«دولة عميقة» تبقي على نتانياهو حتى 2025

نتانياهو
نتانياهو

في مسعى للانفتاح على حكومة وحدة وطنية بدلًا من حكومة الطوارئ الحالية، وفى محاولة للالتفاف على إجراء انتخابات جديدة، أعاد مهندس المشهد السياسي الإسرائيلي ترتيب الأوراق، واستوعبت القوى السياسية رغبة «دولة عبرية عميقة» فى إمساكٍ بالعصا من منتصفها؛ فبينما اقتربت المعارضة وزعيمها يائير لابيد من نتانياهو وحكومته، جنحت الأحزاب الدينية (الحريديم) ناحية رئيس تحالف «معسكر الدولة» بنى جانتس، وقال رئيس أهم أحزابها «شاس» آرييه درعى إن «الجنرال جانتس هو الأقرب لتمرير مطالب الحريديم».

آرييه درعى المُعترض على صلاحيته القانونية عند انضمامه وحزبه لحكومة نتانياهو، حاول غسل ما أفسده رفيقه المتطرف، وزير الأمن القومى إيتمار بن جافير؛ فبينما هاجم الأخير الرئيس الأمريكى جو بايدن فى حوار مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، غرَّد درعى فى حسابه على X (تويتر سابقًا)، محاولًا الظهور فى قناع السياسى الحكيم، وكتب يقول: «شكرًا للرئيس الأمريكى جو بايدن. لن ينسى شعب إسرائيل إلى الأبد كيف وقفت إلى جانبنا فى واحدة من أصعب الساعات».

ولتغليب سيناريو حكومة الوحدة على إجراء انتخابات جديدة، انحسرت الأضواء عن عضو مجلس الحرب، رئيس الأركان الأسبق، الجنرال جادى آيزنكوت، الذى أشارت بورصة الأسهم الحزبية فى تل أبيب إلى احتمالية تأسيسه حزبا جديدا لقيادة حكومة بديلة، بعد انضمام «كتل الحريديم» إلى حزبه الجديد.

ويرى مراقبون أن أفول نجم آيزنكوت لا يغاير كثيرًا سقوط ورقة رئيس الموساد السابق يوسى كوهين، الذى تضاءلت فرص تشكيله هو الآخر حكومة بديلة عبر تأسيس حزب جديد؛ فكلا الرجلين (آيزنكوت وكوهين) كانا يعوِّلان على تفكيك الحكومة الحالية وإجراء انتخابات جديدة؛ لكن دهاة السياسة الإسرائيلية يدركون مدى تشبث نتانياهو بموقعه، وبرروا ذلك بضعف تماسك الجبهة الداخلية أمام موجات تناحر سياسي.

ربما كان هذا التوجه مفيدًا لكافة دوائر الحكم الإسرائيلية، فرئيس الوزراء يضمن بذلك بقاءً على رأس الحكومة حتى آخر 2025، وبالتالى نجاة من مقصلة المحاكمة، سواء ذات الصلة بقضايا فساده، أو المتعلقة بفشله فى إدارة غزة. وعبر التوجه ذاته، يتخلص نتانياهو من صداع وزير الأمن القومى إيتمار بن جافير، ووزير المالية بتسلئيل سيموتريتش، اللذين يهددان مرة تلو أخرى بانسحاب من الحكومة وتفكيكها، ويلوحان فى مقابل التهدئة مع نتانياهو بالإصرار على تنفيذ كامل الاتفاقات الائتلافية.

زعيم المعارضة يائير لابيد انتهز هو الآخر الفرصة السانحة، وبدلًا من الجلوس على مقاعد المتفرجين، ومتابعة سقوط أسهم حزبه «هناك مستقبل»، قرر ركوب الموجة عبر انضمام لحكومة برئاسة نتانياهو، مبررًا ذلك بإبعاد ابن جافير وسيموتريتش عن المشهد، لاسيما بعد اعتراضهما على صفقة تبادل الأسرى مع حماس.

ويؤكد المراقبون أنه حال انسحاب ابن جافير وسيموتريتش من الحكومة، فلن يرافقهما أى من أعضاء تحالفهما داخل الائتلاف، وإنما ينضمون إلى معسكر يائير لابيد أو إلى بنى جانتس، ليصبح التحالفان -إلى جانب كتلة نتانياهو- نواة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة.