عاجل

حكايات مخدر «نفس الشيطان».. يستعمله المجرمون لمسح ذاكرة ضحاياهم

الإدمان - أرشيفية
الإدمان - أرشيفية

كتب عطا أبو رية

في باريس عام 2015، تم اعتقال رجل وسيدتين لأنهم سرقوا الناس بعد ما نفخوا في وجوههم مادة بيضاء، لأن الضحايا وقعوا تحت تأثير التنويم، وسلموا مجوهراتهم وأموالهم طواعية للعصابة، وبعدها تم اكتشاف أن المادة البيضا ما هي إلا عقار «سكوبولامين» المخدر وصاحب الأعراض الغريبة على ضحاياه.


صحيفة وست أستراليان في عام 2018، قالت إن مجموعة من المسافرين تلقوا طردا بريديا، وكان الطرد يحتوي على مسحوق أبيض، ووفق ما نشرته مجلة نيوزويك الأميركية أن المسافرين تم نقلهم إلى المستشفى، إذ أستنشق الضحايا المسحوق، ظنا منهم أن المادة كانت كوكايين، وعلى الفور بدأت المجموعة تشعر بالآثار الجانبية للدواء، التي شملت نوبات مرضية وشلل وهلوسة، وأنقذهم زميلهم في السكن حيث اتصل بالمستشفى .


 وأتضح أن المادة البيضاء كانت موضوعة داخل قطعة من الورق مكتوب عليها كلمة "scoop"، والتي قد تشير إلى سكوبولامين أو هيوسين، وهو دواء يستخدم لعلاج دوار الحركة، وقال واحد منهم "إنهم كانوا يهلوسون ونبضهم سريع، وعدد منهم اضطر الأطباء إلى وضعهم فى الرعاية المركزة، حيث كانت وفاتهم مؤكدة لولا التدخل الطبي".


وأشارت "النيوزويك" إلى غرابة الأمر، لأن هذا الدواء المستخدم لعلاج دوار الحركة ، يمكن أن يتسبب فى ضرر كبير، وأكدت إلى أن السكوبولامين يعرف أيضا باسم "نفس الشيطان"، ووفقا للمكتبة الوطنية الأميركية للطب، فإن السكوبولامين يستخدم أيضا لمنع الغثيان من التخدير ويساعد في تهدئة عضلات المعدة، لكنه يكون مصحوبا بآثار جانبية منها تشوش الرؤية أو فقدان الذاكرة أو تغييرات في نبضات القلب ، كما أنه يسبب الكثير من القلق، وأن تأثيره أسوأ من الجمرة الخبيثة، وفي تقرير لوزارة الخارجية الأميركية ، صدر عام 2014 ، حذرت المسافرين من مخاطر "السكوبولامين"، وأن هذا الدواء يتسبب في حوادث لأكثر من خمسين ألف شخص في السنة بكولومبيا ، و الرجال الذين يبدو عليهم الثراء يكونون هدفا للفتيات العاملات في النوادي الليلية والحانات.


مخدر سكوبولامين، هو العقار الأخطر حيث يستعمله المجرمون لمسح ذاكرة ضحاياهم ويسلب إرادتهم، ومصل "سكوبولامين" والمعروف ب (نفس الشيطان) هو مشتق من نوع مألوف من الأشجار في كولومبيا يدعى  بأشجار (Borrachero) و تعني (أحصل على مشروبك) وتنمو بريا في بوجاتو، كولومبيا ، وتلك الأشجار معروفة في المناطق الريفية، حيث تحذر الامهات أطفالهم من النوم تحت زهورها البيضاء والصفراء الماكرة أو اللهو مع  بذورها أو زهورها، ولخطورة الأمر تم أصدار وثائقي مدته 35 دقيقة تحت عنوان "العقار الأخطر عالميا". 


فالعصابات تقوم بإعطاء الضحية  هدية على هيئة لبان او قطعة من الشوكولاتة او مشروب او مسحوق منثور كالغبار على قطعة من الورق ، مثلما تفعل العصابات في كولومبيا ، وبعدها يستيقظ ليجد نفسه في مكان بعيد ، مترنح بعض الشيء وغير قادر على تذكر ماحدث، وسرعان ما يكتشف الناس أنهم  قاموا  مثلا بتسليم مجوهراتهم او نقودهم او مفاتيح سيارتهم وفي بعض الأحيان يقومون  بسحب المال من حساباتهم المصرفية  لصالح مهاجميهم، مثل ما حكى الشاب ميل من نابولي، لصحيفة  ديلي ميل: “هذا هو ما حدث  لعمتي، وهى امرأة في أواخر الستينيات من عمرها  ، حيث قام شخص بتخديرها عن طريق رش مسحوق معين على وجهها وأخذها إلى البنك الدولي حيث  أفرغت له حسابها المصرفي عن طيب خاطر  وبملء أرادتها  وعندما خرجت  لم  تستطيع أن تتذكر ذلك  الشخص”.
ووفق المختصين، فالذكريات تتشكل في الدماغ عن طريق انزيم يدعى(الاستيل كولين)، وعند دخول مادة  السكوبولامين الى بطانة الدماغ تحصل منافسة ما بينه وبين انزيم تكوين الذكريات و يتغلب عليه ويمنع مستقبلاته من العمل في الدماغ وبذلك تفشل الية تكوين الذكريات.

ويقول الدكتور كاميلو اوريبي الخبير في الأدوية والمخدرات: "عندما يكون شخص ما تحت تأثير التنويم المغناطيسي لأى عقار أو مخدر، فأنه على الاغلب يتذكر ما قد حدث، إما  مع السكوبولامين، فهذا غير ممكن لأن الذاكرة لم تسجل شي  أبدا ".


في بداية القرن العشرين، بدأ الأطباء استخدام سكوبولامين، جنبا إلى جنب مع المورفين والكلوروفورم لإحداث حالة "نوم الشفق" خلال الولادة حتى لا تشعر النساء بآلام الولادة، ويظهر على النساء، النعاس والارتباك والهلوسة وفقدان الذاكرة بعد انتهاء تأثير الدواء، حيث تستيقظ الأمهات بعد الولادة، لا تتذكر ما حدث، ووفقاً لموقع وكالة المخابرات الأمريكية المركزية في عام 1922، فقد تم استخدام العقار في التحقيق مع اشخاص مشتبه بهم.


وأكدت الوكالة المركزية، أنه تم استبعاد مصل الحقيقة بسبب اثاره الجانبية غير المرغوب بها، كما أشارت بأن نسبة قليلة فقط من حالات الاستجواب التي يستعمل فيها مصل الحقيقة، على الرغم من وجود دلائل تشير الى أن بعض قوات الآمن ربما مازالت تستعمل المصل الى حدً ما، كما يؤكد أحد رجال الامن بأن مصل الحقيقة احيانا يفقد مفعوله في انتزاع الاعترافات من المشتبه بهم.