اللواء رأفت الشرقاوى: تدقيق أوضاع اللاجئين عمل أساسى للداخلية من أجل حماية الأمن القومى

اللواء رأفت الشرقاوى
اللواء رأفت الشرقاوى

محمد‭ ‬طلعت

ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» وعد رباني بأن مصر بلد الأمن والأمان، المحفوظة بأمر الله، فتحت ذراعيها لكل من لجأ إليها على مر الزمان، فهم يعيشون مع اهلها مكرمين  في امان تام بفضل يقظة رجال أمنها الذين يؤمنون 105 مليون مصري بالإضافة لما يقرب من 10 ملايين من الضيوف المقيمين تقدم لهم الدولة كافة الخدمات، ولأن هناك اختلافًا في تسمية الضيوف المتواجدين في مصر ما بين لاجئ، ومهاجر، وزائر، ومقيم تتداول احصائيات غير رسمية تقول؛ إن أعدادهم في مصر تتجاوز الـ 20 مليون ضيف موجودين في مصر لذلك قررت الدولة تدقيق أعدادهم بدقة ولكي يتم معرفة ما تتحمله الدولة من مساهمات في رعاية وإيصال الخدمات للمقيمين غير المصريين.

الحكومة أعلنت أن الهدف من تدقيق بيانات غير المصريين ليس الهدف منه زيادة الأعباء على غير المصريين بالإضافة إلى عدم وجود نية لفرض أي تكاليف إضافية عليهم لكن سيتم تقديم بطاقات هوية ممغنطة للضيوف، وذلك لتسهيل التواصل معهم ومعرفة احتياجاتهم.

بعيدًا عن الموقف الحكومي هناك آراء بدأت تظهر في المجتمع تقول؛ إن العدد الكبير من ضيوف مصر في تلك الفترة في ظل الظروف الحالية يشكلون عبئًا سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية لذلك يأتي التدقيق الأخير الذي ستقوم به وزارة الداخلية لتحديد اعداد المقيمين في مصر وتحديد نوع الإقامة لكل فرد فيهم لكي يتم تنظيم مسألة اللجوء التي شهدت في السنوات الأخيرة دخول عدد كبير جدا أسهم في زيادة الأعباء على الدولة بوضع عام وعلى وزارة الداخلية بوجه خاص وذلك بسبب تزايد وجود جاليات أجنبية بأعداد ضخمة في أماكن محدودة.

ولأن أوضاع اللاجئين تحتاج لقرارات جديدة؛ فقد أصدر وزير الداخلية قرارًا في سبتمبر الماضي بخصوص إقامة الأجانب في مصر وتبعها قرار رئيس الوزراء في ديسمبر يلزم الأجانب المتقدمين لإدارة الجوازات والهجرة والجنسية للحصول على إقامة للسياحة وغير السياحة بتقديم إيصال يفيد بتحويلهم مايعادل رسوم الإقامة أو غرامات التخلف أو تكاليف إصدار بطاقة الإقامة بالدولار أو مايعادله من العملات الأجنبية ومن خلال أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة وإلزام الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية بتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مستضيف مصري مقابل إيداع مصروفات إداريه تعادل ألف دولار بالحساب المخصص بالبنوك المصرية.

أما آخر القرارات فصدرت قبل عدة أيام خلال اجتماع لمجلس الوزراء وهو الخاص بتدقيق اعداد اللاجئين في مصر.

التصنيف حسب الجنسية

وفي هذا الشأن يقول اللواء رأفت الشرقاوى مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الامن العام: إن من مهام وزارة الداخلية متابعة مسألة اللاجئين لانها تشكل أمنًا قوميًا والذى هو جزء من الأمن الداخلى الذى تختص به هيئة الشرطة ويعتبر من المبادئ الأساسية لصميم العمل الشرطى وفقا للدستور الصادر سنة ٢٠١٩ ولقانون هيئة الشرطة رقم ١٠٩ لسنة ١٩٧١، فالشرطة هيئة مدنية نظامية تختص بالمحافظة على النظام والامن العام وتحافظ على الممتلكات والأعراض وتوفر السكينة وعملها الأساسى قائم على شقين الاول هو منع الجريمة بكافة صورها وأشكالها، والثانى هو ضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة للقصاص منهم ثم تتولى إلحاقهم بمنظومة الاصلاح والتأهيل تمهيدًا لدمجهم في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة.

ويضيف مساعد وزير الداخلية الأسبق؛ أن مصر حاليا لديها ما يقرب من عشرة ملايين ضيف ولا نسميهم لاجئين بل نطلق عليهم ضيوف لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات المفروضة على المصريين، وهذه هى عظمة الدولة المصرية حسبما صرح بذلك الرئيس عبدالفتاح السيسي في أكثر من لقاء.

ويؤكد اللواء رأفت الشرقاوى مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الامن العام؛ أن قيام وزارة الداخلية خلال الفترة الأخيرة بتدقيق بيانات اللاجئين يأتي كجزء من صميم عملها وذلك من خلال تصنيفهم دول وجنسيات ومعرفة اماكن إقامتهم فى البلاد ووظائفهم وسبل تيسير حياتهم اليومية ومصادر دخلهم وسبل الانفاق ومتابعتهم أمنيًا خشية انحراف أحد منهم سواء فى مجال الجرائم المنظمة أو الجرائم الجنائية أو السياسية بالإضافة لمعرفة عادات وتقاليد للاجئين وذلك للمساعدة فى منع الجريمة قبل وقوعها وضبط مرتكبيها حال وقوعها.

ويضيف اللواء رأفت الشرقاوى مساعد وزير الداخلية السابق؛ أن القانون الدولى الإنسانى يحمى الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة أو بشكل فعلي فى الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها مباشرة أو بشكل فعال ويحمي اللاجئين.

ويشير مساعد وزير الداخلية الأسبق إلى أنه على الرغم من الظروف الاقتصادية التى عصفت بالعالم بداية من جائحة كورونا مرورا بالحرب الروسية الاوكرانية ومناطق النزاعات بدول الجوار الا أن الدولة المصرية لم تسد بابها امام أى شعب عربى او إفريقى أو آسيوى من منطلق تاريخها وحضارتها التي عرفت التنوع والترحيب بالضيوف طوال التاريخ فهى قلب العالم كله، وملتقى حضاراته وثقافاته، ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته، وهى رأس إفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها النيل، هذه مصر وطن خالد للمصريين ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب.

اعتبارات أمنية

ويقول أحمد عبد الظاهر المحامي بالنقض والمتخصص في شؤون اللاجئين: إن الاعتبارات الأمنية هى السبب الرئيسي في التدقيق الذي يحدث الآن في إعداد اللاجئين المتواجدين في مصر وذلك للتدفقات الكبيرة التي وصلت لمصر في العام الماضي في بداية الأزمة السودانية ودخول أعداد كبيرة من الحدود الجنوبية وقد يكون من بينهم من كان داخل السجون السودانية وخرج عندما تم فتح بعض السجون أو قد يكون أي شيء آخر مهدد لأمن المجتمع ولذلك اتخذ ذلك القرار وهو قرار مهم جدا للحفاظ على الأمن القومي المصري.

ويشير المحامي المتخصص في شؤون اللاجئين؛ إلى أن ضيوف مصر الذين دخلوا بطريقة شرعية ليس لديهم أي مشكلة في مسألة التدقيق وحتى من دخلوا بطريقة غير شرعية يستطيعون أن يقننوا أوضاعهم وفقا للقانون وسيلقون كل مساندة ومساعدة من وزارة الداخلية في ذلك لأن هدف الداخلية هو تقنين أوضاعهم ومساندتهم ومساعدتهم في الاندماج بالمجتمع لذلك يجب على كل شخص يقيم بطريقة غير شرعية لو انتهت إقامته أن يتجه لتقنين إقامته.

20 مليار دولار سنويًا

أما الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية فيقول: إن عدد النازحين واللاجئين فى العالم وصل لـ ١٠٥ مليون شخص في ٢٠٢٣ بعدما كان ٨٩.٣ مليون شخص في ٢٠٢١ وذلك وفقا لما أعلنت عنه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وهى زيادة كبيرة في عدد اللاجئين نتيجة للصراعات والحروب التي زادت في العامين الأخيرين، أما في مصر فقد اقترب عدد الضيوف المتواجدين على الأراضي المصرية لـ 10 ملايين شخص يعمل 37% منهم في وظائف ثابتة و60% من المهاجرين يعيشون في مصر منذ 10سنوات و6 %منهم يعيشون في المجتمع منذ أكثر من 15 سنة.

ويضيف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية؛ أن مصر تتحمل أعباءً مالية ضخمة نتيجة تواجد كل هذه الأعداد الكبيرة والتي تمثل تقريبا ٩% من عدد اللاجئين في العالم كله ٨.٧% من تعداد سكان مصر وهى أعباء مالية تزايدت في السنوات الأخيرة مع الصراعات التي شهدتها دول الجوار والدولة لا تحصل منهم على ما يعادل الخدمات التي توفرها لهم رغم أننا إذا ما نظرنا للبلاد المماثلة والتي بها عدد كبير من اللاجئين سنجدهم يتحصلون على أموال من الأمم المتحدة نظير الخدمات التي يتم تقديمها لهؤلاء اللاجئين، فالمليون لاجئ يكلفون الدولة المستضيفة سنويا 5 ملايين يورو إذا ما قارناها بما أعلنت عنه فرنسا من أن استضافتها لـ100الف أوكراني كلفها 500 مليون يورو في العام، واذا اخذنا هذا الرقم وقارناه بعدد اللاجئين في مصر ونقول مثلا أنهم وصلوا لـ10 ملايين نتيجة الزيادة الأخيرة في عدد السودانيين الذين جاءوا للبلاد فإن ذلك يعنى أن تكلفة المليون لاجئ تبلغ ما يقرب من 5 مليارات يورو وبالتالي عدد اللاجئين في مصر يكلفون الدولة 50 مليار يورو كل عام.

وعن قيام الدولة بتدقيق أعداد اللاجئين وحصر أعدادهم؛ لكي يتم تحديد ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات في مختلف القطاعات خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية لكي يتم وضع قواعد منظمة لذلك في مصر مثل اي دوله تحدد هوية وسبب تواجد الأجانب على أراضيها وتحديد تأشيرة وسبب إذن الدخول.

ويشير مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إلى أن مصر من سنوات طويلة فتحت أبوابها لاستقبال كل من طلب الدخول والإقامة في مصر من قبل حتى حدوث اضطرابات في الإقليم كما حدث في ليبيا والسودان واليمن وسوريا ومن قبلهم العراق ونحن في مصر لا نطلق عليهم اسم لاجئين فهم أشقاء وضيوف ويتركز أكثر من نصفهم في محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والدقهلية ودمياط.

ويؤكد الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية؛ أن الدولة يمكن أن تستفيد من ضيوفها حتى تقدم كل الخدمات لهم بصورة جيدة في ظل الأوضاع الاقتصادية وذلك عن طريق الحصول علي رسوم الاقامه بالدولار او بالعملة الاجنبية المناسبة ويتم تقسيم الإقامة إلى عدة مستويات وهى إقامة مستثمر وإقامة عمل وتصريح بالعمل ثم اقامة بحث عن عمل وفي النهاية إقامة ضيف، وتتراوح رسوم إلاقامة التي من المفترض جمعها وفقا لنوع الإقامة ما بين ١٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ دولار سنويا وهو ما يوفر للدولة من ١٥ إلى ٢٠ مليار دولار سنويا ويعتبرها البعض احد اهم مصادر الدخل للدولة المصرية في ظل الظروف الحالية.

ويشير إلى أنه يجب على الدولة أن تطالب مفوضية اللاجئين والأمم المتحدة بالحصول على الدعم القانوني مثلما تحصل عليه كثير من الدول التي تستضيف ضيوفا على أراضيها.

إقرأ أيضاً : الداخلية.. تروض جنون السوشيال ميديا لخدمة أمن المواطن

;