نقطة فوق حرف ساخن

التحدى الأكبر

عمرو الخياط
عمرو الخياط

كيف يمكن أن نتصور أن عدد السكان فى مصر قد زاد بنسبة الربع خلال ١٣ عاماً.. لا تندهش من ذلك.. فهى حقيقة ولكنها مؤلمة وصادمة.. فقد زدنا ٢٦ مليون نسمة منذ ٢٠١١ إلى الآن.

تمثل هذه الزيادة ربع سكان مصر حاليًا.. حقيقة واقعة.. وكثيراً ما حذرت الدولة من خطورة الزيادة السكانية فى مناح كثيرة طوال الأعوام السابقة.. ولكن لم تكن هناك استجابة لهذه التحذيرات فأصابت شظاياها مجالات التنمية فى الدولة.

٢٦ مليون نسبة زيادة فى عدد السكان خلال ١٣ عامًا تمثل ضغطًا غير مسبوقٍ على خطط الدولة المستقبلية، وتؤدى إلى عدم شعور المواطن بأى تحسن فى حياته أو معيشته لأكثر من سبب، منها:

< انخفاض المستوى المادى والمعيشى للفرد والأسرة وصعوبة رعاية الأبناء. 

< زيادة الإنفاق والاستهلاك لدى الأفراد. 

< زحف عمرانى على الأراضى الزراعية. 

< زيادة ظاهرة البطالة. 

< زيادة الضغط النفسى والعصبى على الآباء والأمهات داخل الأسرة. 

دومًا حينما تطرح هذه القضية وأبعادها.. تتصادم مع مفاهيم دينية توارثت عبر سنوات طويلة وأجيال متتالية، مُبررةً هذه الحالة العشوائية فى الزيادة السكانية إلى حالة إيمانية مُصطنعة بادعاءات «كل مولود قادم إلى الحياة برزقه».. ووصل البعض إلى استخدام مُبررات دينية تفيد بأن الزيادة السكانية هى تكليف دينى، متناسين أو مُتجاهلين أن هذه الزيادة السكانية غير مُنتجة ولكنها مستهلكة.. وتتضخم مع مرور السنين لتتحول إلى تمركزات تفرز الجهل بسبب التسرب من التعليم أو عدم تلقى من التحق بركب التعليم ما يفيده فى مستقبله لأن هدفه الشهادة بعيدًا عن مهاراته أو الاستفادة مما تعلمه.. كما أنها تُفرز أيضًا الفقر، لأن الأسرة أصبحت متطلباتها أعلى من إمكانياتها.. فلا تشعر بأى تحسن حتى ولو زاد دخلها وأيضًا من إفرازاتها المرضية بسبب الضغط المرعب على القطاع الصحى، فلا تستطيع تلبية الخدمات الصحية المناسبة فى ظل هذا الانفجار السكانى.

هنا يمكن أن نطرح السؤال الأكثر صعوبةً فى هذه المشكلة وهو: هل ما ورد فى الحديث النبوى بشأن التكاثر والتناسل هو دعوة للزيادة العشوائية التى تؤدى إلى خلق أجيال ضعيفة لا تقدر على إفادة المجتمع بل تصبح فى كثيرٍ من الأحيان عبئًا على المجتمع دون أن تُقدم له شيئاً؟ فى ذات السياق كانت هناك مفردات لغوية شديدة الوضوح من المولى - عز وجل - فى سورة «التكاثر» تحدثت عن مفهوم التكاثر باعتباره وسيلة للإلهاء والتعطيل.

فى هذا المجال لا تُلقى الأمور والمشكلة على الدولة وأجهزتها فقط.. وإنما المواطن هو المسئول الأول عن هذا الأمر.. فالمواطن هو الذى آمن بما توارثه من معتقدات.. وهو الذى لا يلتفت إلى المشكلة ويسعى إلى حلها من داخل أسرته قبل أن يُصدّرها إلى الدولة ويشتكى ضعف إمكانياته ويستغيث لحل مشاكله.. ويتحول إلى طاقة سلبية فى المجتمع، متناسيًا أنه السبب فى مشكلته.. وأنه كان يملك الحل من البداية ولكنه أدار ظهره تيمنًا بمعتقداته التى لا تتناسب مع الزمن الذى نعيشه أو فى زمن الذكاء الاصطناعى والطائرة المسيَّرة والأقمار الصناعية والسيارات دون قائد.

نتحدث كثيرًا عن العدالة الاجتماعية ونطالب بها دون أن نُدرك أن الانفجار السكانى الذى نعيش فيه أصبح ضاغطًا على مستقبلنا.. هو النموذج الواضح والعملى لهذا الظلم الاجتماعى الذى يعانى منه الشعب، وهذا أيضًا الذى يؤدى إلى أن تفقد الدولة القدرة على التوزيع العادل للثروة، وكذلك أهداف التنمية على المجتمع والتى يضيع أثرها بسبب هذه الزيادة العشوائية.

26 مليون نسمة فى 13 عامًا.. زيادة مرعبة.. هذه الزيادة تتساوى فى عددها.. مع عدد سكان دول مجتمعة تعيش فى رخاء ولا تشعر بمشاكل مما نعانيه.. السبب «نحن» قبل أن تستعينوا بأولى الأمر لإنقاذكم بما أقدمتم عليه، متناسين حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».