تقرير .. 2024 هل تكون بداية الانتفاضة السينمائية ؟

أفلام 2024
أفلام 2024

محمد‭ ‬إسماعيل

مع بداية عام 2024 بدأت ملامح الموسم السينمائي تتضح وتظهر جليا من خلال انطلاقة كما يقال “ولا أروع” وهذا بالطبع على مستوى عدد الأفلام التي تطرح في دور، بالنظر إلى متوسط العدد نجد أن كل أسبوع يطرح 3 أفلام جديدة، مما يعطي مؤشرات أولية إلى أن مجمل الأفلام المنتجة خلال 2024 سيتجاوز العام السابق (43 فيلما)، وهذا التزايد يشير إلى وجود تجارب متنوعة ومتباينة دون سيطرة نسيج واحد على غرار الكوميديا في 2023 لكن تبدو الصورة الأولية لهذا العام أننا أمام موسم مختلف ومغاير على مستوى عجلة الإنتاج داخل حدود السوق السينمائي.

خلال 3 أسابيع طرح 11 فيلم، بمتوسط 3 أفلام في الأسبوع، فقد كانت البداية بالأسبوع الأخير من شهر ديسمبر الذي شهد عرض فيلم “أبو نسب” ثم تبعه في الأسبوع الأول من يناير بأفلام “شماريخ”، “كارت شحن”، “أنا وابن خالتي”، “عصابة عظيمة”، “الإسكندراني”، “الحريفة”، “ليه تعيشها لوحدك”، “الملكة” و”مقسوم”، وعن هذه البداية القوية وأبرز الظواهر وسمات هذا الموسم والتوقعات حول الإستمرار.. نطرح كل تلك الأسئلة على النقاد.

يقول الناقد رامي المتولي: “بداية موسم 2024 يمثل مفاجأة سعيدة بكل المقاييس، لأن عدد الافلام المعروضة في هذا الموسم لم تشهده السينما المصرية خلال الأعوام الماضية، فقد تخطى العدد أكثر من 10 أفلام في 3 أسابيع، ونحن على مشارف الأسبوع الرابع، ومع العلم أن هناك أفلام جديدة ستطرح خلال هذا الأسبوع، وهناك خريطة مبدئية عن الأفلام التي ستصدر خلال شهر فبراير، وهو أمر أيضا جديد مقارنة بالأعوام القريبة الماضية، بالإضافة أننا في موسم لا يمثل رواج للسينما على غرار مواسم العيدين والصيف”.

ويضيف: “من أهم سمات هذا الموسم غياب نجوم الشباك من أصحاب أفلام الميزانيات الكبيرة، والعكس هو السائد حاليا، حيث أن معظم الأعمال ذات الميزانيات المتوسطة والأفلام تحقق إيرادات مرضية، لأن الموسم يعتبر قصيرا نسبيا عكس موسم الصيف، لكن الجميل في الأمر أن معظم الأفلام تأخذ حقها الكامل في العرض والمنافسة”.

ويستكمل المتولي حديثه بالقول: “الإيرادات أيضا كانت مفاجأة لأن فيلم مثل (أبو نسب) لمحمد إمام تخطى الـ35 مليون في أسبوعين عرض فقط، وهو رقم لم نشهده من فترة، وتدل على أن الموسم الحالي سيكون استثنائيا وسيكسر حاجز الـ 43 فيلم إنتاجيا، وهو رقم أفلام العام الماضي، والمنطقي - ومنذ سنوات عديدة - لم تشهد السينما إنتاج أزيد من 35 فيلما”.

المتولي يرى في السينما المصرية “مظلومة” مفسرا ذلك بالقول:  “السينما في كل الأحوال أصبح لها سقف على مستوى الكم لعدة أسباب، الأول الدراما التليفزيونية التي أصبحت منافسا شرسا للسينما، ليس فقط على المستوى الجماهيري، لكن الأهم على مستوى إستقطاب المنتجين، فهناك منتجون تركوا السينما وتحولوا للدراما التليفزيونية، والثاني الخاص بجذب الدراما التليفزيونية للممثلين الذين يبرزون في السينما، والثالث التواجد الملحوظ للمنصات التي كانت في البداية تشارك بإنتاج الأفلام لعرضها حصريا على شاشتها، والآن تحصل على حقوق العرض بعد الرفع من دور العرض، وقامت بجذب قطاع حتى ولو بسيط من الجمهور الذين ينتظرون عرض الأفلام بالمنصات”.

وعن سمات هذا الموسم يقول المتولي: “من سمات هذا الموسم أيضا التنوع في الأعمال السينمائية المعروضة حاليا، صحيح أن معظمها يندرج تحت النوع التجاري، إلا أنه عكس الأعوام السابقة هناك اختلافات في المضمون، وأيضا وجود جيل جديد من الشباب إستطاعوا فرض موهبتهم على شباك التذاكر، مثل تجربة فيلم (الحريفة) لنور النبوي الذي استطاع المنافسة بل والتفوق على فيلم (الإسكندراني) للمخرج خالد يوسف، في تجربة قريبة من تلك التي أحدثها أبطال فيلم (أوقات فراغ) عام 2006، الثلاثي أحمد حاتم وكريم قاسم وعمرو عابد.. وهناك العديد من الظواهر الأخرى مثل عودة عدد من النجوم الذين بالمناسبة يتواجدون في أكثر من عمل، مثل ليلى علوي وخالد الصاوي و(جوكر السينما) حاليا بيومي فؤاد، بالإضافة أن هذا الموسم شهد البطولة المطلقة الأولى لأحمد العوضي من خلال فيلم (الإسكندراني) مع المخرج خالد يوسف، واستطاع العوضي إثبات أنه مع مرور الوقت سيصبح أحد أهم نجوم السينما في السنوات المقبلة”.

ويقول الناقد أندرو محسن: “هذا الموسم فريد من نوعه، ليس لكم الأعمال السينمائية التي تم إنتاجها فقط، لكن لأن هناك بعض الأفلام مثل (الإسكندراني) و(الحريفة) تكلفتهم الإنتاجية ليست كبيرة ورغم ذلك حققا إيرادات جيدة، وهذا الأمر كان نادر الحدوث خلال الأعوام الأخيرة، حيث أن الأفلام ذات الميزانيات المتوسطة لا تحقق رواجا جماهيريا كبيرا، لأن موسم بداية العام يعتبر قصير نسبيا، ويعرض خلاله أفلاما بميزانيات قليلة هربا من المنافسة الشرسة خلال موسم الصيف، لكن هذا العام أستطيع أن أقول أن فيلمي (الإسكندراني) و(الحريفة) يمكنهما المنافسة بشكل طبيعي خلال مواسم العيدين والصيف”.

ويشير أندرو: “هذه الطفرة التي تحققت في بداية هذا العام جعلتنا نشاهد تباين في نوعية الأفلام المقدمة، فهناك تجربة شبابية بحتة متمثلة في (الحريفة)، وأخرى غنائية مع (مقسوم)، وثالثة نسائية خالصة مع (آل شنب)، فقد جرت العادة أن النوعين المسيطرين على الساحة السينمائية في معظم المواسم الكوميديا والأكشن، بالإضافة لوجود فيلم (ليه تعيشها لوحدك؟)، الذي يندرج تحت اللون الكوميدي لكن مضمونه مغلف بتيمات أخرى تجعله أقرب للنوع الاجتماعي الرومانسي”.

وعن توقعات مسار العام السينمائي يقول أندرو: “البداية مبشرة تجعلنا نتفائل بمسيرة العام، وبأن عدد الأفلام المنتجة خلال الأعوام المقبلة سيزداد، بالإضافة إلى تزايد الطلب على الأفلام المصرية في الخليج، خاصة السوق السعودي الذي شهد انفتاحا كبيرا مؤخرا”.

بينما يختلف الناقد أحمد سعد الدين مع الرؤيتين السابقتين، ويقول: “صحيح أن بداية الموسم السينمائي خلال 2024 يشهد زيادة في عدد الأفلام المطروحة، إلا أنه من ناحية المستوى أعتبره عاديا، ولا يختلف كثيرا عن المواسم الماضية، حيث أن معظم الأفلام التي طرحت خفيفة ويسيطر عليها الجانب الكوميدي، وهو نفس الأمر الذي حدث العام الماضي، حيث كانت أفلاما متوسطة في الميزانية، والفيلم الوحيد الذي يخرج عن تلك القاعدة (أبو نسب)، فهو الأفضل من حيث النجاح التجاري محققا أعلى الإيرادات في شباك التذاكر، وذلك بعد نجاح مخرج العمل رامي إمام في صناعة فيلم كوميدي يحقق الترفيه للمشاهد، وليس هناك منافس للفيلم علي الإطلاق، بينما يأتي في المرتبة الثانية من المنافسة (الإسكندراني) و(الحريفة)”.

وعن التنوع الموجود في موضوعات الأفلام يقول سعد الدين: “هناك تباين في قصص وأفكار الأفلام، لكن أيضا هناك عيوب لا يمكن إغفالها، مثل فيلم (الإسكندراني)، حيث اختار مخرجه خالد يوسف رواية لا تتناسب مع الوقت الحالي، ولم يقدم معالجة درامية يجعلها مناسبة للتغييرات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة حاليا، فقد اعتمد الفيلم على فكرة البطل الشعبي ومشاهد الأكشن، بالإضافة لوجود أفلام بها خلل في السيناريو والأفكار، مثل (مقسوم) و(ليه تعيشها لوحدك)”.

ويختتم سعد الدين حديثه قائلا: “الميزة المهمة من هذا الموسم السينمائي يتلخص في عدد الأفلام التي طرحت فقط، صحيح هي نقطة إيجابية، لكننا أيضا نتنظر تغييرا جذريا في مستوى الأفلام نفسها، والدراما التي تقدمها واشتباكها مع الواقع، فالكم مهم ومفيد، لكنه ليس كل شيء، فالكيف يجب أن يسير معه بالتوازي”.

إقرأ أيضاً : في ذكرى ميلاد السندريلا .. محطات فى مسيرة «سندريلا السينما»


 

;