أوراق شخصية

إدانة.. ووصمة عار

د.آمال عثمان
د.آمال عثمان

لأول مرة منذ إنشاء الكيان الصهيونى توضع إسرائيل فى قفص الاتهام، بعد أن كانت دائما فوق القانون والمساءلة والمحاسبة، اتخذت محكمة العدل الدولية قرارا تاريخيا فريدا، يمثل إدانة صريحة لما ارتكبته إسرائيل من جرائم إبادة وانتهاكات ضد الفلسطينيين فى غزة، وبإجماع 15 صوتاً مقابل صوتين، وهذا إجماع غير مسبوق وانتصار كبيرا ليس للشعب الفلسطينى وجمهورية جنوب إفريقيا فحسب، وإنما للإنسانية والعدل والقانون الدولي، ورفض للمعايير الدولية المزدوجة، وغطرسة ونفاق الدول العظمى، وهو قرار لم نكن نتوقعه، لما تتمتع به الدولة المارقة من مساندة ودعم سياسى فج من الدول الغربية، وما تمارسه تلك الدول من ضغوط دبلوماسية ومحاولات لردع المحكمة، إلا إن القضاة الموقرين انتصروا لسيادة القانون، وغلبوا ضميرهم المهنى على السياسة.

صحيح أننا كنا نأمل أن تتخذ المحكمة الدولية قرارا صريحا ضد الدولة المارقة، بالوقف الفورى للحرب الوحشية، إنما ما أقرته المحكمة من قرارات وإجراءات طالبت بها جمهورية جنوب إفريقيا فى دعواها، وما جاء على لسان رئيسة المحكمة فى منطوق الحكم، يمثل قرارا ضمنيا بوقف الحرب على غزة، واقتناع القضاة بخطورة وقسوة تلك الجرائم، وهذا يعنى فشل إسرائيل فى الضغط لرفض الدعوى، وتبرير ما ارتكبته من فظائع، وإخفاقها فى تمثيل دور الضحية، والتباكى والمتاجرة بمأساة اليهود التاريخية، ودفعها للدخول فى مفاوضات جادة، كما يضع  الدول الداعمة لتلك الدولة المارقة فى حرج شديد، ويدين من أمدها بالأسلحة المستخدمة فى أكبر الجرائم، ويساند الدعوى التى تقدم بها الفريق القانونى الدولى فى المحكمة الجنائية الدولية، وخطوة على الطريق فى الإدانة المتوقعة لإسرائيل من محكمة العدل الدولية، بانتهاك اتفاقية جريمة الإبادة الإنسانية، حتى لو استغرق الحكم سنوات.

إن ما تمارسه إسرائيل منذ عقود، يستهدف غرس اليأس، واغتيال حلم الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة، تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم مثل كل شعوب الأرض، واستكمالاً لهذا النهج، لا تتورع زعيمة حركة الاستيطان الصهيونية، أن تعلن بصفاقة إعادة الاستيطان فى غزة كامتداد لإسرائيل، وتؤكد أن قطع كل سبل الحياة الإنسانية عن الفلسطينيين، يهدف لإجبارهم على المغادرة، وإرغام مصر وتركيا وأوروبا على استيعابهم، وتزعم أنهم أصحاب السيادة على أرض إسرائيل، ومن يريد البقاء؛ عليه أن يتقبل ذلك!! بالله عليكم أليست تلك شهادة تضاف إلى قائمة الجرائم الصهيونية بالمحكمة الجنائية الدولية!؟