق تقوم بعمليات صغيرة، فيكون الرد كبيراً، فى الحصار والقتل والمذابح والاعتقالات، وكان عليها أن تتوقع «رد الفعل» لعملية كبيرة مثل طوفان الأقصى.


وعندما قامت إسرائيل باجتياح غزة، لم تعمل حساب حماس، وتوقعت شطبها فى غضون أسابيع قليلة، ففوجئت بحرب استنزاف طويلة كان ثمنها فادحاً، وكسبت حماس تعاطفاً، وأعادت من جديد إحياء الكفاح الفلسطيني.
وحسابات الطرفين خاطئة فى مسألة الرهائن، فإسرائيل تبحث عنهم فوق الأرض وتحت الأرض، ولم تعثر حتى الآن على شيء، وقد تكون النتيجة هى قتلهم جميعاً بأيدى الجيش الإسرائيلى نفسه فى عمليات الاقتحام المجنونة.
واستمرت الحسابات الخاطئة فى الموقف الأمريكى المخجل.
ففى الوقت الذى يطالب فيه الرئيس الأمريكى بالحفاظ على المدنيين، ويدعو إلى تنسيق العمل مع إسرائيل قبل اجتياح غزة، يستمر تدفق الأسلحة الأمريكية المحظورة لتقتل المدنيين، وقلوبنا تدمى ونحن نشاهد الأطفال الشهداء والمصابين.
فماذا تفعل أمريكا غير التصريحات المطاطة التى يأخذ منها كل طرف ما يرضيه ويفسرها حسب هواه، وكيف تنسق مع إسرائيل فى اجتياح غزة، وهى تعلم أن الضحايا سيكونون بعشرات الآلاف؟.
وتجسدت الحسابات الأمريكية الخاطئة فى توسيع نطاق الحرب فى المنطقة، رغم تصريحات المسئولين فيها بعكس ذلك، بينما تضرب الحوثيين وشمال سوريا والعراق كأمثلة فاضحة للرغبة الأمريكية فى مد رقعة النيران فى المنطقة.
والخطأ الذى يصل إلى حد الخطيئة هى فى اجتياح رفح الفلسطينية، التى لا يوجد فيها موضع قدم خالٍ من السكان الخائفين من أسلحة الموت التى لا تترك النساء والأطفال.


ولأول مرة فى التاريخ تأخذ دولة معتدية شعباً بأكمله كرهائن، بحثاً عن «السنوار» ومن معه من قادة حماس، بعد أن هدمت غزة ولم تعثر عليهم، وفى قبضتهم الرهائن، وقد لا تعثر عليهم إلا جثثاً وأشلاء برصاص جيشها الإجرامي.
والحسابات الخاطئة إذا استمرت الحرب فى رمضان، فسوف تتحول المساجد فى كل أنحاء العالم، إلى زلازل وبراكين تقذف إسرائيل وأمريكا بالدعوات، لأن الشعوب الحزينة لا تملك غيرها.
وفى ظل مجتمع دولى مصاب بانفصام المواقف، ومجتمع عربى يعانى من ظروف معقدة، والمحصلة هى أن إسرائيل التى كانت تحلم بالتطبيع والعلاقات الاقتصادية، لن تحصل على ذلك بفعل الغضب الشعبي.
وحسابات نتنياهو الخاطئة جعلته يهدم المعبد فوق رأسه ورأس دولته الظالمة.