من الآخر

منتخبنا والتاريخ.. والعامرى

د. أسامة أبوزيد
د. أسامة أبوزيد

تغيرت الخريطة الإفريقية لكرة القدم تماما.. هذا ما تؤكده بطولة الأمم التى تستضيفها كوت ديفوار الآن.. دائما نتوقع حسب التاريخ، فعندما كانت تأتى سيرة المنتخبات التى تلعب كرة قدم حقيقية وتتميز بالقوة البدنية والمهارة فدائما كنا نشير إليها بالأعلى فرصا فى الفوز ولكن البطولة الحالية أثبتت أن التاريخ وحده لا يكفى وإن الانتصارات لا تأتى إلا بالجهد والعرق والتخطيط والكفاح على المستطيل الأخضر وإن كان السنغال والمغرب فقط من ضمن كل المنتخبات اللذين حققا المتوقع وتأهلا عن جدارة إلى الدور التالى ومعهما نيجيريا التى كانت التوقعات ليست فى صالحها قبل البطولة لعملية التجديد الموجودة فى صفوف النسور.

صعود مصر إلى الدور التالى ومواجهة الكونغو الديمقراطية غدا كانت أشبه بالخيال.. ما حدث للفراعنة أمر نادر.. تعادل المنتخب فى 3 مباريات بشكل دراماتيكى ليصعد كوصيف للمجموعة الثانية بعد كاب فردى أو الرأس الأخضر وبالتالى فإن هذا المنتخب مع بوركينا فاسو وموريتانيا ونامبيا وغينيا الاستوائية استطاعوا أن يضعوا منتخباتهم على طريق البطولة وتفوقوا على الأساطير الإفريقية.

من يصدق أن غانا والجزائر وتونس أصحاب الصولات والجولات على مستوى الكرة الإفريقية والعالمية يودعون أمم الأفيال من الدور الأول وبأداء غير مقنع تماما للتأكد من مقولة التاريخ وحده لايكفى وأن هناك وحوشا خارجة من الأدغال الإفريقية تتسلح بالمهارة والعلم والامكانات والقوة والأهم الاحتراف فى معظم دورريات العالم التى تلعب كرة قدم حقيقية.

أداء المنتخب لم يكن مرضيا على الإطلاق ولكن ربما القادم يكون الأفضل، خطوة عبور مباراة الغد ستجعل الأمل والثقة والتفاؤل يزيد حتى لو كان منتخب السنغال سيعترض مشوار المصريين فى الدور قبل النهائى إن صعد المنتخبان وهذا هو المتوقع.

كنت أتمنى أن يستمر محمد صلاح والشناوى مع الفراعنة لأنهما بالفعل قوة ضاربة حتى فى حالة اهتزاز المستوى أو ابتعاد الشناوى تحديدا عن حالته المعهودة لأنه صاحب تاريخ وخبرات كبيرة وإن كان محمد أبوجبل «جابسكى» حال الاعتماد عليه لديه ذكريات رائعة من البطولة السابقة التى قاد فيها المنتخب للتأهل للنهائى بفضل تصديه الرائع لركلات الجزاء بعدما نزل بديلا فى منتصف البطولة للشناوى ايضا.

أما محمد صلاح فوجوده فى حد ذاته يؤثر نفسيا ومعنويا وعدديا على الفرق المنافسة بجانب أنه بالفعل مرعب بسرعاته الفائقة ومهاراته غير العادية، ولا خلاف على أن غياب إمام عاشور الذى دخل القلوب والتاريخ من أوسع أبوابه بالعزيمة والجهد والإصرار ليصبح أحد بشائر الخير للكرة المصرية والمنتخب ووجوده مكسب كبير وغيابه خسارة أكبر.

لن نفقد الأمل غدا لأن لدينا كتيبة من النجوم المجيدين والمجتهدين الذين ذادعت شعبيتهم بدرجة غير عادية عند كل مصرى فى مقدمتهم مصطفى محمد المرعب والهداف الشرس وتريزيجيه ربنا يحميه احد قوى الخير والروح القتالية على مرمى المنافس والرائع مروان عطية الذى أصبح مسمارا ووتدا فى وسط المنتخب.

يجب أن يكون التعاون من البعثة المصرية بكوت ديفوار على مايرام ونموذج للم الشمل والتحفيز فالآن وقت الشد من الأزر والحماس ورفع المعنويات وليس المشاكل والتسخين والأونطة لأن الخسران الأول فى حالة خروج المنتخب لا قدر الله هو اتحاد الكرة ولاعبى المنتخب أنفسهم وحازم إمام صاحب صفقة فيتوريا والمسئول الأول عن الفراعنة الذى يجب أن ينتفض ويضع يده على السلبيات التى يصر صديقه المدير الفنى البرتغالى على الاستمرار فيها.

الحدوتة ليست روحا فقط بل منظومة كاملة إدارية وفنية نستطيع من خلالها فعلا أن نصحح الأوضاع ونفوز بالبطولة.. قولوا يارب.

منتخب مصر لكرة اليد منظومة كاملة تستحق الإشادة والتقدير.. ثقتنا كبيرة فى قدرتهم على حسم بطاقة التأهل لأولمبياد باريس المقبل واقتناص اللقب الافريقى التاسع بالفوز على الأشقاء الجزائرين اليوم فى النهائى القارى الذى تستضيفه مصر المحروسة بعدما التهموا نسور قرطاج تونس الخضراء فى نصف النهائى بجدارة.

نجاح منظومة اليد فى الاعتماد على مجموعة من الشباب المطعمين بالخبرات بعد التخلص من العواجيز يعد بداية حقيقة للحفاظ على سمعة كرة اليد العالمية التى كتبها «أجيال ورا أجيال» على مدار السنوات السابقة ليتواصل العطاء والإبداع المصرى فى المحافل القارية والعالمية والأولمبية بإذن الله..

ولا شك أن المدير الفنى الاسبانى خوان كارلوس باستور صاحب الطبخة بقيادته لفراعنة اليد للنهائى الإفريقى ولو وجد تعاونا من جهازه المساعد الذى يكتفى بمحاولة أخذ اللقطة بعد الانتصارات لأصبح فى مقدور منتخبنا المنافسة على ميدالية أولمبية خاصة فى ظل وجود نجوم عالميين فى صفوفه أمثال يحيى الدرع ويحيى خالد نجما فبرزيم المجرى وعلى زين المحترف فى دينامو بوخارست الرومانى وسيف الدرع ليموج الفرنسى ومهاب سعيد ومحمد سند نجما ليل الفرنسى ولو كان حسن قداح موجودا كان الوضع سيكون أفضل وأفضل نظرا لقدراته الكبيرة ومهاراته الفائقة.

كل التوفيق لفراعنة اليد فى النهائى ومليون تحية لوزير الشباب والرياضة وأسرة كرة اليد والدولة المصرية على روعة التنظيم للعرس الإفريقى.

رحم الله الصديق العزيز العامرى فاروق نائب رئيس النادى الأهلى ووزير الرياضة الأسبق.. سيظل عطاؤه وحبه للوطن وللقلعة الحمراء خالدا فى عقول وقلوب محبيه.. العامرى فاروق نموذج للسياسى والرياضى ورجل التعليم البارز.. الله يرحمه.. لن ننساك.