الافتاء توضح وقت أذكار الصباح والمساء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ذكرت دار الإفتاء المصرية أنَّ ذِكرَ الله تعالى مِن أفضل الأعمالِ؛ لأن سائر العبادات وسائل يتقرب بها العبد إلى الله عزَّ وجلَّ، بخلاف الذكر الذي هو المقصود الأسنى؛ كما في "شرح المشكاة" لشرف الدين الطيبي (5/ 1733، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز)، ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِن إِنفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَّكُمْ مِنْ أَن تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْناقَكُمْ»؟ قالوا: بلى، قال: «ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى» أخرجه الترمذي في "سننه".

قالت "وقت أذكار الصباح يبدأ من ثلث الليل أو نصفه إلى الزوال، وأفضله بعد صلاةِ الصُّبح إلى طلوعِ الشمس، ووقتُ أذكار المساء يبدأ مِن زوال الشَّمس إلى الصّباح، وأفضله مِن بعد صلاة العصر حتّى غروب الشمس، وتجوز قراءةُ أذكار الصباح بعد طلوع الشمس، وكذا أذكار المساء بعد غروبها، ويكون للقارئ الأجر والثواب كامِلًا.

وأوضحت دار الإفتاء بالتفصيل وقت أذكار الصباح والمساء كمايلي:

قد قسَّم الإمام أبو حامد الغزالي أورادَ النهار إلى سبعة، وأورادَ اللَّيل إلى أربعة؛ فقال في "إحياء علوم الدين" (1/ 331، ط. دار المعرفة): [اعلم أنَّ أوراد النهار سبعة: فما بين طلوعِ الصبح إلى طلوع قرص الشمس وردٌ، وما بين طلوع الشمس إلى الزوال وردان، وما بين الزّوال إلى وقت العصر وردان، وما بين العصر إلى المغرب وردان، والليل ينقسم إلى أربعة أوراد: وردان من المغرب إلى وقت نوم الناس، ووردان من النصف الأخير من الليل إلى طلوع الفجر] اهـ.

ولا خلافَ بين الفقهاءِ فيما ورد مِن الأذكار مقرونًا بذِكْر اليوم مطلقًا في جواز الإتيانِ به في أيّ وقتٍ مِن أوقات اليوم، وأن كونه في أول اليوم أفضل مما سواهُ.

قال العلَّامة شرف الدين الطيبي في "شرح المشكاة" (6/ 1819): [قوله: (في يوم) مُطلق، لم يُعلم في أيّ وقتٍ من أوقاتِهِ، لا يُقيَّد بشيء منْه] اهـ.

واختلفوا في ما جاء مِن الأوراد مقرونًا بذكر الصَّباح أو المساء؛ تبعًا لاخْتلافِ تفسيرهما على ما جاء في كلام العرب.

فأمَّا الصباح: فأكثرُ أهل اللغة على أنه مِن نصف اللَّيل الأخير إلى وقتِ الزوال، وهو ما حكاهُ ابنُ الجوالِيقي، وابنُ دريد. ينظر: "المصباح المنير" للفيومي (1/ 331، ط. المكتبة العلمية)، و"نظم فصيح ثعلب" لابن المرحَّل (ص: 173، ط. دار الذخائر).

وفي الشرع: فليس المرادُ كونَ نصف الليلِ هو وقتُ الصباحِ حقيقةً، ولكنْ ما قد اطَّردَت العادةُ على كونه أوَّلَ النهار، وهو طلوعُ الفجر؛ ويؤيّد ذلك: ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادِي حتى يُقال له: أصبَحْتَ أصبحْتَ.

 

قال الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 248، ط. مكتبة الرشد) نقلًا عن ابن حبيب: [ليس معنى قوله: (أصبحت أصبحت) إفصاحًا بالصبح على معنى أن الصُّبح قد انفجَرَ وظهر، ولكنَّه على معنى التحْذير مِن اطِّلاعه والتحضِير له على النّداء بالأذان؛ خِيفةَ انفجارِهِ] اهـ.

وعليه: فالصَّباح إنما يكون ابتداؤه مِن هذا الوقت وما قرُب منه، لا مِن نصف الليل، فيبدأ وقتُ أذكار الصباح حينئذٍ ويمتدُّ إلى الضحى، وما بقي وقتُه فحكم الصباح منسحِبٌ عليه إلى زوالِ الشمس. يُنظر: "التوقيف على مهمَّات التعاريف" للعلَّامة المناوي (1/ 212، ط. عالم الكتب)، و"الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" لابن علَّان (3/ 74، ط. جمعية النشر والتأليف الأزهرية).

وأمَّا المساءُ: فالمشهور أنه يبدأ مِن وقت الزَّوال إلى العتْمة، وقيل: إلى آخر نصفِ الليل الأوَّل، وهو مروِيٌّ عن "ثعلب" وحكاه ابنُ السَّمين الحلبي عن "الراغب". يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (1/ 331).

ومِن ثَمَّ فيُرجع فيما يُسمَّى بالعشاء للعُرف، وهو مِن زوال الشمس إلى الصَّباح، فيبدأ وقتُ أذكار المساء مِن بعد صلاة العصر إلى المغرب، ويمتدُّ إلى أن يمضي ثلث الليل أو نصفه. ينظر: "الدر المصون" للسمين الحلبي (3/ 167، ط. دار القلم)، و"الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" لابن علَّان (3/ 74).

وقد أورد المفسِّرون هذا الخلافَ بصدد آياتِ الأمْر بالتَّسبيح والتحمِيد. يُنظر: "تفسير الماوردي" (1/ 391، ط. دار الكتب العلمية).