فى الصميم

حرب الإبادة.. ومسئولية أمريكا!!

جلال عارف
جلال عارف

ورطة أمريكا لا تقل عن ورطة إسرائيل، والثمن الذى ستدفعه لمشاركتها فى حرب الإبادة التى يواجهها شعب فلسطين لن يكون قليلا. وكل المناورات السياسية لن تخفى حقيقة أن هذه الجريمة الوحشية التى ترتكبها إسرائيل ما كان يمكن أن تبدأ وتستمر حتى الآن إلا بدعم أمريكا الكامل التى لم تر فى قتل ٢٥ ألف مدنى فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء أى شبهة بارتكاب «حرب الإبادة»، والتى تقف وحدها إلى جانب إسرائيل فى رفض إنهاء القتال ووقف المذبحة!!

لو أن الولايات المتحدة تحملت مسئولياتها كدولة راعية لعملية السلام ولم تترك إسرائيل تبدد الوقت وتزرع المستوطنات وتقتل حل الدولتين لما انفجر الموقف. ولو لم يصل انحيازها إلى حد صفقة ترامب الإجرامية التى يعطى فيها من لا يملك لمن لا يستحق، ويفتح الباب أمام إسرائيل لتمضى فى محاولات تهويد القدس والاستيلاء على الضفة فى رعاية أمريكا وحمايتها.. لكانت المنطقة كلها أقرب إلى السلام.

ولو لم تنشغل الإدارة الأمريكية بمحاولات فرض «التطبيع المجاني» على حساب العرب وقضيتهم الفلسطينية المركزية لكان الطريق إلى السلام الصحيح قد بقى مفتوحا للحل العادل والشامل وفق القرارات والقوانين الدولية.

لم تفعل الولايات المتحدة شيئا من ذلك وتهربت من مسئولياتها الحقيقية كراعية لعملية السلام. وعندما انفجر الموقف تبنت كل أكاذيب إسرائيل وتعاملت على أن الصراع بدأ فى ٧ أكتوبر وأغفلت كل حديث عن احتلال استيطانى إسرائيلى لعشرات السنين وجرائم لم تتوقف منذ النكبة الأولى، وحق مشروع لشعب فلسطين فى مقاومة الاحتلال، وقدمت كل دعمها العسكرى والسياسى والاقتصادى للعدوان الإسرائيلى الذى تحول إلى «حرب إبادة»، ترفضها كل دول العالم وتحاسب عليها العدالة الدولية. بينما أمريكا وحدها لا ترى فيها إلا دفاعا عن النفس «وترجمته الحقيقة الدفاع عن الاحتلال»، ولا تريد الاكتفاء بأكثر من خمسة وعشرين ألف شهيد فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء، وترفض الوقف الكامل والنهائى لحرب الإبادة وهى قادرة على ذلك.. لو أرادت!!

وبدلا من أن تستفيق الإدارة الأمريكية بعد أن اعترف رئيسها بأن الدور الأمريكى فى هذه الحرب الإجرامية كلفها الكثير سياسيا وأخلاقيا، يستمر الدعم وتتوالى صفقات السلاح الأمريكى لقتل أطفال فلسطين، ويستمر الحديث الأمريكى عن مزيد  من «التطبيع المجاني» وكأن الدول العربية مطالبة بمكافأة إسرائيل على جرائمها، ويعود الحديث عن «حل الدولتين»، الذى تعرف أمريكا أن الطريق لجعله حديثا جادا هو الاعتراف الفورى بدولة فلسطين المستقلة على حدودها المقررة فى الاتفاقات والقرارات الدولية، ثم البدء بعد ذلك فى اجراءات انهاء الاحتلال تحت إشراف دولي.

تعرف أمريكا أن هذا هو الطريق لكنها لا تريد أن تسلكه وهى تدرك أنه قد يكون الحل الذى ينقذ حليفتها إسرائيل من نفسها، وينقذ أمريكا من المزيد من التورط فى حروب ستكلفها الكثير ومن سقوط سياسى وأخلاقى أقر الرئيس الأمريكى نفسه بأنه الثمن المدفوع لدعم الجنون الصهيونى وهو ينتقل من فشل إلى فشل، ومن جريمة حرب إلى حرب إبادة سيكون الحساب عليها عسيرا، وسيمتد حتما إلى أطراف أخرى دعمت الإبادة الجماعية..

أو حتى لم تمنعها!!
خسارة أمريكا ستكون الأكبر إذا لم توقف الحرب، ولم تعترف بدولة فلسطين بدلا من محاولة كسب الوقت التى لن تنقذ إسرائيل من مصيرها!!